8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

الثوابت الدولية: عدم المس بالمحكمة والحوار لحل السلاح

ثمة عوامل عديدة ستحدد طبيعة التعامل الدولي مع الحكومة اللبنانية الجديدة برئاسة نجيب ميقاتي.
أولها: تركيبة الحكومة، وثانيها: ما سيتضمنه البيان الوزاري من ثوابت، وثالثها: أداء الحكومة والمواقف التي ستتخذها.
واستناداً الى مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع على العلاقات اللبنانية الدولية، فإنه من حيث تركيبة الحكومة، يفترض ان تكون شاملة لكل التيارات السياسية وان تمثل طموحاتها.
وعلى الرغم من انه من المبكر لأوانه الحديث عن التركيبة، فإن ميقاتي يسعى لأن يُظهرها حكومة معتدلة وممثلة لكل الأفرقاء.
إذ لا يريد ميقاتي وكذلك حزب الله استجلاب ردة فعل دولية سلبية حيال الحكومة. وترشيح ميقاتي في الأساس، يندرج في إطار هدف تخفيف ردة الفعل من المجتمع الدولي إزاءها، بعد كل الذي حصل من أسلوب إسقاط الحكومة السابقة برئاسة سعد الحريري، والانقلاب السياسي الذي قام على اثره، بتكليف ميقاتي رئاسة الحكومة. والمهم بات الى أي درجة ينجح هدف إظهار الاعتدال والذي يرتبط بشكل مباشر بالأداء. وبناء على هذا الهدف سيتضح مدى الهامش المعطى للرئيس ميقاتي في تحديد معطيات البيان الوزاري للحكومة، وإمكان تأخره واتخاذه الوقت لتحقيق موضوع ما للقيام بما هو مطلوب بطريقة لائقة، أو أنه ستكون هناك ضغوط عليه لتسريع القيام بما هو مطلوب منه تحت حجة حماية المقاومة، وبغض النظر عن الأسلوب الذي سيتبع. وهذا الهامش يدل على مستوى الالتزامات التي قدمها ميقاتي لدى ترشحه وعلى قبول حزب الله بذلك.
وهذا المنحى ينسحب على البيان الوزاري للحكومة وهو الأكثر انتظاراً من المجتمع الدولي إذ تقول المصادر ان المشكلة ليست في الشخصية لمن يتسلم منصب رئيس الحكومة، بل في بيانها الوزاري، لأن العلاقة هي مع الدولة، وان المجتمع الدولي على الأغلب يحترم خيار الشعوب وخيار النواب. لكن المهم في ما إذا سيعكس البيان الوزاري احترام لبنان للقانون الدولي ولالتزاماته الدولية لا سيما للقرارات الدولية الخاصة بلبنان ومن بينها المحكمة في اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، والتعاون معها وهذه الأمور هي الخطوط الحمر الدولية غير المسموح المس بها في أي بيان وزاري سيصدر عن الحكومة وتشمل الخطوط الحمر مسألة العمل لنزع السلاح غير الشرعي والتشديد على الحوار الوطني الداخلي سبيلاً الى ذلك، ما يعني ان الموقف سيتخذ حسب سياسة الحكومة وخياراتها لأن ما حصل غير تقليدي، لا سيما لجهة الضغوط والترهيب، لكن تبقى الدول تتعامل مع مؤسسات وليس مع أشخاص، وبالتالي، ان أي إلغاء لكل ارتباط بين لبنان والمحكمة سيؤثر في التعامل الدولي مع لبنان وعلى العلاقات الثنائية مع الدول. وفي المبدأ، فإن الدول الغربية لن تقاطع ميقاتي إلا بناء على ما سيتضمنه البيان الوزاري، ولا سيما انه كشخص لا ينتمي الى حزب الله خصوصاً بالنسبة الى الأميركيين. وهؤلاء يقابلونه، في حين انهم لا يقابلون شخصيات من حزب الله مع الإشارة الى ان أسوأ أمر ممكن حصوله بالنسبة الى واشنطن والرياض فضلاً عن باريس، ان يكون حزب الله وراء الحكومة، لانه بذلك تعتبر إيران وراءه فالصراع الأساسي هو مع إيران.
ولا يمكن القول، بحسب المصادر، ان حزب الله ومن وراءه تمكن من انقلابه في لحظة إقليمية مؤاتية.
انما خاض لعبة انقلابية داخلية بدعم من حلفائه الإقليميين الذين أقفلوا كل خطوط الاتصال الدولي، والتركي القطري معهم حتى ان مجموعة الاتصال حول لبنان التي اقترحت فرنسا عقدها، رفضت سوريا المشاركة فيها.
الأمر الذي أدى الى تعذر اجتماعها. مع الإشارة الى أن سوريا التي تلتقط ورقة 8 آذار، تفضل الدول الاجتماع بها، في حين لم يكن هناك اتجاه دولي للتعاطي مع إيران الجهة الإقليمية الأخرى التي تلتقط ورقة 8 آذار وتدعمها، ولا لدعوتها الى المشاركة في اجتماع عربي دولي حول لبنان.
وتشير المصادر الى ان دمشق تعتبر وعبر ما حصل في لبنان انها تصبح أقوى على الأرض في تفاوضها مع الدول وهذا التفاوض الذي قد تقوم به لاحقاً، ولم تكن لتقبل به قبل العمل لتسمية الرئيس المكلف للحكومة.
وهذا ما تعتبره دمشق فرصة جديدة لها لفرض أوراق أخرى على طاولة البحث.
وقد باتت فرنسا تدرك جيداً، ان سياسة الانفتاح على سوريا لم تحقق تأثيراً كبيراً بل على العكس، وهذا يعود ليتطابق مع الموقف الأميركي الذي يجري تقييماً باستمرار لسياسة الحوار والانفتاح معها. وحتى لو أرسلت واشنطن السفير روبرت فورد الى دمشق فهذا لم يكن ليعني شيئاً في مسار الأمور بالنسبة الى سوريا. وطالما لم تشرك الدول إيران في معالجة الملفات المفتوحة في المنطقة فستبقى تخربط عليها المسار الذي تخطط الوصول اليه.
والموقف الدولي النهائي من حكومة الرئيس ميقاتي ستكون له تداعياته على التعامل الثنائي مع لبنان، ولن يكون أولها المساعدات الأميركية للجيش اللبناني، التي وقبل هذه الحكومة بالكاد استؤنفت.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00