تراقب الدول العربية والغربية تطور الموقف في لبنان في ضوء كلام أركان المعارضة وحزب الله تحديداً حول مسار المحكمة ذات الطابع الدولي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري والجرائم الأخرى ذاك الصلة. وبدا واضحاً لهذه الدول انه على الرغم من مساعي التهدئة، فإن التوجه لدى الحزب هو لمزيد من تصعيد المواقف، وآخرها ما حصل في لجنة المال والموازنة بالنسبة الى سداد لبنان حصته في تمويل المحكمة.
وفي وقت شددت واشنطن وباريس، وكذلك الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون على أهمية الاستقرار والسلم في لبنان لا سيما في هذه المرحلة، لا تزال الدول تنتظر رؤية القرار اللبناني النهائي في مسألة الاستمرار في تمويل المحكمة، لا سيما من خلال ما ستقره الهيئة العامة للمجلس النيابي، لكن من دون ان تسقط من حساباتها ان يتوالى التصعيد ليؤثر فعلياً في التزامات لبنان المالية حيال المحكمة، كون هذا الموضوع إحدى الخطوات التي سيعتمدها حزب الله في عرقلته مسار المحكمة.
الا ان مصادر ديبلوماسية دولية تؤكد ان أي تعثر محتمل في تمويل لبنان للمحكمة التي يشكل نهاية لها، كما انه لن يؤثر في مهمتها التوصل الى معرفة الحقيقة ومقاضاة المجرمين.
وهناك خطوات عدة يمكن اتخاذها تنبثق من نص القرار 1757 الذي قضى بإنشاء المحكمة. اذ نص هذا القرار في الفقرة ج من البند الأول منه على انه اذا أفاد الأمين العام (للأمم المتحدة) بعدم كفاية مساهمات الحكومة اللبنانية لتحمل النفقات المبينة في الماد 5(ب) من الوثيقة المرفقة (أي من نظام عمل المحكمة) جاز قبول أو استخدام تبرعات مقدمة من الدول الأعضاء لتغطية ما قد يواجه من نقص.
وبالتالي، تقول المصادر، ان المحكمة يمكنها العودة الى الأمين العام للأمم المتحدة، أو الى مجلس الأمن الدولي مباشرة لدى مواجهتها أي عقبة من أي نوع كانت، وعلى أساس ذلك يتصرف المجلس وينظر في المسألة، أو يقوم الأمين العام باللازم، وهذا يعني دعوة الأمين العام، أو المجلس، الدول الأعضاء في المنظمة الدولية الى تغطية أي نقص مالي وإعادة تعويم موازنة المحكمة. وتبعاً لذلك، سيكون هناك ممولون آخرون. ويذكر ان مساهمة لبنان في تمويل المحكمة تبلغ 49 في المئة من موازنتها، في حين ان المساهمة الدولية تبلغ 51 في المئة، ويصل اجمالي الموازنة للمحكمة للسنوات الثلاث من عملها 131 مليون دولار، منها 51 مليوناً للسنة الأولى. ثم 45 مليوناً و35 مليوناً لكل من السنتين الثانية والثالثة.
يشار الى ان الأمانة العامة للأمم المتحدة كانت أنشأت صندوقاً ائتمانياً لتلقي التبرعات المقدمة لإنشاء المحكمة وأنشطتها. وتدار الأموال من المحكمة مباشرة، وليس عن طريق صندوق ائتماني تابع للأمم المتحدة. وأكدت تقارير الأمين العام حول مراحل انشاء المحكمة انه سيواصل السعي الى تحصيل الأموال اللازمة من الدول الأعضاء, وسيحضّ الجميع على دعم المحكمة والمساعدة في هذا الجهد. الأمر الذي كان يتم بالفعل من جانب كي مون، وحيث كان يعمل ويوجه نداءات دولية للاستمرار في مد المحكمة بالتمويل للسنة التالية بعدما يكون وفر المبلغ المطلوب للسنة الجارية من عملها.
لذا لن يكون هناك مشكلة تمويل حتى لو عمد فريق الى عرقلة السلطة في سداد لبنان التزاماته المالية حيال المحكمة، وما دامت المحكمة تحظى بالدعم الدولي اللامحدود من أجل العدالة والحقيقة، فإن التمويل لن يكون عثرة.
وتفيد المصادر انها لا تترقب مسألة موقف الحزب من التمويل فحسب، بل ان هناك مسألة أخرى وهي طريقة تعامله مع صدور القرار الاتهامي، وتعامله مع تعاون السلطات القضائية اللبنانية في هذا المجال. ثمة انتظار لمعرفة ماذا سيحصل، ومن غير اللازم استباق الأمور، لا سيما وان أسماء المتهمين لا تزال غامضة.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.