8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

واشنطن تدعم الديموقراطية وسط محاذير النفوذ الإيراني والتطرف الإسلامي

الحدث هو في التحركات التي تحصل حالياً في بعض الدول العربية، لكن الأنظار تتجه الى موقف الادارة الأميركية من كل ما يجري، والطريقة التي تتعامل بها مع تطورات الوضع في المنطقة.
دعم الديموقراطية ودعم الشعب ضد الأنظمة مسألتان اساسيتان في الأداء الأميركي حيال هذه التحركات. هذا ما تؤكده مصادر ديبلوماسية غربية بارزة، لكن في هذا الدعم هناك مجال للتمييز في الحالة لدى كل دولة قامت فيها هذه التغييرات. إن ما يؤثر في الموقف الأميركي بدعم الديموقراطية، قلق من عاملين رئيسين اذا ما توافرا يتراجع دعم الشعوب والدعوة الى تنحي الرئيس أو رأس النظام، وهما: الخوف من ازدياد النفوذ الايراني، والخوف من التطرف الاسلامي، وبالتالي من احتمالات سيطرة هذين الطرفين على السلطة الجديدة؟ هذان العاملان غير محبذين لدى واشنطن، وعدا عن ذلك يصار الى دعم الشعوب والديموقراطية في أي بلد تنشأ فيه موجة لأنه لا يمكن للولايات المتحدة وقفها.
وبالتالي، دعمت واشنطن تنحي الرئيسين المصري حسني مبارك، والتونسي زين العابدين بن علي كما تدعو الرئيس الليبي معمر القذافي الى التنحي. لكن في البحرين واليمن لم تدع الرئيسين الى التنحي بسبب خطورة المد الشيعي والخوف من ازدياد النفوذ الايراني في هذين الموقعين. كما انه في مصر وتونس، ليس من المؤكد لدى الادارة الاميركية، ان الاخوان المسلمين سيحصلون على الأكثرية في اي انتخابات ستجري لاحقاً من اجل اعادة تكوين السلطة الجديدة وانتقال تدريجي ديموقراطي للسلطة. يذكر ان الضغط في اتجاه اجراء انتخابات هو ما تركز عليه واشنطن مع كل من القيادتين في كل من مصر وتونس حالياً. وهذا الهدف كان في صلب الزيارات الاميركية للبلدين أخيراً.
كما ان هناك قلقاً من عامل ثالث لعله في الخوف من حصول حرب اهلية وحصول انقسامات داخل البلد. وهذا الاحتمال متدن في كل من مصر وتونس، لكنه من غير المؤكد حصوله في ليبيا، حيث هناك من يعتبر ان ثمة دخولاً في المجهول في الوضع الليبي، نظراً لصعوبة تحديد اتجاهاته. مع الاشارة الى انه يوجد فكرة المسؤولية الدولية للحماية ضد خرق حقوق الانسان، والتي تعززت أخيراً في اطار وثيقة تم اقرارها داخل الأمم المتحدة. وثمة اتجاه دولي لتنفيذ هذه الفكرة في التعامل مع الوضع الليبي، على اساس انه يحق لأي دولة ان تتدخل لوقف انتهاكات حقوق الانسان في ليبيا ووقف المجازر المدنية حتى في حالة القمع من الدولة التي ينتمي اليها المدنيون. انها مسؤولية اخلاقية دولية، وشكلت احد مرتكزات القرار 1970 الأخير الذي فرض عقوبات على القذافي وأركان النظام. والمرتكزات الأخرى للقرار كانت في تهديد الأمن والسلم الدوليين والذي أدى الى تدخل مجلس الأمن.
والتحولات بدأت في بلد اي مصر، لم يكن اي طرف دولي يعتقد انها ستحصل فيه وبهذه السرعة، لكن واشنطن ارادت مواكبة هذه الموجة، التي لا تستطيع ايقافها، بالسعي الى ما يلي:
ـ اقامة علاقات ممتازة مع الحكم الجديد والنظر في امكان الاستفادة من ذلك سياسياً وعبر القدرة على التأثير فيه، وقد زادت واشنطن المساعدات لمصر اقتصادياً وعسكرياً بعد هذا التحول، مع ما يعني ذلك من اهمية لأمن الولايات المتحدة واسرائيل، ولعوامل الاستقرار في المنطقة.
ـ الحفاظ على مصالح الولايات المتحدة مع الحكم الجديد الذي يتكون، والمصالح هي في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية. ولن تتراجع واشنطن عن البحث عن مصالحها عبر الحكم الجديد، وفقاً للأهداف التي كانت سائدة مع الأنظمة الزائلة، لكن قد يتغير الأسلوب والطريقة، لكن لا مجال الا بالتعاون وباستمالة الحكم الجديد.
ـ تريد واشنطن ان يبقى الوضع مضبوطاً في المنطقة، ولدى الدول التي تقوم شعوبها بالتغييرات، حتى الآن لا تزال تعتبر ان الوضع مضبوط، ولو ليس تماماً لا سيما في ليبيا، وتخوفها من انفلات الوضع هو الذي يحتم تحركها في اتجاه الدول المعنية بالتحركات الشعبية.
ـ تحاول واشنطن اتباع سياسة دعم الشعوب والديموقراطية اينما وجدت وبالقدر الممكن، لأنها تقف عملياً مع الموجة الشعبية، لكنها تستنسب مستوى الدعم وطريقته في حال ثبت وجود مخاطر تقلقها.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00