سادت خلال الأسابيع الماضية، أجواء تقول ان الإدارة الأميركية تتعامل مع الوضع اللبناني وكأن المحكمة الخاصة بلبنان أولوية، وهي كذلك، من دون الأخذ في الاعتبار موضوع الاستقرار، وإن لدى بعض الدول الأوروبية وفي مقدمها فرنسا، موقفاً متمايزاً لناحية ان المحكمة، التي تشكل أيضاً أولوية لها، تتوازى بأهميتها مع الحفاظ على الاستقرار، بدليل انها تدعم الحل في الوضع اللبناني، وتسعى الى المساعدة عبر الحوار والمساعي التي تبذلها مع كل الأطراف الداخليين والخارجيين.
لكن ما حقيقة الموقف الأميركي من الوضع اللبناني؟ وأين موقع واشنطن في الحركة الديبلوماسية والسياسية العربية والإقليمية والفرنسية حول لبنان؟
الثوابت الأميركية، بحسب مصادر ديبلوماسية غربية بارزة، تؤكد جملة معطيات بالنسبة الى الوضع اللبناني والاتصالات الجارية في شأنه، وهي:
- تمسك الإدارة الأميركية بالمحكمة كونها تمثل العدالة الدولية ووضع حد للإفلات من العقاب. ومبدأ العدالة الدولية مسألة لا لبس فيها. وفي هذا التمسك ثمة أولوية للمحكمة، بحيث أن واشنطن لا ولن تتدخل في عملها والمحكمة مسار قضائي مستقل، وتأخذ مجراها. انما هذا لا يعني أن الاهتمام بالاستقرار لا يرقى الى ان يكون أولوية. بل على العكس فهناك زيارات أميركية للبنان، ستتبعها أخرى، هدفها تشجيع كل الأفرقاء على التهدئة، وضرورة عدم المسّ بالاستقرار.
وهو الأمر الذي ابلغته أيضاً واشنطن عبر القنوات الديبلوماسية والتصريحات المباشرة، الى كل الأطراف والدول ذات الاهتمام بالشأن اللبناني.
- ان الولايات المتحدة تشارك بصورة غير مباشرة في مساعي التهدئة في لبنان، عبر الدول العربية وتركيا وفرنسا والأوروبيين، وكل طرف من هذه الأطراف يضعها تباعاً في أجواء وحصيلة تحركه. وهي على اطلاع وافٍ على صورة ما يحصل في لبنان، وبالتالي لديها اتصالات مباشرة مع هذه الدول وعلى تنسيق معها. ذلك ان انطلاق أي مسعى يكون بعلم الأميركيين وموافقتهم. كما أن أي قرار أو التوصل الى تسوية ما لن يأخذ طريقه الى التنفيذ الفعلي من دون موافقة واشنطن.
- ان مواقف الدول التي تشارك في التهدئة في لبنان، لا سيما العربية والتركية والأوروبية، تصب كلها في سياق الموقف الأميركي، أي التشديد على المحكمة وعلى الاستقرار معاً. وهناك تنسيق وتبادل آراء بين الإدارة الأميركية وهؤلاء الأطراف، وخصوصاً ان واشنطن قامت أخيراً بحملة ديبلوماسية لدعم المحكمة ولتنسيق المواقف في شأنها. وكل مواقف هذه الأطراف تسير في الاتجاه الأميركي نفسه، وهو عدم التخلي عن المحكمة، وتهدئة الأوضاع في لبنان.
- لا تملك الإدارة الأميركية المعطيات الكافية حول التحرك السعودي السوري المشترك إزاء الوضع اللبناني. لكن من المؤكد ان سلسلة لقاءات أميركية سعودية عقدت في الأيام الأخيرة في نيويورك، حيث يخضع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز لفترة العلاج بعد العملية الجراحية التي أجريت له. وهذه اللقاءات تناولت الوضع اللبناني والدور السعودي وما تحقق حتى الآن كما ان تركيا وفرنسا وضعتا الإدارة الأميركية في أجواء مساعيهما، وما ينتج عن اتصالاتهما ومشاوراتهما الإقليمية.
وبالتزامن مع الثوابت الأميركية، هناك إعادة تأكيد على دعم المؤسسات في لبنان، وخصوصاً الجيش اللبناني الذي تسلم أخيراً من واشنطن، مجموعة كبيرة من الأسلحة، الأمر الذي يشير الى تراجع الكونغرس عن قراره وقف المساعدات العسكرية للجيش. وهذا التراجع يتم من دون ضجيج، وستستكمل كل أوجه التعاون العسكري بين البلدين بحسب البرامج المعدّة.
كما تدعم واشنطن تنفيذ القرار 1701 بالكامل، وستتابع عبر سلسلة تحركات تقوم بها أي تطور في الوضع اللبناني الذي يعتبر محور ترقب شديد في مرحلة صدور القرار الاتهامي، وما بعده.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.