أجريت في المدة الأخيرة اتصالات دولية ودولية عربية، لإعطاء اندفاعة جديدة للمساهمات في تمويل المحكمة الخاصة بلبنان، لأن الباقي في صندوقها لا يكفي سوى لشهر نيسان الحالي، ومن الضروري تجميع الأموال من جديد، لكي تغطي حتى نهاية 2011، ولرصد التمويل لسنة 2012 المقبلة.
وما ألقى بظلاله على مالية المحكمة، هو تأخر لبنان في تسديد حصته في موازنتها، والبالغة نحو 33 مليون دولار، أي 49 في المئة من الموازنة البالغة 67 مليون دولار لهذه السنة. وكانت الأمم المتحدة أرسلت كتاباً الى لبنان تطالبه فيه بتسديد حصته، ويتوقع بحسب مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع، ان تستمر المنظمة الدولية في الطلب الى لبنان التسديد، ولا سيما إذا تشكلت حكومة جديدة، لأنها لن تتراجع عن دورها في تأمين التمويل اللازم للمحكمة بحسب نظامها الأساسي.
لكن المسألة التي تبرز في ضوء استمرار تأخر تشكيل الحكومة، هي الطريقة التي ستتم بها مخاطبة لبنان لتسديد التزاماته المالية، فضلاً عن ان تشكيل الحكومة، لن يحمل في حد ذاته حلاً للمشكلة، لأن التخوّف قائم بالنسبة الى مستقبل العلاقة بين لبنان والمحكمة في ظل حكومة من لون واحد، وظروف الإتيان بها باتت معروفة للجميع.
وتفيد المصادر، انه نتيجة الضغوط الدولية وتضافر الجهود في اتجاه ضرورات التمويل، أعلنت المملكة العربية السعودية مساهمتها بـ10 ملايين دولار وكندا بمليون دولار. ومساهمة المملكة تعني ان الدول الخليجية الأخرى ستبدأ بالتمويل لهذه السنة لا سيما الإمارات العربية المتحدة والكويت.
وهذا التمويل يفي بمتطلبات المحكمة حتى شهر حزيران المقبل، فتكون قد وصلت مساهمات كل من الولايات المتحدة التي قررت وضع مساهمة لسنة 2012 في صندوق المحكمة قبل الآن، وهي تبلغ 10 ملايين دولار، كما ينتظر تمويل الاتحاد الأوروبي بنحو 5 ملايين دولار، بعدما تأخر الجانبان الأميركي والأوروبي بسبب عراقيل داخلية متصلة بالموازنة.
لكن آليات إقرارها ستتحقق وسيسدد الجانبان مساهمتهما في وقت قريب.
وإذا دفعت الدول التي تتأثر بمواقف الولايات المتحدة وأوروبا ودول الخليج أيضاً ما عليها، تكون المساهمات قد بلغت القيمة التي يفترض بلبنان تسديدها تقريباً. فيمكن عندها تسيير أعمال المحكمة حتى مرحلة متقدمة من هذه السنة. على انه يتوقع ان تحصل المحكمة لاحقاً على تبرعات إضافية.
وترى المصادر، ان إعلان أي تفاصيل متعلقة بالقرار الاتهامي من جانب قاضي الإجراءات التمهيدية دانيال فرانسين بات حالياً خاضعاً لمهلة جديدة ما بين الستة أسابيع والعشرة أسابيع من تاريخ إيداع المدعي العام للمحكمة دانيال بيلمار قراراً اتهامياً موسعاً لدى فرانسين في النصف الأول من شهر آذار الماضي. وليس من تاريخ إيداع القرار الاتهامي الأساسي مطلع السنة.
ما يعني احتمال إعلان التفاصيل عن القرار في حزيران المقبل. ويبدو ان فرانسين طلب من بيلمار تفاصيل إضافية حول القرار، وفقاً للمصادر، وعمل على إيداعه إياها. الأمر الذي سيستغرق وقتاً أطول لدرسها.
وليس هناك من سبب سياسي وراء استغراق الأمور مزيداً من الدراسة. انما هي آليات عمل المحكمة، وقواعد الإجراءات فيها. مع ان الولايات المتحدة كانت تفضّل لو صدر القرار الاتهامي الى العلن قبل نحو 3 أشهر لدى احالته من بيلمار الى فرانسين. لكن استقلالية عمل المحكمة حالت دون التجاوب مع هذا الميل، لأنه لو عادت الأمور الى المجتمع الدولي لكانت التفاصيل عُرفت رسمياً منذ مدة.
ويمكن القول إن الأموال التي هي الشريان الحيوي للمحكمة تتأمن، ولن يسمح المجتمع الدولي بأن يتأثر عمل المحكمة من جراء تأخر تسديد مساهمة لبنان، أو تعذّر تسديدها. فالدول ستعوّض النقص في الوقت اللازم، وستبقى المحكمة قائمة ومهمتها تسير وفقاً للأصول، بغضّ النظر عن تمويل لبنان أم لا.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.