ما هي طبيعة الاهتمام الأميركي بالوضع اللبناني في المرحلة الحالية، وهل يمكن القول إن لبنان ليس في أولوية هذا الاهتمام، وما هي الظروف التي تؤثر في ذلك؟
ثمة نقاط كثيرة تحكم النظرة الأميركية بالنسبة الى التعامل مع الوضع اللبناني في سماته الحالية، ولا يمكن في إطارها القول، إن لبنان ليس في أولوية الاهتمام الأميركي، وفقاً لمصادر ديبلوماسية غربية بارزة. إذ ان ما يحصل في المنطقة العربية يطغى على الموقف من دون ان يعدّل في الأولويات، لان الإدارة الأميركية قادرة على الاهتمام بأي وضع إذا ما ارادت ذلك. وهذه النقاط هي كالآتي:
ـ هناك مراقبة أميركية حثيثة للوضع اللبناني، إذ ان انتظار تشكيل الحكومة الجديدة وتشكيلتها وبيانها الوزاري هو السائد حالياً. لذلك لم يحضر الى لبنان في الأشهر القليلة الماضية موفدون أميركيون ففي ظل حكومة تصريف الأعمال وانتظار التشكيل، فإن الإدارة قادرة على ان تواكب الوضع اللبناني، وان توصل الرسائل الديبلوماسية، التي تريد ايصالها من دون ان توفد مسؤولين لهذه الغاية. وهي أوضحت الرسائل المتصلة بضرورة احترام لبنان للقرارات الدولية والالتزام بها من جانب الحكومة الجديدة. وطالما ان لا طوارئ خاصة بالوضع اللبناني، فإن هناك تفضيلاً لإيفاد المسؤولين بعد تشكيل الحكومة.
ـ تراقب بدقة ليس فقط شكل الحكومة وبيانها الوزاري، انما أيضاً مدى تأثير حزب الله عليها على المستويات كافة. ويبدو أن ذلك محور دراسة وتقويم منذ اللحظة التي أدت الى استقالة الحكومة برئاسة سعد الحريري حتى الآن، وفي ظل استمرار العراقيل أمام تأليف الحكومة الجديدة.
ـ تأكيدات أميركية ثابتة باستمرار تسليح الجيش اللبناني بحسب البرنامج المعمول به. والإدارة مصرّة على تقديم هذه المساعدات، لا سيما وأن صدور القانون الذي يتحفظ حيال حزب الله أعطى في الوقت نفسه مجالاً للرئيس باراك أوباما صلاحية اتخاذ القرار إذا ما كانت تصل المساعدات الأميركية الى الجيش أم لا.
ـ شددت الولايات المتحدة أخيراً التحذيرات لرعاياها من التوجه الى لبنان، في مناسبة تجديد هذه التحذيرات كل ستة أشهر. وما ألقى بثقله على تشديدها، هو خطف الأستونيين السبعة، والاعتداء على موكب السفارة الأميركية في صيدا، وتفجير كنيسة زحلة، ثم التقويم الذي تجريه للوضع السياسي والأمني حيث لا حكومة ولا قرار ممسوكاً، وهذا الأمر يقلق الإدارة نظراً الى أبعاده وإنعكاساته، وضرورة أخذ الحذر.
ـ وتضاف الى المؤثرات الداخلية، تلك المحيطة بلبنان، حيث ان ما يحصل في المنطقة يجعل الغموض يلف ردود الفعل إذا ما تطورت الأمور، وإذا ما كان ذلك سيطال لبنان بشكل أو بآخر. لذا، هناك تخوف أميركي من ان يتأثر لبنان بأي ردود فعلية نتيجة أوضاع مستجدة محيطة به. مع الإشارة الى ان واشنطن تتخذ مواقفها حيال أي تطورات محيطة على أساس مدى قوة هذه التطورات واستمرارها وامتداداتها، وهي ترافق تطورات تلك الأوضاع، والشعب هو المؤثر الوحيد في المواقف الدولية ومسارها.
ويذكر ان هناك نقاشاً داخل إسرائيل، وبين إسرائيل والولايات المتحدة حول تطورات الموقف في كل دول المنطقة. ومن غير اللازم ان توضح واشنطن سياساتها في التعامل مع الأوضاع المستجدة في المنطقة منذ البداية وكل ذلك يعتمد على التحركات الشعبية واتجاهاتها ومدى ثباتها.
بالنسبة الى تعاون لبنان مع القرارات الدولية، لا سيما ما يتعلق منها بالمحكمة الخاصة بلبنان، هناك عدم تراخٍ أميركي، ولهذا يتم انتظار البيان الوزاري للحكومة الجديدة، بحيث يتم تقويمه ولن يكون هناك أي تردد في ايجاد ضغوط دولية للعودة الى مجلس الأمن لينظر في أي مسألة تتصل بتمنّع لبنان عن الالتزام بتعهداته الدولية. لكن كل شيء سيتم في حينه، ولن يكون هناك استباق للأمور.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.