لن يكون في إمكان الرئيس المكلف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي الانتظار الى ما لا نهاية لتشكيل الحكومة. والمجتمع الدولي لم يكن ليدرك أن تشكيل الحكومة اللبنانية سيأخذ متسعاً من الوقت بهذا الشكل، فقد أحجم عن إيفاد المسؤولين لاستكمال مخاطبة لبنان والتواصل معه، على مستوى رفيع في فترة التشكيل، انتظاراً للنتائج ولكي يكون أي تحرك في اتجاه لبنان بعد تشكيل الحكومة.
الرئيس ميقاتي بحسب ما أعلنت أوساطه، أنه سيكون له الكلام المناسب في الوقت المناسب بالنسبة الى إعلان تشكيل الحكومة. وهذا القول هو محور ترقب داخلي وخارجي، إلا أن أوساط الرئيس المكلف، تؤكد أن هناك مشكلة في التأليف وهي تواجه الرئيس، ويبدو أن تجاوزها غير ممكن في ظل السقوف السياسية المرتفعة، إذ إن معوقات التأليف هي داخلية صرف ويتحمّل مسؤوليتها الأطراف الذين يرفعون المطالب الواحدة تلو الأخرى، على حساب المنطق، ودور المؤسسات والشراكة الحقيقية.
أمام هذا الواقع، تشير الأوساط الى أن الجولة الجديدة من المشاورات والاتصالات حول تسهيل التأليف والتي تميّز المرحلة الحالية، تعني بالنسبة الى الرئيس المكلف، أن الوضع في مراحله النهائية، وأن الأمور باتت تدخل منعطفاً شبه حاسم لا عودة فيه الى الوراء. والرئيس المكلف اتخذ قراره في أن لا مشاورات للتأليف الى ما لا نهاية، مع أنه يعطي هذه المرحلة وقتها ومداها من ما يجب أن تستحوذه من أخذ ورد، وطروح جديدة، وأخرى مقابلة. لكن الرئيس هو الذي سيحدد الوقت المناسب لوضع حد لمشاورات لن تفضي الى نتيجة، واتخاذ قرار إعلان تشكيلته الحكومية بالخيارات المتاحة.
وهناك من يحمّل الرئيس المكلّف المسؤولية في تأخير إعلان الحكومة، لكن ليس صعباً على الرئيس المكلّف أن يقول ماذا يحصل معه. لكن انطلاقاً من مسؤولياته الوطنية، وفقاً للأوساط، فإنه يفسح المجال أمام المساعي المبذولة لاستنفاد طرق المعالجة.
والخيارات المتاحة أمام الرئيس المكلّف اثنان، أي ما كان أعده لدى تكليفه، بالتوافق مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان. الأول: تشكيلة من 30 وزيراً من سياسيين مطعمة بأصحاب اختصاص، والثاني تشكيلة من 24 وزيراً من أصحاب اختصاص. والتشكيلتان جاهزتان وهما توفران التوازن في التمثيل لكل الأطراف، والإثنتان تلائمان كل الأطراف. وهذان الخياران متروكان لوقتهما الذي بات قريباً على ما يبدو، لأن كل الطروح لم تحقق تقدماً جوهرياً، لا سيما في المرحلة الجديدة والنهائية كفرصة معطاة.
إلا أن الأوساط تدرك تماماً أن إعلان الحكومة من جانب الرئيس المكلف إذا لم تفلح المشاورات، دونه محاذير لكنه يضع المشكلة في مكان آخر، إذ معه تصبح الأنظار متجهة الى نيل الحكومة الثقة. وإذا لم تنلها، فإنها تبقى حكومة تصريف أعمال، تحل محل حكومة تصريف للأعمال الحالية برئاسة سعد الحريري، ولها الصلاحيات نفسها، ولا تحل المشكلة، ولا تناسب ميقاتي الذي انتظر لأشهر كي يخرج بحكومة تصريف أعمال.
ومع ذلك، لا تزال مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع تستبعد أن يعلن الرئيس المكلّف أي تشكيلة رغم رغبته ذلك، وأن الأمور قد تبقى على هذه الحال مدة طويلة لسببين أساسيين هما:
- أن جميع الأطراف يلعبون على عامل الوقت إذ إنهم يعتبرون أن عامل الوقت هو لصالحهم. ومن بين الأطراف من يفضّل أن تصدر تفاصيل القرار الاتهامي عن المحكمة الخاصة بلبنان في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري قبل التأليف لكي تجنب الحكومة اتخاذ موقف. ومنهم من ينتظر ليرى كيف تتطور في سوريا، مع العلم أن كل الأطراف الموالية لسوريا، تشعر بضعف وعدم القدرة على اتخاذ قرار واضح.
لكن يبقى الأهم كيف سيعبر لبنان واللبنانيون هذه المحطات التي تنعكس بصورة واضحة على حياتهم اليومية، وبقاء الأمور لفترة طويلة على هذا النحو لا يخدم مصالحهم.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.