8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

اللاقرار في نوعية الحكومة على وقع ضغوط ومحاولات لإرساء تفاهم دولي مع دمشق

من بين الاسباب الكامنة وراء تعثر تشكيل الحكومة والمرشح للاستمرار أسابيع أو اشهر إضافية، وفقاً لأوساط ديبلوماسية عربية بارزة، ما يتصل بالنفوذ السوري في موضوع التشكيل.
اذ تستبعد الأوساط، ان تكون هذه الناحية من التأثير في التشكيل مع القوة الأخرى المؤثرة وهي حزب الله، قادرتين على اتخاذ القرار. وهما الجهتان اللتان أطاحتا حكومة الوحدة الوطنية برئاسة سعد الحريري وتفاهم الدوحة. وفي هذا الوقت المستقطع يحاول رئيس تكتل التغيير والاصلاح ميشال عون ملء الفراغ للضغط في تجاه زيادة مكتسباته، واللعب لتحصين الأوراق التي تضغط على هاتين الجهتين.
عندما أطيحت حكومة الحريري، كان ثمة قرار بالذهاب الى حكومة مواجهة. وهذا الخيار لم يعد اللجوء اليه سهلاً في ظل الأوضاع المستجدة في المنطقة، والوضع الداخلي السوري. وما عاد ممكناً اتخاذ قرار حكومة مواجهة تتم من خلاله مواجهة المجتمع الدولية، والمملكة العربية السعودية، والطائفة السنية في كل العالم العربي ارضاء لـحزب الله وايران.
والان لا يوجد قرار في نوعية الحكومة التي يفترض ان تتشكل في لبنان. اي لا قرار حول ما اذا ستكون حكومة مواجهة، او مهادنة او تسويات. لذلك هناك تعثر في تشكيل الحكومة. واذا استطاعت دمشق ان تتجاوز ازمتها الداخلية، فانها ستذهب حتماً في لبنان الى حكومة مواجهة، واذا استمر عدم الحسم في تجاوز الأزمة، فإن الأمور ستبقى عالقة حتى اتضاح الرؤية في سوريا. من هنا، لم يتم القبول بحكومة اختصاصيين، أو بحكومة انتقالية تترك جانباً التأثيرات السياسية، وتنصرف الى الاهتمام بشؤون الناس، لأنها ستكون حكومة حيادية لن تأخذ مواقف سياسية. ولا يزال هناك ضغوط لتشكيل حكومة سياسية تتخذ موقفاً اذا أمكن ذلك. وحتى هذا الخيار متعثر للاسباب التي اشرنا اليها. وما الحركة المتجددة المتصلة بتفعيل المساعي للتشكيل سوى اتصالات للابقاء على البحث سار من دون ان يكون هناك جدية حقيقية تؤدي الى التشكيل.
أمام هذا الواقع، هناك حديث عن إعادة تفعيل حكومة تصريف الأعمال. لكن هذا الطرح متعلق بمدى قبول حزب الله وحلفائه به، من أجل المشاركة في جلسات الحكومة.
وما حصل في موضوع وزارة الاتصالات اخيراً، مؤشر ذو مغزى سياسي متصل بالمحكمة الخاصة بلبنان، والتلميحات التي لفت اليها المدعي العام القاضي دانيال بيلمار، حول اعادة دراسة القرار الاتهامي وان هناك أموراً جديدة. وقبله ما جاء على لسان الرئيس الأميركي باراك أوباما حول حزب الله واتهامه باغتيالات سياسية. الأمر الذي تحرك عون في سياقه لإرسال رسالة حول اهمية وزارات الاتصالات والداخلية والعدل، بالنسبة اليه كحصة في الحكومة وهي الوزارات الثلاث التي تعمل المحكمة معها. كلها جاءت في الوقت الذي لم يتضح بعد الموضوع السوري، وفي وقت تواجه فيه سوريا ضغوطاً من بينها ايضا ملفها النووي التي قبلت أخيراً بالتفتيش له. والضغوط على سوريا تنعكس على لبنان في جزء منها.
وبالتالي، ان تشكيل الحكومة اللبنانية، ليس في هذه البساطة. فاذا تم تشكيل حكومة مواجهة. اي موالية لها، فهذا جيد. واذا حكومة تسوية فهذا لن يتم السماح به، لأنها لن تكون حكومة فاعلة، بحسب الأوساط، وان هذه الحكومة تحتاج الى الثقة في المجلس النيابي، وهناك توازنات سياسية لا يمكن تخطيها. كما انه في مجال التعاون مع المحكمة فالدولة مسؤولة وانه يمكن تخطي الوزارات التي هي معنية بالتعاون، أو الوزير المعني اذا ما اعترض على ذلك، الأمر الذي يقلق الأكثرية الجديدة والدول التي ترعاها.
دمشق الآن في مرحلة محاولة ارساء تفاهمات مع المجتمع الدولي. وهناك مجال متروك لتركيا، لكي تسعى مع سوريا لتلبي الاصلاحات المنشودة. وهذه المحاولة تحتاج الى وقت لبلورة نتائجها. في وقت تتولى تركيا التفاهم مع الاخوان المسلمين في مصر. هناك حركة سياسية تحيط بلبنان، قد تنتج تسوية كبرى، وقد لا تنتج تسوية، ولا بد ان لبنان سيتأثر باية تسوية أو انعدامها، لا سيما وان الجنوب نقطة احتكاك بما يرتبط بقناة تمويل الحزب عبر سوريا بالسلاح، ثم في موقف حكومة لبنان من اي صراع مستقبلي. في حين ان لدى اسرائيل غطاء دولياً في حال رأت ضرورة القيام بضربة، ثم هناك العامل الايراني والعامل السوري المتصلان بالتأثير في الداخل، في شتى المجالات. فضلا عن العامل الاقتصادي اللبناني وتداعياته.
وهناك توقع بأن شهري حزيران وتموز مخصصان لبلورة مشهد معين في المنطقة. لذلك يبرز تاريخ جديد لإمكان تشكيل الحكومة في نهاية تموز، وحديث عن مرحلة دقيقة يمر فيها لبنان من الآن وحتى ذلك الموعد.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00