8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

ثلاثة سيناريوات للوضع المصري.. والأسوأ الفوضى

وسط الاستمرار في الصمت العربي المريب، تستمر التظاهرات الكبرى في مصر ضد الحكم، في ظل معطيات ديبلوماسية حول ثلاثة سيناريوات لما يمكن ان يحصل.
السيناريو الأول، انتقال السلطة ضمن النظام الذي يبقى، لكن يقوم بانتخابات، فتنتقل السلطة الى شخصية أخرى لاحقاً، إذ يكون هناك تداول للسلطة يتولاه الجيش أو جهة ثانية، ويؤمن حصولها.
السيناريو الثاني، ان يحصل انقلاب فعلي ويتسلم الاخوان المسلمون السلطة كونهم أقوى قوة أو تكتل في المعارضة المصرية، مع العلم ان محمد البرادعي وأنصاره من بين هذه المعارضة. والخطاب السياسي للمعارضة في المدة الأخيرة بدأ يميل الى الاعتدال، لكن ما الذي يمكن ان تقوم به إذا ما تسلمت السلطة؟ فهل ستتخذ منحى معتدلاً، لا سيما انها ستكون في حاجة الى دعم دولي للاستمرارية؟
والسيناريو الثالث هو الفوضى. أنه أسوأ احتمال. الآن لا يزال الوضع في مصر ضبابياً، ومن غير المعروف من أين سينطلق التغيير وما هي حدوده وأين سيقف، وأين سيكمل وكيف. ومن غير الواضح كيف سيعاد تنظيم وضع مصر الإقليمي والدولي. وأهمية الموضوع تنبثق من أهمية مصر كونها تمثل ثقلاً في العالم العربي ومكانة خاصة على المستوى الدولي. إذ ان أي تغيير فيها سيؤدي بها الى أمكنة عدة محتملة.
بالنسبة الى لبنان، لمصر دور محدد. إنها داعمة للفريق السيادي الاستقلالي، وشكلت احد المحاور العربية التي تضطلع بدور في المشاورات وبذل الجهود حول استقرار لبنان.
ويفترض ان أي جهة في السلطة ستأخذ مصالح مصر الخارجية في الاعتبار، حماس هي أحد فروع الاخوان المسلمين في مصر. وحزب الله أعرب عن ارتياحه للتحرك في مصر لحساسية موقفه مع القيادة المصرية، أي ان ذلك هو على المدى القصير، في حين ان هناك على المدى البعيد قلقاً من أي تطور في مصر.
فالحزب شيعي، والاخوان سنّة، انما الالتقاء فقط في قضية الصراع العربي الإسرائيلي، ويجب ان يتم الانتظار لرؤية ما إذا سيصل الاخوان الى السلطة، وإذا ما كانوا يريدون اعتبار أنفسهم في وحدة مصير مع حماس في غزة، وما إذا سينقضوا المعاهدة المصرية مع إسرائيل للسلام. مع استبعاد أي تحالف مصري مع إيران مهما كانت الجهة التي ستصل الى الحكم وأصلاً هناك نزاع على المنطقة بين سياستي البلدين.
وكل منحى سيتخذ في مصر، ستكون له تأثيراته على المنطقة، فالمنحى الديموقراطي بات مدعوماً من كل الدول الغربية التي تعتبر ان الانتقال المنظم للسلطة هو الأسلوب الأكثر سلاسة في هذا المجال، وان الاسلوب الأخطر هو الفوضى. وثمة تخوف غربي من انفلات الوضع لأنه بذلك تتجمع الحركات الارهابية والأصولية وتكون قادرة على الانفلات والانتشار في كل أرجاء المنطقة، لا بل العالم. وتبعاً لذلك، فإن أسوأ سيناريو هو خيار الفوضى. مع الإشارة الى ان مصر دولة كبيرة ولديها ثقلها وموقعها الاستراتيجي، وهي التي غيّرت مجرى الصراع العربي الإسرائيلي، وكانت المحرك الأساسي للقمم العربية وللجامعة العربية.
ولم يتمكن المجتمع الدولي سوى من دعم الشعب، وهو الميل الطبيعي والمسار التاريخي، لكن من جراء خوفه من انفلات الوضع، ينادي بتغيير هادئ للسلطة. والسؤال الذي يربك الجميع هو ماذا سيحصل إذا انفلتت الأمور؟ انها قضية كبرى، والرئيس المصري حسني مبارك لم يستطع استيعاب ان رأسه مطلوب في هذه العملية، والشعب يعتبر ان كل الخطوات التي اتخذها مبارك لم تكن لها أي فائدة. وثمة أسئلة مطروحة حالياً، عما إذا كان نائب الرئيس عمر سليمان سيستفيد ويكمل بالنظام نفسه، أو يأخذ خطوات أكثر ديموقراطية، أو يتسلم البرادعي السلطة إذا استطاع لعب دور ديموقراطي على الأسلوب الغربي نظراً الى شخصيته وخبرته، شغل سابقاً منصب مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وثمة عوامل عديدة ساهمت في الانتفاضة الشعبية، من الجامعة الى إصلاحات، والحاجة الى تطوير الاقتصاد والمساعدات الخارجية التي خفت نسبتها بعد الأزمة العالمية الاقتصادية وتراجع المساعدات الأميركية تحديداً، إذ ان مصر هي الدولة الثانية في المنطقة بعد إسرائيل تحصل على مساعدات أميركية، فضلاً عن سوء الوضع الاقتصادي الداخلي، والضغوط في اتجاه حرية تداول السلطة. فهل ستؤدي الثورة الى ديموقراطية فعلية؟
ولفتت هذه المعطيات الى ان حركة 14 آذار في لبنان هي في الاتجاه الصحيح للتاريخ. انها حركة استقلال وديموقراطية وعدالة، قام بها التونسيون أخيراً ويقوم بها المصريون حالياً، فالاتجاه هو نفسه، وأي محاولات تغييرية في مواقع أخرى في المنطقة قد يكون من الصعب إيقافها لأنها تختلف عن المشاريع الدولية سعياً الى تغيير أنظمة محددة قد لا يكون ذلك يتناسب مع أنظمة أخرى أو لا يسمح بها، فتتوقف.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00