بدأ العد العكسي للانتخابات الجزئية في الكونغرس الأميركي التي ستجرى في الثاني من تشرين الثاني المقبل، أي بعد نحو أسبوعين من الآن. والاستعدادات لدى الحزبين الديموقراطي الحاكم والجمهوري على أشدها في إطار الحملة الانتخابية التحضيرية.
ولاحظت مصادر ديبلوماسية غربية أن هناك انطلاقة جمهورية واسعة النطاق في الحملة وتعويلاً كبيراً لدى الحزب الجمهوري على الربح والقدرة على اكتساح الكونغرس مجدداً، وأي فوز لهذا الحزب سيعيد خلط الأوراق على مستوى دور الكونغرس في السياستين الداخلية والخارجية للولايات المتحدة، وسط ترقب للوضع الدقيق الذي يمر به الديموقراطيون لناحية محدودية الإنجازات التي حققها الحزب الحاكم، ان في الاقتصاد، وهو الأمر الأكثر تأثيراً على نتائج هذه الانتخابات، أو في السياسة الخارجية الأقل تأثيراً عليها، على الرغم من أهميتها، بحيث أن المؤثرات تتداخل مع بعضها، في مسائل مثل الانتخابات في الكونغرس.
قبل شهرين على الانتخابات كانت كل المعطيات تجمع على أن تأثير الملف الداخلي وتعقيدات الأزمة الاقتصادية والحلول المتاحة لها، لن تصل الى درجة الخسارة الكاملة للحزب الديموقراطي وإلى تآكل الغالبية في الكونغرس. أما اليوم، تشير المصادر، الى أن هناك خطورة في أن يخسر الحزب الحاكم الأكثرية في الكونغرس، إذ هناك طحشة جمهورية ورغبة وإرادة قويتان لاستعادة الدور في القرار السياسي وترتيب الوضع عبر العودة بقوة الى الكونغرس، الأمر الذي يزيد من عزم الديموقراطيين على تحقيق المكاسب، الى حد دفع بالعديد من أركان إدارة الرئيس باراك أوباما الى تقديم استقالاتهم تدريجياً من مواقعهم، لأسباب داخلية لها علاقة بالانتخابات في الكونغرس.
غير أن المصادر تعتبر أنه في حال فوز الجمهوريين قد يحصل تأثير في السياسة الخارجية على سياسة الإدارة، لكن حصول ذلك ليس حتمياً، إذ قد يستطيع الرئيس الذي يمتلك الصلاحيات الكبيرة القوية استناداً الى القوانين الأميركية، أن يتخطى إرادة الكونغرس، وهذا يعتمد على السياسة التي ستتبعها الإدارة في هذه الحالة. لكن ذلك لا يعني أن الجمهوريين لن يسعوا الى التأثير، وهناك احتمال لهذا السعي لاسيما إذا ما أصرّ الجمهوريون على أن يستفيدوا من الفوز ومن المعطيات كافة المحيطة به، ضد أوباما، أي للتأثير على سياسته في المجالين الداخلي والخارجي. وهنا قد يتجه الرئيس الى التعاون مع الجمهوريين أو الى منع هذا التأثير عبر استعمال الحق القانوني. والتدخل الجمهوري في السياسة الخارجية، يعني عودة نسبية الى التشدّد، بحيث أن الجمهوريين تقليدياً أقسى من الديموقراطيين في السياسة الخارجية، كما أنهم أكثر انخراطاً في شؤون الدول، وأكثر صراحة في السعي الى تطبيق سياساتهم حيالها.
أما في حال فاز الديموقراطيون في الكونغرس وبقيت الأكثرية معهم، فإن المنحى الحواري سيستمر على مستوى السياسة الخارجية، لاسيما مع الدول الإقليمية، وهناك استمرارية أيضاً لمنحى عدم التدخل اليومي في سياسات الدول ومحاولة التوفيق بين السياسات العامة في شأن منطقة ما وملفاتها العالقة، كما يحصل بالنسبة الى الشرق الأوسط، والسياسات الخاصة تجاه كل دولة، ولكن من دون أن يعني أن ثمة قضية على حساب أخرى. وهذا ما يتم التأكيد عليه مراراً بالنسبة الى الوضع اللبناني. ثم أن دعماً شعبياً جديداً سيتكرس للرئيس أوباما الذي عمل على كل الخطوط المتاحة لإحراز الفوز، على خط عملية السلام واستئناف مسار التفاوض المباشر بين الفلسطينيين وإسرائيل تمهيداً لإطلاق المسارات الأخرى. وحتى الآن هذا الجهد لم ينجح بفعل الرفض الإسرائيلي، ويستبعد أن يحصل اختراق على هذا الخط من الآن حتى الانتخابات. وكانت سبقته خطوة في اتجاه الملف العراقي بحيث أنهيت قبل شهرين تقريباً المهمة القتالية للجنود الأميركيين في العراق. وهناك التحرك الأميركي ـ الأوروبي الحالي لدرء مخاطر عمليات إرهابية محتملة تطال القارتين.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.