على الرغم من المساعي الحثيثة التي يقوم بها الرئيس المكلف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي لانجاز التشكيل في أسرع وقت ممكن، الا ان التخوف من استمرار عرقلة وجود حكومة في لبنان، لا يزال يطغى على الاتصالات الداخلية وبين لبنان والدول المهتمة بأوضاعه.
وتفيد مصادر ديبلوماسية بارزة، ان التخوف يبلغ حد القول انه اذا لم يتم تشكيل الحكومة خلال شهر آذار الجاري، فان هناك خطورة في ان تصبح هذه العملية مرهونة بوضوح الرؤية على صعيد المنطقة، والوضع العربي برمته، وطالما ان وضع هذه المنطقة ضبابي، ولم يستقر المشهد السياسي ولاتزال التحولات في اوجها، فانه لا يمكن معرفة اتجاه الامور، وما ستكون عليه تفاصيل الانظمة الجديدة. ولو كانت الاجواء المحيطة بلبنان مريحة، لكان تم التسريع في تشكيل الحكومة. والخوف الآن من ان يتعمق ارتباط الوضع اللبناني بالتطورات المحيطة بلبنان، مع ان لصعوبة التشكيل اسباباً داخلية يجري تبديدها.
لذلك، هناك قلق من ان يصبح الوضع اللبناني جزءاً من شد الحبال في المنطقة، لاسيما وانه لناحية الوقت المطلوب انتظاره، لبلورة المعطيات النهائية، فان هناك تشابهاً بين المدة التي تحتاج إليها حركات التحرر، والقرار الاتهامي والمحاكمة في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري فكلاهما يحتاج الى الوقت والانتظار.
واذا ما حصلت اضطرابات في خضم عملية التغيير الحاصلة سيتأثر لبنان سلباً. واذا تسارع ارساء الديموقراطية فان ذلك سينعكس ايجاباً عليه، لانها ستنتج انظمة تتسم بحد ادنى من الديموقراطية تحيط بلبنان، ما يريح المنحى الاستقلالي الديموقراطي فيه.
وبالتالي، فان الدخول في سيناريوهات مواجهة في المواقع حيث الحساسية السنّية الشيعية، لا يخدم الاستقرار في لبنان، لانه يحصل استقطاب على طرفي نقيض، وكلما زادت حظوظ التفاهمات كلما انعكس استقراراً في الوضع اللبناني، وتبعاً لذلك، ان اي صدام سيجعل من الشعارات التي يتم تبنيها في لبنان شعارات صدامية لا تلتقي، ويكون عندها تشكيل الحكومة خاضعاً لنظرة حكومة حزب الله، وكلما كان هناك تفاهم في تلك المواقع الحساسة كلما طغت نظرة الوسطية على سمة رئاسة الحكومة، كما النظرة الى برنامجها. ما يعني ان الظروف الخارجية باتت ضاغطة اكثر من اي وقت مضى، وان اللاعبين الاقليميين سيخطون خطوة في التشكيل، اذا ما اتضحت الصورة في ما يواجهون من تحديات، او تستمر عوامل التأجيل الحكومة قائمة.
وتتوقف المصادر، عند التأثيرات المحتملة لتطورات الموقف في سوريا على الوضع اللبناني، حيث هناك من يتأثر بدورها، وقد يكون وارداً التخفيف من الانتظار لهذا الدور في هذه المرحلة. اذ ان سوريا باتت في وضع دقيق، وان كان من المبكر لأوانه القول انه دراماتيكي او يشابه ما يحصل في امكنة اخرى.
وترجح المصادر، ان تكون سوريا لا تريد ان تتحدى في الداخل اللبناني، لكي لا يتم الرد بصورة غير مباشرة عبر تدخلات لهذه المسألة بأحوالها الداخية. الأولوية لدى سوريا هي بقاء النظام، وكل الامور الاخرى تأتي لاحقاً. لذك تخشى في هذه المرحلة الدقيقة من ان تظهر انها ضد السنّة في لبنان وضد المملكة العربية السعودية، فلديها اكثرية سنية والوضع الدقيق يتطلب حسابات دقيقة. فضلاً عن ان التحالف الدولي ضد ليبيا يشجع الشعوب الثائرة، ويخيف الانظمة. فدمشق تسعى للحفاظ على حد معقول من الالتقاء في المواقف مع الرياض، الامر الذي يفسر دعمها لخطوة مجلس التعاون الخليجي حيال البحرين.
الوضع الحكومي اللبناني معقد من اساسه، فاذا اراد ميقاتي تأليف الحكومة وفق ما ترتئيه الاكثرية الجديدة، فهي تريده ان يكون رهينة لها، واذا لم يرد ذلك لن يقبلوا بتشكيلها وفقاً لما يرتئيه هو.
وتقول المصادر انه اذا لم تشكل الحكومة قريباً، فان هناك احتمالاً بتغيير الأكثرية مجدداً في لبنان، لاسيما اذا ما حصلت تطورات في سوريا. فهناك قيادات قد تعود الى الاكثرية السابقة فتصبح الاقلية الحالية اكثرية. ان مشكلة الاقلية اذا ما اصبحت اكثرية، في انها لن تجد تمثيلاً شيعياً اذا ما اقتصر التمثيل الشيعي فيها على المقربين منها، وان الفريق الشيعي الحالي سيعتبر نفسه غير ممثل في الحكومة، تماماً كما يعتبر السنّة انهم حالياً غير ممثلين في الحكم.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.