السؤال الذي بات مطروحاً في خضم خطورة الوضع الذي وصل إليه لبنان، هل ان الساحة متروكة لدمشق ومن بعدها لإيران للتأثير في مسار الأمور، بعد الموقف السعودي المعروف والتعقيدات التي تواجه المساعي المبذولة من فرنسا وتركيا وقطر؟ وأين موقع الولايات المتحدة التي تُصدر البيانات اليومية حول دعمها للمحكمة الخاصة بلبنان ولاستقرار لبنان؟
من الصعب الاعتبار ان دمشق وحدها على الساحة اللبنانية، هذا ما تؤكده مصادر ديبلوماسية غربية، إذ تشير إلى أن سوريا عملت على رفع سقف مواقفها، وهذا لا يعني انها وحدها على الساحة. ويسجل في هذا الاطار، ثبات الرئيس السوري بشار الأسد على هذا السقف، لدى حصول مباحثات تركية معه وكذلك قطرية.
هذا الواقع لا يعني ان المجتمع الدولي لاسيما الدول المهتمة بالوضع اللبناني ومنها الولايات المتحدة تركت الامور وانكفأت. بل ان واشنطن على موقفها وهي تدعم المبادرة الفرنسية لعقد مؤتمر لـمجموعة الاتصال حول لبنان والتي لا تزال قيد التشكيل. وهذه المبادرة هي في صدد التحضير لها، ولم تفشل كما تحاول بعض الجهات تصوير وضعها. كما ان واشنطن لا تمانع البناء على المسعى السعودي السوري، فالقضية الآن، بحسب المصادر، هي عند دمشق، ويتم العمل الأميركي على الموضوع، واحدى الخطوات هي اللقاء الذي جمع السفير الأميركي الجديد في دمشق روبرت فورد ووزير الخارجية السوري وليد المعلم، الذي أبلغ رسائل واشنطن الواضحة في شأن لبنان، وينتظر أن تكون للسفير فورد لقاءات اخرى مع القيادة السورية.
فضلاً عن ذلك، تعتقد واشنطن ان كل العالم في شراكة حقيقية لمعالجة الموقف في لبنان. تركيا وقطر لم تسلما ان محاولتهما انتهت، بل انهما مستمرتان في تحركهما، وأن هذا التحرك لن يتوقف.
من هنا تؤكد المصادر ان لا مشكلة بالنسبة إلى واشنطن مع المسعى السعودي السوري، بل مع احتكار سوريا للموضوع. لذا لن يبقى الوضع بهذا الشكل، وبالتالي لا بديل من الجلوس مع سوريا إلى طاولة الحوار والنقاش حول الوضع اللبناني. وفي هذا النقاش الانطلاق مما هو موجود حالياً، أي المسعى التركي القطري، والمسعى السعودي السوري. وليس لدى واشنطن مشكلة في الحوار والمفاوضات مع سوريا، ومع وجود سوريا على طاولة التفاوض، بل على العكس يجب أن تكون الأولوية للحوار ولاستمرار السعي إلى حل الأزمة عبر هذا الحوار.
وثمة توقعات لدى المصادر بأن تتسم مرحلة ما بعد تسليم القرار الاتهامي، بوجود مجال أوسع للتحرك، وبأنه لمجرد تسليمه يكون الوضع بالنسبة إلى الرئيس سعد الحريري أكثر قابلية ومرونة في النقاش، والآن هناك مجال مفتوح للأخذ وللرد، وليس أن يتم نسف كل شيء قبل صدور القرار. أي انه يوجد الآن قرار بتوجهات محددة وعندما تعرف بالتفاصيل يمكن أن يتصرف أصحاب الوساطات والمحاولات على أساس ما. بالنسبة إلى المجتمع الدولي ما قبل القرار ليس كما بعده، الوضع يختلف تماماً، مع الإشارة إلى ان هناك توقعات باحتمال نشره أو تسريبه قبل إعلانه من قاضي الاجراءات التمهيدية دانيال فرانسين، على الرغم من ان فرانسين يعتبر اي شيء من هذا القبيل مخالف لقانون المحكمة وعقوبته تمتد لخمس سنوات في السجن.
وترى المصادر ان صدور القرار أو تحويله إلى فرانسين مسألة ضاغطة على قوى المعارضة، لأن صدوره يعني ان العملية القانونية بدأت وأن لا تراجع عنها، وان معطياته ستتضح قريباً، فهل يمكن في ضوء هذه الضغوط ان تُنتج المحاولات لحل الازمة عودة إلى الحوار الفعلي؟
من المبكر القول ان الخيارات استنفدت وان الافق بات مسدوداً.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.