تتجه الأنظار الى المعالم التي ستطبع، المرحلة المقبلة في لبنان، على مستوى الاستعدادات لتشكيل حكومة جديدة، وما سيرافقها من مواقف داخلية، وما يتزامن معها من مشاورات خارجية تواكب هذه الخطوة.
وعلى الرغم من الاهتمامات الدولة والعربية بما آل اليه الوضع اللبناني، وعدم توقف الاتصالات على أكثر من مستوى حول لبنان، إلا أنه من المبكر لأوانه الحديث عن جهود خارجية جديدة تحل محل المسعى السعودي السوري، وان كانت هناك بعض الأفكار التي بدأ عدد من الدول يعدونها لدرء المخاطر والحفاظ على الاستقرار والسلم الأهلي في لبنان.
ذلك ان مصادر ديبلوماسية بارزة تؤكد ان انطلاق جهود جديدة قد تكون موسعة، رهن بتوقيت صدور القرار الاتهامي عن المحكمة الخاصة بلبنان. إذ ان هناك توقعاً دولياً لصدور هذا القرار خلال الساعات المقبلة، ولن تُبذل جهود جديدة قبل ذلك. وبعد صدوره ينتظر ان تتكثف المحاولات للتهدئة أو لإرساء تفاهم معين يجعل تداعياته أقل ضرراً على الوضع برمّته، لا سيما اذا ما صحت الشائعات التي كانت تتحدث عن الاتهام الذي سيطال عناصر من حزب الله.
لكن اذا ما تبين لاحقاً ان القرار قد يتأخر صدوره لشهر أو شهرين، فإنه لن يكون هناك انتظار لبدء مساعٍ جديدة، خصوصاً وان الوضع اللبناني لا يحتمل المزيد في ضوء وجوب تشكيل حكومة جديدة، والتفاهم على مسار المرحلة المقبلة.
وتبعاً لذلك، فإن صدور القرار يعتبر، بحسب المصادر، عاملاً مساعداً للتهدئة، مع الاشارة الى ان أطرافاً أخرى قد تعتبر هذه الخطوة عامل تأزيم اضافياً. ولكن في كل الأحوال، سيعيد صدور القرار تحريك الجهود والمساعي، لا سيما وأن الخطوة العريضة للقرار سترشح، ولو لم يعلنه مدعي عام المحكمة القاضي دانيال بيلمار لدى احالته على قاضي الاجراءات التمهيدية في المحكمة دانيال فرانسين، وبالتالي سيظهر اتجاه الاتهام لدى احالته، ولو تم التفاهم بين بين بيلمار وفرانسين على أن يقوم الثاني بالاعلان عن تفاصيله بعد دراسته له، والتي ستستمر ما بين 6 و10 أسابيع.
ولدى احالته من بيلمار على فرانسين يكون القرار قد دخل مرحلة تنفيذية، وبات صدوره بالتفاصيل عاجلاً أم آجلاً، الأمر الذي يضغط بحد ذاته على امكان حصول تسوية.
وعلى الرغم من تدارس القوى الدولية أفكاراً عديدة للتعامل مع الوضع اللبناني بعد احالة القرار الاتهامي، فإن هناك احتمالات حول ذلك لعل أبرزها، أما التوصل الى تسوية محدودة في الزمان وفي الأطراف الذين سيشاركون في رعايتها، أو السعي الى تفاهم واسع يضم قوى دولية واقليمية وفي أفق زمني مفتوح، نظراً الى أن عمل المحكمة سيأخذ وقته، والمحاكمة ستأخذ مداها ووقتها ايضاً، ونظراً كذلك الى ان الوضع اللبناني مأزوم جداً، نتيجة خطوة 8 آذار استقالة وزرائها من الحكومة. وبلتالي، لن تشكل حكومة من دون تسوية، وأي تسوية لهذا الموضوع لا بد ان تتضمن رزمة عناصر سيكون مضمون البيان الوزاري في أساسها.
والبيان الوزاري لا بد أن تخضع التسوية حياله الى عملية تفاوضية، وذلك حسب تركيبة الحكومة، خصوصاً حول تضمينه مجدداً التزام لبنان وحكومته القرارات الدولية والمحكمة وقراراتها ومسارها. وما دام هناك، وقد يستمر، تجاوز قضية القرار 1559 والسلاح والقبول بمعادلة الجيش والشعب والمقاومة، فإن الالتزام بالمحكمة والقرارات الدولية أمر لا مفر منه. انها عملية تفاوضية، وبحسب عناصر التسوية والضغوط الكامنة في اي اتجاه. وأي تسوية قد تنتج الحفاظ على التعاون في حدود مقبولة مع المحكمة؟.
وصدور القرار الاتهامي سيحفز على استئناف الاتصالات بفاعلية. وبات واضحاً هذه المرة الدعم الدولي الكامل والقوي لمسار المحكمة، وكل الاجتماعات التي حصلت في نيويورك وواشنطن أخيراً، أثبتت ذلك. وثمة أسباب وراء اعادة الزخم الى هذا الدعم، لعل أبرزها:
جملة التراكمات للسياسة الانفتاحية لا سيما الفرنسية حيال سوريا، اذ أن هذه السياسة أدت الى نتائج، لكنها محدودة وغير كافية. وهذه السياسة كانت لها تراكمات في محدودية انتاجها وأظهرت حدود ما يمكن أن تؤدي إليه في أحسن الظروف، الأمر الذي أدى الى اعادة التأكيد على الثوابت حيال المحكمة.
ان الهجوم الذي وقع ضد القوة الفرنسية العاملة في اطار اليونفيل قبل مدة، أزعج الفرنسيين، وجعلهم يحسبون كل الحسابات على الرغم من استمرارية مسار الانفتاح والحوار مع القوى الاقليمية.
بغض النظر عن لبنان، فإن فرنسا والولايات المتحدة وكل الدول الغربية، يصعب عليهم الوقوف ضد المحكمة لأنها دولية وتمثل الشرعية الدولية، ولا مصلحة للمجتمع الدولي في التخلي عن هذا المسار.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.