8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

تعاطِ دولي مع الرئيس المكلف بانتظار إثبات وسطيته

لم يكن مفاجئاً لدى الوسط الديبلوماسي تهافت السفراء المعتمدين في لبنان أكانوا عرباً أم أجانب على زيارة الرئيس المكلف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي.
في المعنى الديبلوماسي لهذه الزيارات، ان هناك اعترافاً بواقع الحال في لبنان، كما ان هناك استعداداً للتعامل مع الرئيس المكلف، إلا ان ثمة انتظاراً دولياً لتشكيلة الحكومة ولبيانها الوزاري، أي للقرارات التي ستُتخذ ولسبل تحمّل الحكومة مسؤولياتها على المستوى الدولي.
أي ان المقاطعة لم تكن واردة، ولا الأمور تحصل بهذه الطريقة في المفهوم الديبلوماسي على الرغم من الأسلوب الذي تمر به ظروف التكليف، وعلم كل الأطراف الدوليين بذلك. إذ انه درست الفائدة من المقاطعة، ووجدت الدول المعنية ان لا فائدة في ذلك، بل ان هناك فائدة كبيرة في ما يلي:
- ان التواصل الدولي مع الرئيس المكلف لا سيما عبر السفراء المعتمدين في لبنان، يؤدي الى ايصال رسائل تتعلق بمواقف الدول وما تنتظره من الحكومة الجديدة، لا سيما بالنسبة الى أنها تتوقع من الحكومة الالتزام الكامل بالقرارات الدولية حول لبنان، وخصوصاً القرار 1757 المتصل بالمحكمة.
- ان المقاطعة تؤدي الى حمل الطرف الآخر على ان يتخذ مواقف أكثر تطرفاً، في حين ان الكلام والحوار يؤثران في المواقف، وقد يبعد الطرف الآخر عن التطرف. ليس من الواضح الى أي حد سيؤثر ذلك في ظل ضغوط حزب الله على الرئيس المكلف لإلغاء أي رابط للبنان مع المحكمة، لكن الدول اتخذت قرارها بأنها ستحكم على الحكومة من خلال مواقفها، ولا تريد ان تحكم مسبقاً عليها.
وبالتالي، فإن أي موقف منها لاحقاً سيكون مبنياً على قراراتها وبرنامجها.
- ان هذا المنحى يعني ان المجتمع الدولي يعطي فرصة للرئيس المكلف لإثبات اعتداله ووسطيته، وردة الفعل ستأتي من خلال الموقف من قضية المحكمة. ما يعني ان محاسبته ستكون بناء على ما سيورده البيان الوزاري، ومدى احترام الالتزامات الدولية، ويقصد بذلك موضوع المحكمة.
وفي هذا السياق، فإن المطلوب دولياً، ان يستمر تعاون لبنان مع المحكمة، وثمة ضغوط كبيرة في هذا الاتجاه، واشارات دولية الى ان أي قرار يتناقض مع ذلك، ستكون له عواقبه، وان الحكومة في لبنان يجب ان تدرك هذا الأمر، وان أي وقف للتعاون مع المحكمة التي أنشئت تحت الفصل السابع يعني ان لبنان دولة خارجة عن القانون الدولي، ويترتب عليها نتائج، فهل يستطيع لبنان تحمّلها؟. ومن بين هذه النتائج عزلة دولية، وعقوبات، وانقطاع المساعدات الدولية أكانت عسكرية أو اقتصادية، فيصبح لبنان في منأى عن المجتمع الدولي، كأنه يعاني حصاراً دولياً مفروضاً، ويبقى على تواصل فقط مع إيران وسوريا وكوريا الشمالية، فهل يحتمل ذلك؟ وهل يمكنه ان يسمح لنفسه بألا يتعاون مع قرار تم وضعه تحت الفصل السابع؟
ووفقاً للمعطيات الديبلوماسية، فإن القصد من الحفاظ على التزامات لبنان الدولية، هو المحكمة تحديداً، وليس القرارات الأخرى لا سيما الـ1559 والـ1701. إذ أنه من غير المطروح لدى لبنان التخلي عن التعاون مع الـ1701، وهي مسألة منفصلة عن القرارات الدولية المتصلة بالمحكمة، بحيث يؤكد الرئيس المكلف التزام لبنان بها. إذ أن لا مصلحة للبنان في التنصل من هذا القرار المرتبط بوضع اليونيفيل ووضع الجنوب والموقف من احتلال إسرائيل أراضي لبنانية.
ولا يبدو أن أحداً من الأطراف المعنية بهذا القرار ينوي الاستغناء عنه، ولا مصلحة لديهم في ذلك، ولهذا الواقع أسباب عديدة لعل أبرزها:
- ان القرار 1701 يؤمن منطقة هادئة بين لبنان وإسرائيل، وان فترة الهدوء التي يشهدها الجنوب لم تكن قائمة منذ نحو 30 سنة. وهذا ما يتناسب مع أوضاع كل الأفرقاء المعنيين بالوضع في الجنوب، لا سيما حزب الله.
- ان إسرائيل تتجنب ان تقوم بضربة للبنان طالما ان لا تهديد يطالها من هذه الجهة، الأمر الذي يبعد احتمالات حصول حرب.
- ان وضع تنفيذ القرار 1701 سيبقى على حاله، أي انه من المستبعد استكمال تنفيذه في ظل الظروف الحالية السائدة، فهناك بنود على لبنان تنفيذها، وبنود أخرى على إسرائيل تنفيذها. ومن البنود: نزع سلاح حزب الله وضبط الحدود مع سوريا، واستكمال الانسحاب الإسرائيلي من مزارع شبعا والجزء اللبناني لقرية الغجر وتلال كفرشوبا، والمواقع الحدودية الثلاثة، وإسرائيل تربط تنفيذ هذه الخطوات بتنفيذ لبنان لما يتوجب عليه في القرار المذكور.
إذاً، القرار 1701 من ناحية التنفيذ سيبقى على وضعه الراهن، إلا إذا حصل أمر كبير، إما يكون نتيجة مضمون القرار الاتهامي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، أو ان تقرر إسرائيل مثلاً، انه بات هناك خطر أساسي يتهددها انطلاقاً من لبنان، على الرغم من وجود اليونيفيل، ما يحتم عليها ان تعمل لتغيير وضع معين.
لذا، فإن لبنان سيحافظ على تعاون مع الـ1701، لكن السؤال هو ما مصير التعاون مع الـ1757؟ فهل يتعاون بطريقة جزئية مع المجتمع الدولي والشرعية الدولية؟

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00