تلاحظ أوساط ديبلوماسية في عاصمة عربية ناشطة، وجود تحضيرات إسرائيلية وتعزيزات على حدود إسرائيل الشمالية أي مع لبنان، الأمر الذي يُخشى معه أن يكون هناك صيف حار، يؤدي الى اندلاع حرب ضد لبنان، لأن الجبهة معه هي المتنفس الوحيد، بالتزامن مع انزعاج إسرائيلي بالغ من استحقاق أيلول على صعيد إعلان الدولة الفلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
إلا أن مصادر ديبلوماسية غربية بارزة تستبعد قيام إسرائيل بحرب على لبنان في المدى القريب، على الرغم من عدم احتساب نواياها التي يمكن أن تفاجئ من خلالها كل الدول المهتمة بالاستقرار في المنطقة. ويعود سبب هذا الاستبعاد الى جملة عوامل لعل أبرزها ما يلي:
ان قرار الحرب هو قرار كبير، وأي حرب ستشنها إسرائيل ضد لبنان سيكون تأثيرها في إعادة توحيد العالم العربي ضدها وإعطاء زخم جديد في هذا المجال. فقد عملت حرب تموز 2006 على توحيد الدول العربية ضد هذه الحرب، وهذا ما لا تريده إسرائيل، لا بل ان أي فوضى تتم من جراء الثورات العربية تخدم إسرائيل لأن قوى الممانعة تكون قد عملت على استنزاف طاقتها في حرب داخلية، وهذا أفضل من أن تقوم هي بحرب توحّد هذه القوى.
ان أي حرب في الظرف الراهن قد لا تكون مفرملة وفقاً لأهداف إسرائيل. بل انها قد تلجأ الى الحرب لكن لا تعرف كيف تنهيها، الأمر الذي يجعلها تحسب حسابات على الرغم من استعداداتها الكاملة والرسائل التي وجهتها في هذا السياق من خلال أحداث الجنوب الأخيرة يوم ذكرى النكبة.
ان إسرائيل لن تقوم بحرب في المرحلة الراهنة من الثورات العربية، إذ أنها تريد أن تعرف أولاً، الوضع الجديد الذي سترسو عليه هذه المستجدات التي تطال المنطقة. وهي تدرس هذه المتغيرات والمدى الذي قد تصل إليه، والسبل الآيلة الى التأقلم معها، والطريقة التي يمكن أن تتموضع معها في سياق التطورات. كما انها تدرس ما إذا كان التغيير يعقد أوضاعها أم يسهلها. فالوضع بالنسبة إليها لا يزال غير واضح، ولا ترى فائدة كبيرة في الدخول في حرب حالياً. وهناك قراءتان إسرائيليتان لما يحصل. الأولى تقول ان الأنظمة الموجودة تحافظ على الاستقرار والهدوء، وليس هناك من تشجيع للإطاحة بها. وبالتالي، فإن الأنظمة الجديدة يفترض أن يكون خطابها أقرب الى نَفَس الشعوب التي تناهض إسرائيل وتريد استعادة الأرض. أما الثانية فترى أنه على المدى الطويل، وجود أنظمة ديمقراطية تحيط بإسرائيل أفضل لها ويخدمها. وان أي حرب ضد أي موقع عربي يغذي الشعور العدائي ضد إسرائيل. والأنظمة الديمقراطية في جوار إسرائيل لها فائدة في إضعاف المحور الإيراني السوري. في كل الأحوال هناك قلق إسرائيلي من انعكاسات ما يحصل على الصراع العربي الإسرائيلي والاتجاهات التي قد يسلكها في ضوئه.
ان الولايات المتحدة لم تعطِ الضوء الأخضر لقيام حرب اسرائيلية ضد لبنان. وهناك رغبة أميركية في انتظار ما سترسو عليه الأمور في المنطقة، والأولويات الأميركية هي استقطاب نتائج التغييرات لمصلحة الاستراتيجية الأميركية في المنطقة والسيطرة على الموقف قدر الإمكان.
ان القرار 1701 وفّر في الجنوب وعلى الحدود اللبنانية الإسرائيلية منطقة هادئة ومستقرة وفق معادلة سياسية أمنية قَبِلَ بها كل الأطراف المعنيون بالوضع في الجنوب. وهذه المعادلة مستمرة وليس هناك من فريق يرغب في تعديلها أو تغييرها. حتى ان إسرائيل وفور إعلان تشكيل الحكومة اللبنانية، دعتها الى مراقبة تنفيذ هذا القرار. من جهته، ينفذ لبنان ما يمكنه تنفيذه من الـ1701، ويطالب إسرائيل بتنفيذ ما عليها.
والبيان الوزاري للحكومة سيلتزم القرار وسيتمسك به. ومن المقرر أن يقدم لبنان طلباً رسمياً الى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في تموز المقبل، للتجديد سنة لـاليونيفيل التي تنتهي ولايتها نهاية آب. وثمة إجماع دولي على الاستجابة لطلب التمديد على أساس أهمية وجود اليونيفيل في المنطقة لتنفيذ الـ1701.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.