أكثر ما يستقطب الاهتمام الدولي في ما يدلي به الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي من مواقف، تأكيده مراراً حماية المقاومة، وأن هذا الموضوع كان التزم به مع حزب الله، وينصبّ هذا الاهتمام لمعرفة ما يعني به، وسط قلق دولي من تكراره، وما قد يحمله من خطورة، ووسط استغراب شديد لذلك، استناداً الى أوساط ديبلوماسية غربية بارزة.
هذا القلق الدولي والذي يصل الى حد الانزعاج، كان أُبلغ الى الرئيس ميقاتي عبر القنوات الديبلوماسية، لكن أي كلام لتوضيح ما يقصده بهذا الكلام لم تتبلغه الجهات المعنية، وهي تشير الى جملة معطيات توقفت عندها، وهي كالآتي:
ان حماية المقاومة تعبّر عن مفهوم جديد يجري التداول به حالياً، وان تضمين اي بيان وزاري لذلك، يعني أن البيان سيكون مختلفاً عن البيان الوزاري للحكومة التي لا تزال حالياً تصرّف الأعمال. وان هذا الكلام خطير بالنسبة الى الغرب عموماً.
إلا أن المجتمع الدولي في انتظار تأليف الحكومة وبيانها الوزاري، إذ إن التأليف في حد ذاته سيعطي اشارات دولية حول المنحى الذي ستتخذه هذه الحكومة في علاقاتها بالخارج.
ان المقاومة في الأساس هي للدفاع عن لبنان ضد اسرائيل، أي انها تشكل عاملاً لمساعدة الحكومة اللبنانية فعلياً وبشكل ملموس ضد الأخطار الاسرائيلية التي تتربص بلبنان. الا انه حالياً ثمة اعتقاد دولي ان حزب الله في بعض الأحيان، يعمل ضد الحكومة، وضد مصلحة الدولة، وهذا ما يقلق المجتمع الدولي ويزعجه، الأمر الذي يطرح أكثر من علامة استفهام حول فكرة حماية المقاومة وأهدافها.
حتى ان ما يطرحه الرئيس ميقاتي حول الحوار الداخلي بغطاء عربي، لإبعاد تداعيات المحكمة في اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري عن لبنان، هو غير واضح بالنسبة الى الدول الغربية. ومن غير المعروف ما اذا كان سينعقد هذا الحوار قبل إقرار البيان الوزاري للحكومة، أو بعده. وكذلك ما اذا كان سيحصل قبل اعلان القرار الاتهامي في الاسبوع الأول من آذار المقبل أو بعده، خصوصاً وأن الوقت بات يضيق وبدأ عملياً العد العكسي لتبيان ما في القرار، وما الذي سيحصل اذا أُعلن القرار وليس هناك من حكومة بعد، أو ليس هناك من بيان وزاري لحكومة تشكلت.
فضلاً عن ذلك، ان الجميع يدرك التفاوت الكبير في المواقف اللبنانية من المحكمة وما اذا كان أي حوار قادراً على حل هذه المسألة. ان الدول لا تزال تشجع على الحكومة التي تجمع كل الأطراف، وعلى أن تلتزم هذه الحكومة بالقرارات الدولية. واي عبارة عن التزام بالقرارات الدولية ولو تمت من دون تفصيل أو تعداد القرارات، سيعتبر المجتمع الدولي ان هذا يعني احترام المحكمة والالتزام بها لأنها صدرت بموجب قرار دولي.
إزاء ذلك، تقول مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع، ان المجتمع الدولي ينتظر الدرجة التي ستصل بها الحكومة في مواقفها، وان معادلة الجيش والشعب والمقاومة الواردة في البيان الوزاري للحكومة الحالية، تمثل شكلاً من أشكال حماية المقاومة. لكن في ضوء الحديث عن حماية المقاومة حالياً، هل ستتم زيادة عناصر جديدة على هذه المعادلة؟ وهل المفهوم يمر تنفيذه بفك الارتباط مع المحكمة، لا سيما وان الأمين العام لـحزب الله حسن نصرالله وقوى الثامن من آذار يتهمون المحكمة بأنها اسرائيلية وأميركية، ويتحدثون في الطعن في الظهر، والتخوين في الداخل؟ فهل المقصود المحكمة أم مجرد التعبير عن موقف داعم للمقاومة، فيما الطلب الأساسي يستهدف المحكمة؟.
الحوار الداخلي حول الاستراتيجية الدفاعية لم يتوصل الى شيء بالنسبة الى ايجاد حل لموضوع السلاح. لكن لا أحد قادر على نزعه بالقوة، والمجتمع الدولي مدرك لهذا الواقع. حتى ان اسرائل في حرب تموز 2006 سعت ولم تتمكن، كما أنه لم يكن متوقعاً دولياً أن يؤدي الحوار الداخلي الى أي حل.
وبالتالي، ان أي حل لا بد أن يأتي عبر حلول في المنطقة وعبر التفاهمات الأميركية الايرانية. وفي المدى المنظور، لا يبدو أن الحوار بين هذين الطرفين سيؤدي الى مخارج أو حلول تنعكس تحسناً على أوضاع مواقع كثيرة في المنطقة. وآخر جولة للتفاوض الدولي مع ايران في اسطنبول لم تكن ناجحة، ولم يظهر أن هناك أفقاً للحل، لا بل على العكس، ان ايران ترى ان لديها فرصة لتعزيز أوراقها في المنطقة، اذا ما تمادت في نفوذها في لبنان ما دام الوضع يسمح بذلك. وترى أيضاً ان المرحلة المقبلة يمكن أن تقوّي موقعها التفاوضي مع الدول من خلال منحى زيادة نفوذها، في وقت يمكن أن يكون خلاله قد زاد تطورها النووي. وهذا ما ينعكس على وضع حزب الله في لبنان، ولهذا السبب لم تكن ايران ايجابية في تفاوضها دولياً.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.