8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

أردوغان يستتبع زيارته للبنان باتصالات بالمعنيين بالتهدئة

تكتسب زيارة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الى لبنان أهمية خاصة، تنطلق من مضمونها وتوقيتها في آن. فمن ناحية المضمون، هي لتأكيد الدعم التركي لاستقرار لبنان ووحدته واستقلاله وسيادته، فضلاً عن بروز تلاقي الأهداف السياسية والاقتصادية بين لبنان وتركيا حيال قضايا عربية واقليمية ودولية. وفي التوقيت، تأتي الزيارة في مرحلة دقيقة يمر بها الوضع اللبناني، اذ تساهم تركيا من خلال دور بعيد عن الأضواء في التهدئة الداخلية، وهي كانت ساهمت في هذا الهدف، في محطات سابقة وظروف صعبة مرّ بها لبنان، نظراً الى علاقاتها بأكثر من طرف عربي واقليمي ودولي. كما تأتي الزيارة في توقيت بالغ الحساسية على المستويين العربي والاقليمي.
وتفيد مصادر ديبلوماسية بارزة ان زيارة أردوغان ستتبعها زيارة للرئيس التركي عبدالله غول الى بيروت في الشهر المقبل. استمع أردوغان من المسؤولين اللبنانيين الى آخر تطورات الأوضاع المعقدة والمحتدمة في الداخل. مع ان لديه اتصالات مسبقة لزيارته مع الاطراف العرب والاقليميين ذات التأثير في لبنان، فإنه من المتوقع بعد الزيارة، وفي ضوء ما سمعه في بيروت، أن يجري اتصالات مع كل من دمشق وطهران حول الوضع اللبناني، نظراً الى علاقاته الوطيدة بالطرفين.
وفي الوقت نفسه يهم الطرفان، ان يستجيبوا لأردوغان الى حد كبير، في ظل الضغوط والمحاصرة السياسية الدولية التي يتعرضان لها. فللزيارة اذاً علاقة بالوضع اللبناني لتخفيف التوتر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، ونسبة للدور الذي تؤديه تركيا على المستوى الاقليمي. وليس الجهد التركي بعيداً عن أن يكون داعماً للتفاهم السعودي السوري الايراني.
الا ان مصادر حكومية لبنانية، تؤكد ان الوضع الداخلي اللبناني كان محور بحث مع أردوغان، فضلاً عن أبعاد هذا الوضع الاقليمية والعربية والدولية. وتركيا مهتمة بذلك، وهي عامل مساعد لأهداف الاستقرار، وتثبيت العملية الديمقراطية والسياسية في لبنان، وتركيا ضد أي خروج عن المبادئ والثوابت الأساسية في الديمقراطية والحرية والسيادة والاستقلال. وتشير الى ان المحادثات التي عقدها أردوغان مع رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري كانت موسعة ومفصلة وتناولت العلاقات الثنائية، والوضع في المنطقة والوضع الدولي.
فتركيا مهتمة بسياسة الجوار، أي وجود جوار مستقر وسلمي. ولبنان من بين الدول الجارة لتركيا على الرغم من أن لا حدود مباشرة معه، انما لبنان يتأثر بالمنطقة ويؤثر بها، ما يؤشر الى اهتمام بلبنان من بُعد اقليمي. ان لا شيء يحصل في الداخل اللبناني الا ويصيب في تداعياته خارجه.
ولتركيا سياستها الجديدة مع العالم العربي. من هنا كان الوضع الاقليمي مدار بحث أيضاً وهي باتت لاعباً مهماً في المنطقة بمواقف واضحة وايجابية. فبالنسبة الى فلسطين وغزة، هناك مساندة للشعب الفلسطيني، وهي تنادي وتعمل من أجل السلام والاستقرار في المنطقة. وتتلاقى أهدافها مع أهداف لبنان كبلد يهمه السلام والاستقرار والنهوض بالشعوب في المنطقة، استناداً الى ما يقوله المستشار الديبلوماسي للرئيس الحريري الدكتور محمد شطح.
وزيارة أردوغان أيضاً، كانت لاستكمال ومتابعة ما كان بدأه المسؤولون في كلا البلدين من خلال التواصل المنتظم في مسيرة العلاقات الثنائية، وسيترجم هذا التوجه لاحقاً بمزيد من الاتفاقيات التي ستوقع، والتي يجري التحضير لها. لذا احتلت العلاقات الثنائية أولوية في الزيارة.
ويلتقي لبنان وتركيا في المواقف والرؤى في دعم تسوية عادلة وشاملة سلمية بين العرب واسرائيل، وسلام مبني على الثوابت العربية. وتتطلع تركيا الى الغرب من خلال علاقة قوية وثابتة، وتدعم محاولات واشنطن لاقامة السلام، وتريد ان تكون المنطقة المحاذية لها، مستقرة وسالمة، ولبنان هدفه تحقيق سلام عادل يشمل الجميع. وأظهر بحث الآفاق السلمية، تطابق وجهات النظر، لا سيما وان تركيا لعبت دوراً في مسار السلام ولا يزال دورها مطروحاً ليس فقط بالنسبة الى المسار السوري ـ الاسرائيلي، انما أيضاً في ما خص الملف النووي الايراني، والوضع الاقليمي المتعدد الابعاد، وتتخذ تركيا مواقف مؤيدة للحقوق العربية، بالتوازي مع مسارها في شأن العلاقات الوطيدة بالغرب.
وجرى عرض مواضيع متصلة بالنزاع مع اسرائيل، والقرارات الدولية، ونزاع ايران مع الأمم المتحدة ومع الغرب، والتهديدات المتبادلة، وكلها أمور تهتم لها تركيا، ولبنان يصيبه نصيب من تداعياتها.
وتم التوقيع على اتفاقية تجارية بين لبنان وتركيا. وتتصاعد الأهمية الاقتصادية لتركيا، في المنطقة وأوروبا بعدما وسّعت اقتصادها، ما يعني استفادة وافادة في علاقاتها التجارية بلبنان، كما تلعب السياحة بين البلدين، وإلغاء تأشيرات الدخول دوراً في التعاون الاقتصادي لا سيما، عبر شراكتها مع دول أخرى في المنطقة والغرب في شتى المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00