عين الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي قبل نحو شهر، السفير جان كلود كوسران مبعوثاً خاصاً لمتابعة الاتصالات في شأن احتمالات معاودة المفاوضات على المسار السوري الاسرائيلي. وسيعمل كوسران الى جانب وزير الخارجية برنار كوشنير. جاء ذلك في وقت كانت الجهود الدولية والأميركية تحديداً تنصب على اطلاق التفاوض المباشر على المسار الفلسطيني الاسرائيلي، والذي أطلق بالفعل في واشنطن الخميس الماضي.
ما هي أهمية الاهتمام الفرنسي بالمسار السوري الاسرائيلي، وأهمية توقيت هذا الاهتمام؟.
ثمة خلفيات وابعاد متنوعة وراء قيام هذا الدور الفرنسي، استناداً الى مصادر ديبلوماسية أوروبية، لعل أبرزها ما يلي:
ان الرئيس ساركوزي كان قد عرض مراراً على دمشق القيام بدور مسهل لمسارها مع اسرائيل الى جانب تركيا. غير ان سوريا كانت تتمسك دائماً بالوساطة التركية، في حين كانت اسرائيل ولا تزال ترفض عودة تركيا الى الاضطلاع بدور الوسيط مع سوريا. الا ان باريس وجدت ان الظروف حالياً تشجع على قيامها بتحرك ما للمساهمة في تحريك عملية السلام في الشرق الأوسط بصورة تشمل المسارات كافة ولا سيما السوري الاسرائيلي، الذي يؤدي تحريكه الى تسهيل المسار الفلسطيني الاسرائيلي، وكذلك تسهيل التحرك لتفعيل المسار اللبناني الاسرائيلي في وقت لاحق، ما يعني الاهتمام الفرنسي بالدور السوري في المنطقة وانعكاسه على قضايا عدة فيها.
ان فرنسا خلال السنتين الماضيتين وحتى الآن أرست سياسة من الانفتاح على دمشق وبات لديها اهتمام متزايد بها، ومن خلال هذا الانفتاح كانت هناك تفاهمات في شأن أكثر من موضوع في المنطقة لا سيما حول لبنان وضرورة الاستقرار والتهدئة فيه، وتنفيذ بنود القرارات الدولية.
وبالتالي، ترى فرنسا ان الاستمرار في سياسة التقارب مع دمشق والذي يؤدي الى الاهتمام بالأولويات السورية بالتزامن من جانب فرنسا، يعطي ثماره، لا سيما إذا ما تم تفعيل مسارها مع إسرائيل في خصوص الجولان السوري المحتل.
ومن ثمار ذلك مزيد من عوامل الاستقرار في ملفات المنطقة كافة، ومزيد من التقارب والتنسيق الفرنسي السوري، في وقت تمر المنطقة بأوضاع حساسة ودقيقة، ان بسبب الملف النووي الإيراني وتداعياته، أو بسبب التهديدات الإسرائيلية، مروراً بالاتجاهات التي تتزايد في منحى التطرف في بعض المواقع في المنطقة، ما يؤشر الى ان انخراط سوريا في عملية السلام وفق الثوابت العربية، سيساعد في تعزيز مناخات الاستقرار والسلام الإقليميين.
ان المسار السوري الإسرائيلي مسار مستقل بالنسبة الى الفرنسيين، وتبعاً لذلك فإن العمل لتحريكه مهمة منفصلة عن الجهود الآيلة الى تفعيل المسار الفلسطيني الإسرائيلي خصوصاً ان مواضيع المسار السوري معروفة.
_ ان هناك تنسيقاً فرنسياً مع الولايات المتحدة في الخطوة الفرنسية التي اتخذت بالنسبة الى تعيين كوسران والتحرك الذي سيُباشره في هذا المجال. في وقت تنصب الجهود الأميركية على إنجاح التفاوض المباشر على المسار الفلسطيني الإسرائيلي، ليتحول الإنجاز من المستوى الشكلي الى المستوى الجوهري. وبالتالي، تتجه الأنظار في 26 الجاري الى الموقف الإسرائيلي من الاستيطان الذي هو المؤشر الأساسي لتوضيح النوايا الإسرائيلية.
ومن المقرر ان يزور كوسران سوريا وإسرائيل وتركيا قبل نهاية أيلول، ولن تشمل جولته لبنان لأن مهمته غير متصلة به. كما ان زيارته لتركيا تأتي بسبب الدور الذي أدته بين سوريا وإسرائيل في السنوات الماضية.
وأكدت المصادر ان زياراته المرتقبة ستندرج في إطار بداية مهمته، بحيث سيستطلع الأجواء والمعطيات لدى الأطراف الثلاثة من التفاوض، قبل ان يقوم بطرح أفكار محددة.
يشار الى ان كوسران يتولى حالياً منصب مدير الأكاديمية الديبلوماسية الدولية. وسبق أن تولى منصب مدير قسم الشرق الأوسط وأفريقيا في وزارة الخارجية الفرنسية. وكان سفيراً لبلاده في دمشق والقاهرة وأنقرة. كما تولى منصب مدير الاستخبارات الفرنسية الخارجية.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.