يواكب عدم ارتياح الإدارة الأميركية لتطوّر الموقف في لبنان، وصولاً الى تشكيل حكومة بالطريقة التي شُكّلت بها، ضغوط قوية من الكونغرس، هي أكثر من تهويل على حد ما تقوله مصادر ديبلوماسية بارزة في واشنطن، بالنسبة الى ضرورة وقف المساعدات العسكرية للبنان وكذلك المساعدات الاقتصادية. إذ إن أجواء الكونغرس حول علاقة المساعدات مع لبنان غير جيدة، لكن السؤال، هل تخضع الإدارة لمشيئة الكونغرس، أم أن الإدارة ستحاول إقناعه بمزيد من المرونة مع لبنان، أقله انتظاراً لإقرار البيان الوزاري للحكومة اللبنانية ومعرفة توجهاتها وبرنامجها وأدائها؟.
ثمة تفاوت كبير في النظرة الى استمرار المساعدات للبنان بين الإدارة والكونغرس، إنها مشكلة أميركية عنوانها لماذا مساعدة لبنان، فالولايات المتحدة، وفقاً للمصادر، هي في الظرف الراهن تحتاج الى توفير الأموال، ولبنان لم يعد مضموناً بالنسبة الى الصداقة معها، فلديه حكومة يطغى على قرارها حزب الله، وتشكّلت أخيراً بقرار من القيادة السورية القوية في لبنان، في حين أن بين الحزبين الجمهوري والديموقراطي صراعاً واسعاً، وسيزداد كلما دخلت الولايات المتحدة أكثر في دائرة الاقتراب من موعد الانتخابات الرئاسية في بداية تشرين الثاني 2012. والكونغرس جمهوري في أغلبيته، والإدارة للديموقراطيين.
الإدارة، تحسب مع لبنان كل الحسابات، فهي لا تريد التسرّع في اتخاذ إجراءات على سبيل وقف المساعدات للبنان، وهي بالتالي لا تريد أن تخسر لبنان، إذ تعتقد أنه من خلال الاستمرار في المساعدات على أنواعها، تحافظ على الربط مع لبنان. قد تكون هناك نيّة لإعادة صياغة طريقة توزيعها وتخصيصها، إنما هذه المساعدات لن تتوقف، لا سيما تلك الخاصة بالجيش اللبناني والمؤسسات الرسمية أو الحكومية، إذ إن وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون قالت إن الجيش اللبناني والجيش المصري مهمان جداً، ما يؤشر الى الأهمية الأميركية للجيش ومساعدته.
وبالتالي، لا تريد واشنطن ترك أصدقائها ولا ترك لبنان، وهي لا تريد أن تلعب لعبة حزب الله أو إيران، لتسليم البلد لهاتين الجهتين. فهي أقرب حالياً الى تأجيل الاستحقاقات مع لبنان وتبعاً لذلك تأجيل محاسبة ما حصل فيه على الرغم من انزعاجها القوي مما حصل. لكن ذلك لا يعني أن لبنان ليس على عتبة مرحلة صعبة أو معقّدة مع الولايات المتحدة، لكن في كل الأحوال العلاقة الأميركية مع لبنان لن تُقطع.
أما الكونغرس، الذي يريد استصدار قانون لإجراءات ضد لبنان في ظل سيطرة حزب الله على الحكومة، فهو مع توفير المال، انطلاقاً من خلفية اقتصادية لما هو عليه الواقع الاقتصادي في الولايات المتحدة. وهو يستمع لا بل يصغي الى الضغوط الداخلية في بلاده من إعلامية وشعبية، مع ما يعني ذلك من تشدد، خصوصاً وأن وضع لبنان سياسياً غير مضمون. وثمة مساع من الإدارة لإقناع الكونغرس بوجهة نظرها، من حيث الأخذ في الاعتبار ما يبعد الضرر عن السياسة الأميركية حيال لبنان.
ويبدو أن الجمهوريين على عتبة التحضير للانتخابات الرئاسية لن يساعدوا الرئيس باراك أوباما في شيء، لا في لبنان ولا في أي موقع في العالم ولا في السياسة الداخلية، لا سيما في الموضوع المالي.
وكم بالحري في موضوع المساعدات للبنان، وللأسباب التي باتت معروفة. وتكمن صعوبة الموقف مع الأميركيين في أن العلاقة مع لبنان دخلت في الخلاف الداخلي الأميركي بين الديموقراطيين والجمهوريين. لن تقطع العلاقة مع لبنان لكن هناك إحراجات كبيرة.
ويبلغ ما تقدمه الولايات المتحدة من مساعدات عسكرية واقتصادية 225 مليون دولار سنوياً. وإذا ما وضعت المساعدات لإسرائيل جانباً، فإن لبنان لديه أكبر مساعدة أميركية، مع الإشارة الى أن مساعدة مصر بمليارين سنوياً يمكن النظر إليها من ناحية الكثافة السكانية ومن ناحية التركيز عليها وعلى تونس بعد التغييرات التي حصلت في كل منهما. وهذا أيضاً إذا ما استثني الوضع العراقي والمساعدة التي تقدم للعراق. المطلوب أميركياً الحفاظ على الالتزامات اللبنانية بالتعاون مع القرارات الدولية. القرار 1701 مهم جداً، والمحكمة الخاصة بلبنان أولوية.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.