بعدما انتهت الانتخابات النصفية في الكونغرس الأميركي، بدأت الأنظار تتجه الى أداء الرئيس باراك أوباما في ضوء النتائج التي تحققت وخسارة حزبه، الأمر الذي لا يعتبر جيداً بالنسبة اليه. النتائج بالطبع ستكون لها تداعياتها على سياسته الداخلية والخارجية. وسيجري مراجعة بعد عودته الى واشنطن من جولة آسيوية يقوم بها.
والمراجعة، استناداً الى مصادر ديبلوماسية غربية بارزة، ستتناول تقييمه لنتيجة الانتخابات وما اذا كان سببها سياسته الداخلية أو الخارجية، اذ ان الوقت حان بالنسبة اليه ليتخذ قراراً حول ما اذا كان بالامكان الاستمرار في سياسته أو تغييرها أو التركيز على مسائل أخرى بعد ضغوط الانتخابات، لا سيما وانه لا تزال أمامه سنتان لاكمال حكمه، واذا ما أراد الترشح لولاية ثانية، فمن الحتمي أن يحاول تحقيق تقدم على صعيد ما، مع الاشارة الى أنه يبقى للرئيس هامش تحرك في تطبيق سياسته أياً تكن، نظراً الى الصلاحيات التي أعطاه اياها الدستور.
وتفيد المصادر ان الاتجاه في السياسة الأميركية بعد هذه النتائج ينحو الى التشدد، فالجمهوريون عادة يشددون على أمن اسرائيل. وبالتالي، من الناحية العملية، فإن المطالب الاسرائيلية ستلاقي دعماً أميركياً، وقد يضطر الرئيس الى غض النظر عن الضغوط على اسرائيل، التي تعد رابحة أساسية من جراء نتائج هذه الانتخابات، وسيكون هناك تشدد في امنها ومطالبها، ومن المتوقع أن يضغط الجمهوريون على أوباما لرفع الضغوط عن اسرائيل. ومن بين أبرز النقاط التي سيبحثها رئيس الوزراء الاسرائيلي بنامين نتنياهو في واشنطن التنسيق الأميركي الاسرائيلي للمرحلة المقبلة.
في المقابل، هذه النتائج لا تخدم الفلسطينيين بحيث لن تكون هناك امكانية لدفع عملية سلام فعلية وحقيقية، انما ستحاول الادارة ايجاد آلية محددة تعمل من خلالها على تقطيع الوقت، في انتظار مستجدات معينة. عملياً لا ترى المصادر عملية سلام، والشرق الأوسط سيتأثر بسبب الميل نحو ازالة الضغوط عن اسرائيل. مع الاشارة الى أن لا نية لدى الادارة لتغيير موفدها الرئاسي للشرق الأوسط جورج ميتشل وإبداله بمارتن انديك. كما انها لن تتخلى عن السلام انما ستسعى الى وضع آلية لضبط الوضع لكي لا تنزلق الأمور.
وفي النهاية، وبعد المراجعة سيسعى أوباما الى وضع جدول أولويات من جديد، وهو ضروري له، خصوصاً اذا ما كانت لديه مساع لولاية ثانية في الانتخابات الرئاسية في العام 2012.
وفي الموضوع اللبناني، لن تحصل تغييرات في سياسة واشنطن. فالجمهوريون أطلقوا السياسة حيال لبنان بالنسبة الى السيادة والاستقلال والمحكمة والمساعدات. وقد أعيد التأكيد عليها قبل الانتخابات وبعدها، تبعاً للظروف التي يمر بها لبنان. كل هذه الثوابت هناك اجماع عليها ان كانت السلطة في الكونغرس بيد الجمهوريين أو الديموقراطيين.
أما بالنسبة الى الحوار مع ايران وسوريا فتتوقع المصادر ان يكون أكثر صعوبة.
ومع أوباما وسيطرة الديموقراطيين سابقاً في الكونغرس، كان لدى سوريا فرصة للحوار مع واشنطن، انما الآن سيصبح وضع الحوار أكثر تشدداً. وقد بدأت بوادر التشدد تظهر منذ أشهر حتى قبيل فوز الجمهوريين بالكونغرس، الى حد بات معه القول انه بغض النظر عمن يأتي بعد أوباما الى الحكم أكان جمهورياً أم ديموقراطياً فإن الحوار سيكون أكثر تشددا.
ونتائج الحوار مع سوريا، بحسب المصادر، لم تصل الى أي مكان، حتى ان واشنطن لن ترسل سفيرها المعين لدى دمشق روبرت فورد، والقضية باتت معقدة أكثر من أي وقت.
كما أن الحوار الأميركي مع ايران لم يصل الى نتيجة، لا بل ان الحديث الأميركي عن مزيد من العقوبات في مجلس الأمن بات مطروحاً بشدة. واذا ما رأى أوباما الآن ان الحوار لا يزال يؤدي الى نتيجة فسيستكمله، أو أن لديه خيارات أخرى أبرزها دعم خيار الحوار بطريقة ثانية.
وتتوقع المصادر ان ترتكز أي خيارات جديدة لدى أوباما على تحسين الوضع الداخلي والذي كان مؤثراً جداً في خسارة حزبه. والوضع الاقتصادي سيئ ما يجبر الرئيس على ايجاد حل عبر فرص عمل أو غير ذلك.
كما يتوقع أن تفضي مراجعته الى أن يرى مجالات الاتفاق مع الجمهوريين في مواقع في السياسة الخارجية، وأين توجد اخفاقات ليعمل عليها. وفي المجالات التي يمكنهم الالتقاء حولها ستكون هناك خطط مشتركة أهمها في أفغانستان، وفي موضوع الأمن القومي الأميركي. وقد يضطر أوباما الى الانخراط أكثر في السياسة العراقية، وسيتخطى المسائل الحساسة التي يمكنها تقسيم البلد، لكن من المؤكد ان الجمهوريين سيضطرون الى التنسيق مع أوباما في كل المجالات المستقبلية في السياسة الخارجية.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.