8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

عدم تحقيق أوباما إنجازات سيوصل رئيساً متشدداً في 2012

تهتم الولايات المتحدة الأميركية بالتطورات التي تحصل حالياً في دول المنطقة، وتتخذ منها موقفاً مؤيداً للنزعة الديموقراطية فيها. هذا فضلاً عن اهتمامها بملفات المنطقة العالقة المعروفة. لكن يجدر التوقف عند التطورات داخل الولايات المتحدة نفسها ومدى انعكاسها على أوضاع المنطقة، في ضوء السياسة التي يعتمدها الرئيس باراك اوباما على المستوى الداخلي والخارجي.
ذلك ان مصادر ديبلوماسية غربية، تعتبر ان سياسة الحوار والحلول الوسط والتسويات، لم تحقق نجاحاً، لا حيال الأزمة الاقتصادية الداخلية، ولا حيال مواضيع المنطقة المطروحة، لاسيما ما يتصل بسوريا وإيران، إلا أن استمرار عدم إنجاز تقدم أو مكاسب، سينعكس سلباً على الموقف من الحوار، عبر وصول رئيس أميركي متشدد إلى الحكم في الانتخابات المقبلة في تشرين الثاني 2012. إذ ان المرونة التي أبداها اوباما انعكست رد فعل في المجتمع الأميركي، إلى الحد الذي أنتج تيارات متشددة مثل حزب الشاي، وبالتالي، فإن عدم التقدم يعني ان المجتمع الأميركي سينحو إلى مزيد من التشدد، وأهمية هذا المجتمع هي في انه يقوم بإصلاح ذاتي كل 4 سنوات أو حتى كل سنتين، بحيث تتكشف نتائج هذا الاصلاح في الانتخابات النصفية للكونغرس، وفي الانتخابات الرئاسية، ومن بين الأسماء التي بدأت التحضير لترشيح نفسها لرئاسة الجمهورية السفير جون بولتون.
وتبعاً لذلك، فإنّه منذ الانتخابات النصفية للكونغرس في تشرين الثاني الماضي وفوز الجمهوريين بها، بدأ التركيز من جانب الرئيس لإيجاد السبل لحل الأزمة الداخلية. وفي الوقت نفسه يدرس العمل من أجل حل أزمات المنطقة لاسيما في مجال العملية السلمية للشرق الأوسط. وقد سبق الدراسة تلك ان الرئيس وضع شخصياً كل ثقله وصدقيته لحصول اختراق في عملية السلام، لكنه وصل إلى حائط مسدود وإسرائيل أفشلت جهوده التي تكثفت على مدى السنتين السابقتين، وما يحصل الآن ان اوباما يعمل على تحييد نفسه عن ملف الشرق الأوسط، نتيجة العامل الإسرائيلي السلبي، ونتيجة اعتراض الديموقراطيين على الضغط على إسرائيل، والذي يتزامن مع اعتراض جمهوري. وبات الآن وضع اوباما أصعب من أي وقت مضى على المستوى السياسي الداخلي.
لكن اوباما لا يزال يصر على موفده لعملية السلام جورج ميتشل ليبقى في مهمته، وهو الأكثر تفضيلاً لديه من شخصيات أخرى يتم طرح اسمائها بين الحين والآخر. ما يعني ان ميتشل سيظل يعمل للوفاق بين الفلسطينيين وإسرائيل، والعملية السياسية ستبقى قائمة لأنها تمثل الضوابط الديبلوماسية للوضع في المنطقة، هكذا كان الوضع عندما بدأ جورج بوش ولايته قبل اوباما. إذاً الاندفاع الأميركي القوي لن يكون موجوداً، وملف الشرق الأوسط لم يعد أولوية أميركية. وحالياً باتت افغانستان وباكستان أولويتان أميركيتان، لارتباط الملفين بالأمن القومي، مع تخفيف حدة الاهتمام بالوضع في العراق.
كما ان دعم لبنان بالكامل سيتكرر، وتدرك واشنطن جيداً ان حزب الله يسعى إلى ضرب المحكمة الخاصة بلبنان في قلب لبنان، لكن ثمة ارتياح إلى مسألتين هما: ان تمويل المحكمة سيتوفر، وان شرعيتها الدولية محفوظة ومصانة.
الجمهوريون في الكونغرس حالياً متشددون، والتشدد سيصبح أبلغ إذا لم يوفق اوباما في نجاح سياسته الحوارية والتسووية، أي بحسب المصادر، هناك في هذه الحالة عودة أربع سنوات إلى الوراء. وفي الانتخابات الرئاسية المقبلة العناوين الأساسية هي: الوضع الاقتصادي وتطويره، الأمن القومي، سلامة الولايات المتحدة، مواجهة الإرهاب وحماية البلاد.
وحتى الآن لم يتوصل الحوار مع سوريا إلى نتائج. وبعد توقفه لفترة، يعاود الآن في ظل وجود سفير أميركي في دمشق، وتنتظر واشنطن من سوريا سلوكاً جدياً في اتجاه تلبية أحد المطالب ليكون عربون عودة العلاقات إلى مجاريها. إذ ان واشنطن تعتبر إعادة التواصل مع دمشق بعد العزلة وكأنها اكرامية لها يُنتظر أن تُبادلها بسلوك ايجابي فعلي على الأرض. وترى واشنطن انها هي التي تضع قواعد اللعبة وليس دمشق، وان أساس الحوار معها هو استيعابها لكي لا تكون لاعباً سلبياً في المنطقة. وعلى الرغم من ذلك، تقول المصادر، ان دمشق لا تزال تلعب دوراً سلبياً، ولا تتعاون لا في لبنان ولا في فلسطين ولا في العراق، كما انها تضع شروطاً حيال المباشرة بعملية السلام مع إسرائيل، في وقت هناك تشدد أميركي حيال الوضع اللبناني وطبيعة العلاقة السورية معه، مع الإشارة إلى أنه بالتزامن مع فتح الحوار الأميركي مع سوريا، لم يكن هناك تدخل أميركي يومي بالوضع اللبناني كما كان يحصل سابقاً.
وبالنسبة إلى الملف النووي الايراني، فإنّ الحوار الدولي والأميركي تحديداً مع إيران يشكل مدخلاً مهماً لحل الخلافات الاقليمية. وأي توصل إلى حلول في ما بينهما، سيغير الوضع في المنطقة بالكامل، حتى ان الدور السوري يصبح مختلفاً، لأن دمشق لا تريد ان تبقى وحيدة، وهي الآن مشدودة العزيمة من جراء تحالفها الاستراتيجي مع طهران، انه ملف غير سهل في المعالجة، فهناك الشروط الدولية، وهناك وضع إيران وطموحاتها، خصوصاً ان الملف التصق بكرامة الشعب وبات مقدساً لديه، وثمة اهمية للحد الذي تقبل به واشنطن وللحد الذي يمكن إيران من المساومة، في العملية التفاوضية، واشنطن هي القادرة على أن تقيم حواراً مع إيران، وسلاماً في الشرق الاوسط، وهذا ما يتقاطع مع مصالح سوريا، التي لديها حساباتها أيضاً لاسيما حيال إسرائيل.
الإدارة الآن ليست طليقة اليد، ولكن إذا لم تحقق تقدماً، فإنّ التشدّد يتربّص بزمام الأمور مجدداً.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00