8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

سيناريوات كثيرة لتنصّل الحكومة من المحكمة.. ولكن بلا جدوى

لا تزال أوساط رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تؤكد إصراره على الالتزام بالقرارات الدولية وبالمحكمة الخاصة بلبنان من ضمنها، في البيان الوزاري الذي يتم إعداده للحكومة اللبنانية. كما أنها تشير الى أن المحكمة ستكون مذكورة والتزام لبنان بها كامل، لكن الصيغة التي سيتم الخروج بها للتعبير عن ذلك، لا تزال غير واضحة.
لكن ما هو واضح أيضاً، وجود محاولات من قوى داخل الحكومة للضغط في اتجاه التنصل من العلاقة بالمحكمة، وفقاً للأوساط. فلا في المنطق ولا في القانون يستطيع الرئيس ميقاتي التنصل من المحكمة وتحمّل تداعيات هذا التنصل. فهو الشخصية السنية الذي يريد أن يعرف من قتل الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه. وفي القانون، الدول الكبرى تنتظر كلها وتراقب عن كثب كيف سيكون البيان الوزاري لجهة التزام لبنان بالمحكمة أولاً.
حتى أن الأوساط، تقول، إن أي جهة لبنانية لا يمكنها تحمّل تداعيات أي اتجاه للتنصل من المحكمة، وبالتالي لن يكون هناك بيان وزاري من دون الالتزام بالقرارات الدولية، والمحكمة جزء منها، والمهم الآن هو سبل مقاربة هذا التوجه ونيل الحكومة الثقة.
إلا أن مصادر ديبلوماسية بارزة، لا تستبعد أن يخرج البيان الوزاري بصيغة للمحكمة، ترمي مسؤولية العلاقة بها على المجلس النيابي أو مجلس الوزراء أو الحوار الوطني الداخلي. كما أنها لا تستبعد أيضاً وجود عدم إعلان موقف ضد المحكمة في البيان الوزاري أو في أي محطة أخرى للحكومة.
إذ إن أركان الحكومة جميعهم يستشعرون صعوبة المرحلة لناحية موضوع المحكمة ودقة الوضع وتعقيداته. لذلك لن تكون هناك مواقف رافضة للمحكمة، بل سيحل محلها أسلوب جديد في التعامل مع المحكمة وطلباتها. كما لن تكون هناك مواقف علنية رافضة لتمويلها.
وهذا الأسلوب، يكمن في أن يتزامن عدم إعلان موقف سلبي منها، مع عدم الرد على طلباتها وعلى الضغوط الدولية التي سترافق هذه الطلبات، فتأتي مثلاً طلبات تمويل لبنان لحصته فيها، أو أي طلبات قضائية متصلة بمجرى التحقيق، ليتم وضعها في الجوارير. الأمر الذي يؤخر الرد عليها، ويؤدي الى كسب وقت معها ومع المجتمع الدولي في آن واحد. وهذا الأسلوب في اعتقاد من يريد اتباعه، يؤخر عمل المحكمة، كما يؤخر ردّ الفعل الدولي حيال مثل هذا السلوك. ويعني ذلك بالنسبة الى من سيتبعه، أن ليس هناك مهاجمة مباشرة للمحكمة ولا اصطدام مع المجتمع الدولي، لكي يتم تلافي عزل لبنان دولياً.
وفي رأي المصادر، أنه في النهاية يجب على لبنان أن يردّ على طلبات المحكمة وطلبات الأمم المتحدة الخاصة بها. فإذا انتظرت الدول الرد اللبناني على الطلبات ولم يتم، ولم يتعاون لبنان، فالسؤال المطروح، هل يستطيع لبنان خداع المجتمع الدولي ومجلس الأمن؟ الانتظار يكون الى حدّ زمني معيّن، لكنه لن يطول الى ما لا نهاية.
ويبدو أن المرحلة تصبح أكثر صعوبة، إذا ما صدر القرار الاتهامي مطلع تموز المقبل كما تُجمع مصادر عدة في توقعاتها. إذ عندها، ستطلب المحكمة طلبات عدة منها أشخاص للشهادة أو للمحاكمة. الأمر الذي سيفتح موضوع مذكرة التعاون بين لبنان والمحكمة على مصراعيه، وهنا سيُظهر بالفعل مدى تعاون لبنان أو عدم تعاونه. كما أنه بعد نيل الحكومة الثقة، ستطلب الأمم المتحدة من الحكومة تسديد مساهمتها في تمويل المحكمة. وبالتالي، ستوجه رسالة ثانية الى لبنان في هذا الخصوص، والرسالة الأولى كانت وجهت بداية سنة 2011 الحالية، أيام حكومة الرئيس سعد الحريري.
وتبعاً لذلك، مهما كانت صيغة البيان الوزاري فهناك المسائل ذات الصلة بالمحكمة ويجب على لبنان اتخاذ موقف حيالها. وستكون هناك طلبات من المحكمة للوزارات اللبنانية للتعاون معها فيها. إن للأمر استحقاقات بالغة يُفترض حسم طبيعة التعامل معها، إذ إن القرار الاتهامي هو الأول وليس الأخير، وستصدر قرارات اتهامية أخرى. كما أن إعلان القرار الاتهامي، لا يعني أن التحقيق انتهى بل إنه مسار قضائي طويل، وتعاون لبنان معه مطلوب وفقاً للقرار 1757، المهم كيف ستتعاطى الحكومة مع كل هذه المستجدات، والوضع ليس سهلاً. وبعد إعلان القرار هل هناك قدرة على الطعن بالأدلة أم لا؟

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00