8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

الحريري في طهران: استمرار التواصل بين اللاعبين الإقليميين من أجل التهدئة

رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري اليوم في طهران. إنها الزيارة الأولى من نوعها له كرئيس لمجلس الوزراء اللبناني. وتتميز الزيارة بطابعها السياسي والاقتصادي في آن، لكنها لافتة نسبة الى توقيتها من حيث دقة الوضع السياسي الداخلي الذي سيكون في أساس جدول أعمال المحادثات.
وتفيد مصادر ديبلوماسية بارزة، بأن المسائل التي ستُبحث ستكون متابعة لما تم بحثه خلال زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الى بيروت الشهر الماضي، على أساس الزيارات من دولة الى دولة.
فإيران على المستوى الاقتصادي تطرح على لبنان مشاريع عدة، وترغب في تعميق العلاقات الرسمية انطلاقاً من باب الاقتصاد والاستثمار. لكن تحقيق هذه المشاريع يحتاج الى قرار سياسي، أي قرار من لبنان، وسط العزلة الدولية التي تعانيها إيران ووضعها الدولي على خلفية الموقف من ملفها النووي وملفات أخرى. وينسحب هذا الجو على المستوى السياسي، إذ أن إيران دولة إقليمية لها قوتها ونفوذها في لبنان والمنطقة، وهي تبدي في كل مناسبة دعمها لوحدة لبنان واستقراره، ومن هذا المنطلق يمكن للرئيس الحريري الذي تتميز سياسته بالانفتاح، والابتعاد عن المقاطعة سبيلاً للتعاطي السياسي، أن يسعى لإيجاد نقاط مشتركة يستثمرها من أجل استقرار لبنان وتهدئة الأجواء السائدة.
وبالتالي، فإن الحريري، بحسب المصادر، يتمسك بمعطيات محددة في زيارته والمحادثات التي سيعقدها:
أولاً، لفت انتباه المسؤولين الإيرانيين الى أن مصلحة طهران في أن لا تكون طرفاً في لبنان، لئلا يؤثر ذلك على علاقتها بالدول العربية والخليجية. وهذا التوجه من شأنه أن يجعل الأطراف في الداخل تحسب ألف حساب عند التهديد باللجوء الى الشارع، أو لدى اللجوء الى الفتنة.
ثانياً، ان الرئيس الحريري يذهب الى إيران وهو محصّن وقوي، يساعد في ذلك توازن المواقف العربية والتركية الداعمة للحكم والحكومة، وللمحكمة ذات الطابع الدولي في اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. الأمر الذي يؤثر في مقاربة الملفات الحساسة في إيران، إن كان على صعيد القرار الاتهامي في الجريمة أو التهديدات الإسرائيلية المستمرة للبنان.
ثالثاً، ان الرئيس الحريري سيكرر مواقفه من موضوع المحكمة، إذ أن جميع اللبنانيين اتفقوا على المحكمة، والأطراف اللبنانية التي لديها شكوك الآن على خلفية الشائعات التي تطال الجميع كانت تدعمها. ومن الأفضل انتظار القرار الاتهامي الذي إذا ما كان مدعّماً وموثّقاً سيتم إدراك كيفية التعامل معه. كما أن الحريري لا يريد فتنة، ومن الأفضل انتظار حكم المحكمة وهو الخطوة التالية لاحقاً، وليس فقط القرار الاتهامي.
رابعاً، ان الحريري سيطلق مواقف مطمئنة ليس فقط عن رفضه الفتنة، إنما عن وقوفه ضد إسرائيل في سعيها الى نزع سلاح حزب الله، لكن هناك إرادة لمعرفة الحقيقة، بحيث أن صديق إيران، حزب الله، كان مع المحكمة وصوّت عليها وأقرها في البيان الوزاري للحكومة.
ويتبيّن للمصادر، أن زيارة الحريري لإيران، تمثل مؤشراً الى وجود تواصل إيجابي بين اللاعبين الإقليميين والعربيين المؤثرين في الوضع اللبناني. الأمر الذي يقدم صورة إيجابية عن طبيعة المساعي، التي تُبذل لإيجاد مخارج للمشكلات التي تُظهّر في الداخل خصوصاً ما يتصل بمسألتي شهود الزور والقرار الاتهامي وتداعياته.
ما يمكن القول أن هناك هامشاً عربياً إقليمياً للتحرك الذي يقوم به الحريري، وأن خطوط الحوار على هذا المستوى لا تزال مفتوحة، وهي مرشحة للاستمرار. وهذا التحرك لن يكون مدار ردة فعل دولية، خصوصاً وأنه يصب في اتجاه استثمار كل الفرص المتاحة من أجل الحفاظ على التهدئة والاستقرار في هذه المرحلة. وهو الهدف الذي تشدد عليه الرسائل الدولية التي تُطلق.
وتقف إيران على تقاطع مثلث الأبعاد بالنسبة الى الوضع اللبناني. فهي تدعم المساعي المبذولة لتأمين شبكة أمان تحمي لبنان من السقوط في الفتنة والفوضى، وبالتالي هي على تنسيق مع المحور السعودي السوري حيال الوضع اللبناني بشكل بعيد عن الأضواء ومن دون أن تكون في الواجهة لأن معركتها الأساسية هي في الملف النووي.
لديها القدرة في أن تكون في الواجهة لكنها ترغب في البقاء على مسافة من الجميع لا سيما في ما يُعلن، لكنها تشدد في هذا المسار على الاستقرار والمقاومة، وهي تدع للاعبين العرب القيام بالدور الأساسي للتأثير على الأرض. وتحت سقف الاستقرار يمكن للجميع اللعب بكل العناصر المتاحة.
ثم إن إيران تريد أن تظهر أنها دولة قادرة في المنطقة ومؤثرة في الاستقرار وتعمل من أجله وأن المعني المباشر في الموضوع هو حزب الله. وهذا الموقف موجه الى الدول الغربية في رسالة مفادها أن طهران عامل استقرار في المنطقة.
كذلك، تسمح إيران وفق هذا التقاطع بأن يكون بينها وبين حزب الله توزيع أدوار، مع أنها ممسكة بالورقة الشيعية في لبنان. فهي تعلن أن لبنان بعيد عن الفتنة، وتحاول القول أن لا علاقة لها بالحزب، وأن علاقتها متساوية باللبنانيين جميعاً ولا تريد أن تكون فريقاً وأنها شيء والحزب شيء آخر، في حين أن الحزب يهدد بالمصير المجهول، ويضع مواقفه المستقبلية في غموض إذا ما صحّت الشائعات حول المحكمة. إنه الفارق في ما يُعلن. وفي سياق موقف طهران المعلن فإن زيارة الحريري تبعث بالنسبة إليها رسالة بأنها شريك أساسي في الحفاظ على الاستقرار في لبنان.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00