بعد تشكيل الحكومة اللبنانية برئاسة نجيب ميقاتي، بدأت الأنظار الدولية تتجه الى مهمة هذه الحكومة وبرنامج عملها وطريقة تعاطيها مع التزامات لبنان بالقرارات الدولية، لا سيما ذات الصلة بالمحكمة الخاصة بلبنان. التشكيلة الوزارية لم تلاق ارتياحاً دولياً، فواشنطن لم تكن تريد في البدء التعبير عنه، لكن عادت وعبرت. لكن انتظار الأفعال، ووضع الحكومة تحت المجهر هو الأولوية لدى المجتمع الدولي.
ومن الواضح، استناداً الى مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع، ان قدرات الحكومة على المواجهة للمجتمع الدولي غير محسومة، وليس من أحد يمكنه اتباع المواجهة التي سادت قبل أشهر. لكن كل شيء يتوقف على مدى الضغط السوري في هذا الاتجاه. لكن حتى الآن هناك منحى لذكر التزامات لبنان حيال المحكمة بطريقة مبهمة. فلا رئيس الجمهورية ميشال سليمان، ولا رئيس مجلس الوزراء يريدان هذه المواجهة، وهما وفريقهما أكثر اعتدالاً في التعامل مع تعاون لبنان والقرارات الدولية. وإذا ما صدر البيان الوزاري وأقر قبل صدور القرار الاتهامي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه المنتظر نهاية هذا الشهر أو في بداية تموز المقبل، يكون لبنان قد تجنب في البيان خوض مواجهة مع المجتمع الدولي، على ان يتعامل مع القرار بعد صدوره بالشكل الذي ترتئيه الحكومة، والتي لا بد ان تتعرض في ذلك لتأثيرات خارجية.
كذلك من الواضح ان هناك قراراً سياسياً، بأن لا تكون لهجة البيان الوزاري لناحية التعاطي مع هذه المسألة، هجومية. على ان يتم التعامل مع التفاصيل بطريقة أخرى غير تلك التي كانت سائدة أيام معارضة الحكومة السابقة. فيستفاد من هذا الأسلوب لتلافي تعرض البلاد للمحاصرة الدولية، لكي لا يتحمل حزب الله النتائج لانه هو في السلطة والأكثر تأثيراً في مجريات الأمور. إذ يتجنب في ذلك، تحقيق الهدف عبر العزلة الدولية، والمواجهة المباشرة المجانية. الأمر الذي سيؤدي حتماً الى اختيار طريقة أخرى لتحقيق ردود الفعل.
الموقف الأميركي الحذر والمنزعج من التشكيلة، بحسب المصادر، لم يتخذ خطواته العملية بعد، على الرغم من التهويل الذي يتم أو رسائل التحذير، لا سيما من خلال ما قالته رئيسة لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس حول وقف المساعدات للبنان، لكن المصادر، تشير الى ان الإجراءات الأميركية لن تتخذ بسرعة، وسيتم إعطاء فرصة، لا سيما وان لبنان في المرحلة السابقة كان حليفاً للولايات المتحدة، ولا اتجاه لوقف عدائي فجائي أو ردة فعل قاسية. وبالتالي، ان المرحلة هي لانتظار البيان الوزاري.
وفي ذلك، انتظار لما سيتضمنه البيان بالنسبة الى التعاون مع مجمل القرارات الدولية والمحكمة تحديداً، وكيف سيكون عمل الحكومة. وترى واشنطن، وفقاً للمصادر ان تأليف الحكومة كان مفاجأة بالنسبة إليها، بسبب إنجاز ذلك في ظل ظروف ضاغطة بقوة خصوصاً ما يتصل بدمشق التي هي في مأزق داخلي. فالرافعة السورية كانت في الملف اللبناني وهي الورقة ذات المكاسب. لكن هناك إجراءات ستتخذ حيال لبنان إذا لم يتعاون مع المحكمة أو مع أي قرار دولي، هناك مراقبة وانتظار لغلط ما في السلوك اللبناني.
ان طبيعة التعامل الأميركي مع سلوك الحكومة اللبنانية سيتحدد أيضاً في ضوء الوضع الإقليمي وتحولاته وسبل ترجمته وإنعكاساته، بحيث انه إذا ما حصل تغيير جذري في هذا الوضع، فإلى أي مدى ستتمكن الحكومة التي كانت وليدة ظرف معين، ان تعيش وتبقى. ان هناك تأجيلاً لأي إجراءات مع لبنان لمعرفة كيفية الأداء وطبيعة البيان الوزاري، تلافياً من الإدارة الأميركية للدخول في مواجهة مفتوحة مع لبنان. إذ ان هناك تجنباً للدخول في مواجهة مفتوحة مع القيادة السورية قائمة بالتزامن مع هذا الملف من حكومة لبنان. والمواجهة الأميركية مع سوريا قائمة، لكنها ليست كسر عظم. هناك أبواب لا تزال مفتوحة لهذه القيادة.
أما الموقف الفرنسي، فيقول بأنه من المبكر لأوانه إعطاء موقف حيال الحكومة، في انتظار البيان الوزاري وقراراتها وإجراءاتها وليس هناك من رأي حول التشكيلة والأشخاص، المهم ان يكون هناك حكومة وهذا عنصر ايجابي للبنان، وهو أفضل من عدم وجود حكومة. يجب، بحسب المصادر، انتظار الأفعال والحكم المسبق ليس من تقاليد فرنسا. والمهم ان لبنان يحترم التزاماته الدولية وفرنسا حريصة على ذلك.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.