تكتسب زيارة وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير لبيروت أهمية خاصة، ذلك أن توقيتها يأتي في خضم أزمة داخلية، مردها الى ردود الفعل لقوى 8 آذار على مسار المحكمة الخاصة بلبنان، ثم إن هدفها يكمن في إبراز الدور الفرنسي في المساعدة على الاستقرار والتهدئة، انطلاقاً من دعم فرنسا الدائم للبنان ووحدته واستقلاله وسيادته.
وتترجم المحادثات التي بدأها كوشنير أمس ويستكملها اليوم مع المسؤولين والقيادات، استعدادات الرئيس نيكولا ساركوزي لبذل جهود حيال الأزمة السياسية الناشئة، من أجل الحد من التوتر. وبالتالي فإن أبرز المواضيع التي يبحثها كوشنير في لبنان، وفق مصادر ديبلوماسية فرنسية هي:
- المحكمة ومواقف الأفرقاء منها، وسط رغبة فرنسية في ألا يشكل هذا الموضوع نقطة خلاف بين اللبنانيين، في ضوء استكمالها لمهمتها وللإصرار الفرنسي والدولي على استقلاليتها وعلى دعمها وصولاً الى معرفة الحقيقة والعدالة.
- حض الأطراف اللبنانيين على عدم التصعيد في اللهجة الأمر الذي ينعكس إيجاباً على المناخ العام في البلاد. ويحمل كوشنير رسالة دعم الى رئيسي الجمهورية ميشال سليمان ومجلس الوزراء سعد الحريري في إطار دعم فرنسا الكامل لعمل مؤسسات الدولة ومنع أي تأثيرات سلبية على مسارها.
- إبراز الاستعدادات الفرنسية للعب دور مساعد في الحوار بين الأطراف. ويندرج الدعم الفرنسي لاستمرارية طاولة الحوار الوطني في سياق الدعم لسياسة الحوار في لبنان، وما يمكن لفرنسا أن تقوم به لمؤازرة هذا المنحى.
- توجيه رسالة مفادها أن الاستقرار في لبنان خط أحمر، وأنه من الممنوع المس به أو التلاعب بالأمن.
- السعي الى حمل الأطراف كافة على اعتماد الخطاب المعتدل لما فيه مصلحة البلاد. فضلاً عن الاستماع الى وجهات نظرهم في ما يمكن لفرنسا القيام به لوضع حد لأجواء التشنّج.
- التواصل مع الأطراف اللبنانيين لاستطلاع الآراء قبيل صدور القرار الاتهامي، في حال كان سيصدر في المرحلة المقبلة، مع العلم أن أي جهة لا تعرف توقيت صدوره. وهناك قلق فرنسي من خطورة الوضع في لبنان، ويسعى كوشنير لدى الأفرقاء الى تثبيت التزام لبنان بالقرارات الدولية ذات الصلة بأوضاعه لا سيما القرارات المتصلة بالمحكمة. وتشير المصادر الى أن فرنسا تقوم باتصالات مع الدول ذات الاهتمام والتأثير في الشأن اللبناني للهدوء وعدم التصعيد.
وفضلاً عن الوضع اللبناني، يتحدث كوشنير مع المسؤولين حول سبل إمكان لعب دور فرنسي وأوروبي في موضوع السلام في الشرق الأوسط، خصوصاً وأن باريس اعتبرت نفسها مغيبة والاتحاد الأوروبي عن جهود السلام والتي أفضت الى التفاوض المباشر بين الفلسطينيين وإسرائيل والذي ما لبث أن توقف، وترغب فرنسا في لعب دور يمكن أن يكون مساعداً في بلورة أفكار جديدة للتفاوض. ويعوّل كوشنير على الأفكار التي طرحت أثناء لقاء ساركوزي مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس والتي تعبّر عن نظرة جديدة للتفاوض.
وفي مجال آخر، سيحض كوشنير لبنان على المشاركة في قمة الاتحاد من أجل المتوسط والتي تقرر عقدها في برشلونة في 20 و21 تشرين الثاني الجاري. كما تعمل فرنسا على حض كل الدول العربية على المشاركة، بغض النظر عن مسار التفاوض المباشر الذي لم يحقق نتيجة لا بل توقف. وتأتي زيارة كوشنير لبيروت ومسعاه في هذا الاتجاه، قبيل الاجتماع الذي ستعقده المجموعة العربية في الشراكة مع أوروبا في القاهرة، يوم غد الأحد، ويهدف الى تنسيق المواقف قبل القمة، والبحث في انعقادها أو عدمه. وينعقد الاجتماع على مستوى المسؤولين الكبار.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.