يجري مساعد الموفد الأميركي الرئاسي لشؤون الشرق الأوسط فريدريك هوف في بيروت محادثات مع المسؤولين الكبار تتناول تطورات العملية السلمية والوضع في المنطقة. ويستطلع في الوقت نفسه القراءة اللبنانية حيال هذه المسائل.
ويأتي هوف الى بيروت مبعوثاً من الموفد الأميركي جورج ميتشل والإدارة الأميركية لكي يطلع المسؤولين على ما حققته المفاوضات غير المباشرة بين الفلسطينيين وإسرائيل على مدى الأشهر الماضية، والجهد الأميركي الذي أوصل الى التفاهم على إطلاق المفاوضات المباشرة بين الطرفين. ذلك أن مصادر ديبلوماسية قريبة من الإدارة الأميركية، تشير الى أن ما حققه التفاوض غير المباشر هو الانتقال الى التفاوض المباشر، وأنه أَبْرَزَ ضرورته، خصوصاً وأن أولويات الإدارة إرساء المسار الفلسطيني الإسرائيلي ووضع كل الثقل لكي يحقق تقدماً، بحيث يتضمن ذلك العمل على أن تعترف إسرائيل بالدولة الفلسطينية من الآن وحتى سنة 2012. وفي هذا المجال سيسأل هوف عن موقف لبنان من التفاوض الفلسطيني الإسرائيلي المباشر، ونظرته الى المراحل التي تقطعها العملية السلمية. وسيؤكد لبنان التزامه بالمبادرة العربية للسلام، وبالسلام الشامل، وبضرورة تنفيذ إسرائيل لقرارات الشرعية الدولية لا سيما القرار 1701.
كذلك سيستكشف هوف آفاق إمكانية تفعيل المسارين اللبناني والسوري مستقبلاً والاستعدادات اللازمة لاحقاً. إذ أنه لن يحض لبنان الآن على الانخراط في العملية السلمية، لأن هذا الموقف سيصبح حتمياً، بعد حصول تقدم جوهري على المسار الفلسطيني الإسرائيلي، ونضوجه بالشكل الذي يفتح المجال واسعاً أمام انطلاق التحرك لتفعيل المسارين. لكن واشنطن تدرك أن تعيين فرنسا موفداً خاصاً للاهتمام بالمسار السوري الإسرائيلي هو السفير جان كلود كوسران يعني إعطاء اهتمام لتفعيل هذا المسار، إنما أي جهد في هذا الإطار لن يتحرك قبل انتهاء العطلة الصيفية الدولية، وقبل التنسيق مع الإدارة الأميركية.
ويأتي تحرك هوف في اتجاه بيروت بعد إرجاء زيارته قبل نحو أسبوع بسبب أحداث الجنوب الأخيرة، فيما الإدارة تعد لإخراج استجابتها وإسرائيل للشروط العربية التي وردت في الرسالة الموجهة اليها في اجتماع لجنة المبادرة العربية للسلام. وسيرعى التفاوض المباشر ميتشل، الذي يعمل حالياً لإعداد آليته ومكانه وزمانه بالتحديد والمتوقع في شهر أيلول المقبل.
ويعتبر العرب أن الغطاء الذي تم إعطاؤه للفلسطينيين للتفاوض المباشر فرصة لإعادة الروح الى المبادرة العربية للسلام التي أقرتها قمة بيروت 2002، ولو بوجه آخر. والأميركيون يناسبهم موعد أيلول لبدء التفاوض، بحيث يتم تأجيل اللجوء العربي الى مجلس الأمن في أيلول إذا لم تنجح المفاوضات غير المباشرة كما أعلن العرب. كما يناسبهم هذا الموعد عشية الانتخابات الجزئية في الكونغرس حيث تسعى الإدارة الى الايحاء بتحقيق نتائج وتقدم عبر الانتقال الى التفاوض المباشر، وهذا الموعد جيد لأن هذه المفاوضات يجب أن تبدأ قبل 26 أيلول تاريخ انتهاء العمل بوقف الاستيطان.
أما إسرائيل فتعتبر أنها انتصرت من غير شروط تعجيزية، فهي لم تدع التفاوض غير المباشر يحقق نتائج جوهرية. وكما أرادت يتم الانتقال الى التفاوض المباشر والذي بدوره، لا يزال غير واضح النتائج، لا سيما ما يرتبط بنوايا إسرائيل. وشرط وقف الاستيطان بالنسبة اليها ليس تعجيزياً ويمكن التعامل معه.
وعلى لبنان التنبه لدى انطلاق التفاوض المباشر على المسار الفلسطيني الإسرائيلي، ذلك أن لديه قضايا مثل حق العودة للفلسطينيين في إطار رفضه التوطين، وحق المقاومة والدفاع عن النفس، فهل سينعكس أي تفاوض على مصير هذا الحق لدرجة إسقاطه في حالة التفاوض المباشر؟ المهم وجود تفاهم داخلي على مستوى جاهزية لبنان ومصالحه لا سيما في النقاط التي يمكن التفاهم عليها بين الفلسطينيين وإسرائيل والتي لها ارتباط مع وضع لبناني ما مباشر أو غير مباشر، خصوصاً إذا كان التفاوض جدياً. فضلاً عن التنبه الى مسألة أن على أرض لبنان قوى ممانعة لا تتحرك بقرار رسمي لبناني مما يؤثر في تحركاتها.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.