في الوقت الذي يعمل الرئيس المكلف نجيب ميقاتي على إنجاز تأليف الحكومة، ووسط ما يواجهه من ضغوط في مسألة إزالة ارتباط لبنان مع المحكمة الدولية، تتصاعد المواقف الدولية التي تبلغ اليه حول ضرورة التمسك بالعلاقة مع المحكمة، وآخرها ما ابلغته في بيروت الممثلة العليا للسياسة الخارجية والامن الاستراتيجي في الاتحاد الاوروبي كاثرين آشتون.
وما يزيد في ثبات المواقف الدولية حيال هذه العلاقة، هو الرسالة التي وجهها اخيراً الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الى لبنان، والتي تضمنت، أنّ على لبنان ان يدفع مساهمة في المحكمة لسنة 2011، وهذه المساهمة تمثل 49 في المئة من الموازنة السنوية لها، وثمة انتظار لتأليف الحكومة لعرض طلب الامم المتحدة عليها، لتتخذ حياله القرار اللازم.
وعلى الرغم من التطور الحكومي الاخير في لبنان، وإدراك المنظمة الدولية دقة الموقف الداخلي، الا انها قامت بتوجيه طلبها هذا، اذ ان الضغوط لقطع العلاقة مع المحكمة لم تؤد الى ذلك حتى الآن، والعلاقة قائمة ولا بد من توجيه المنظمة الدولية اي طلب الى لبنان متصل بالتزاماته. الا ان مصادر ديبلوماسية بارزة تؤكد انه في حال ألغى لبنان تعامله مع المحكمة، فإن المحكمة ستبقى تطالب لبنان وعبر الأمم المتحدة، بما تراه ضرورة ان يقوم به تجاهها، ولن تلجأ الى وقف هذه الطلبات على الاطلاق.
ويمكن للمحكمة اللجوء الى مجلس الأمن في حال لم يتجاوب لبنان مع طلباتها، على الرغم من حالة إلغاء التعاون، وقد يقرر مجلس الأمن إجراءات، قد تصل الى العقوبات؛ ومستوى الإجراءات وتشددها، لا بد انه يرتبط ارتباطاً وثيقاً بأجواء التشدد السياسي الدولي إزاء مسار المحكمة وعدم المساس بعملها، وعدم السماح لأي أمر ان يؤثر عليها.
وفي حالة انعدام التعاون اللبناني معها، سترسل الأمم المتحدة طلبات المحكمة الى لبنان عبر مكتب الأمم المتحدة في بيروت، أي عبر الممثل الشخصي للأمين العام مايكل ويليامز، وهو، وان كانت مهمته منفصلة عن موضوع المحكمة، انما في مثل هذه الحالة، ستصبح كل الطلبات من مجلس الأمن والأمم المتحدة الى لبنان عبره، ما سيؤدي الى توسيع مهمة المكتب لهذه الغاية. وبالتالي ستبقى الطلبات قائمة والضغوط الدولية بالنسبة الى المحكمة قائمة.
ويبدو ان ثمة استعدادات من الأمم المتحدة لكل الاحتمالات، على أساس ان المحكمة لن توقف عملها من جراء إلغاء تعاون لبنان المحتمل معها. فبالنسبة الى التمويل، هناك عمل دولي أميركي أوروبي على تعديل بعض الأحكام في نظام المحكمة بحيث يتم السماح للمنظمات الحكومية وليس الدول فحسب، بأن تساهم في التمويل، وعند ذلك، تتاح الفرصة أمام الاتحاد الأوروبي لأن يمول المحكمة، وهناك مؤشرات على تمويل من الاتحاد يصل الى 10 ملايين دولار ستدفع الى المحكمة، الأمر الذي يساعدها على متابعة عملها لمرحلة أطول، لا سيما وان ما لديها حالياً يكفيها حتى شهر آذار المقبل. وفي هذا الوقت يكون الموقف اللبناني قد اتضح حيال العلاقة مع المحكمة.
وإذا ما أعلن فحوى القرار الاتهامي خلال الأسابيع المقبلة، سيكون ذلك حافزاً أمام دول كثيرة بينها الدول العربية لإعطاء مزيد من الزخم كي تموّل المحكمة، خصوصاً بعد فشل المبادرة السعودية السورية حول لبنان.
أما على صعيد مذكرة التفاهم، فإن المصادر تبدي اعتقادها أن الأمم المتحدة على يقين بأن المحكمة باتت لديها معطيات كافية من حيث الأدلة. وبما انه ما من جهة تتوقع ان يتم تسليم بعض المتهمين، فإن المعطيات الكافية، ستجعل المحاكمة تمضي.
أما من حيث القضاة اللبنانيين في المحكمة، فإن العمل جارٍ في المحكمة لتقديم تعويضات مهمة للقضاة عما يمكن ان يتعرضوا له.
وتتجه الأنظار الى كيفية إعلان القرار الاتهامي الذي ترجح مصادر ديبلوماسية أن يكون في الأسبوع الأول من آذار المقبل.
وهناك احتمالات عدة: إما الإعلان عنه مثلما هو فعلاً بمضامينه كافة أي الأسماء والأدلة، أو ان تبقى مضامينه سريّة ويظهر منه ما هو غير سري ولكن يتم توجيه طلب التحقيق مع المتهمين وتسليمهم الى الدولة اللبنانية، وأي شكل سيتخذه إعلان القرار الاتهامي، ستكون فيه الأهمية للأدلة وللاثباتات المقنعة والدامغة، أي ان التفاصيل تبدو بالغة الأهمية حول سلوك الأسماء التي سيتناولها القرار بالنسبة الى جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.