8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

خطر لجوء إسرائيل إلى اختبارات قائم

بعد العدوان الإسرائيلي الأخير على الجيش اللبناني في الجنوب، تتفاوت المعطيات في التقارير الديبلوماسية في بيروت وتلك الواردة إليها، حول مدى توقف العدوان عند هذا الحد أم لا.
إذ يتبين أن ثمّة معطيات تؤكد أن ما حصل الثلاثاء الماضي لن يتكرر في المرحلة المقبلة، نظراً إلى عودة الوضع إلى الانضباط واللعبة إلى قواعدها، من جراء الاتصالات الديبلوماسية التي قام بها لبنان الرسمي على المستويات كافة مع الدول الكبرى والعربية والمحورية في المنطقة. وهذه المعطيات تشير إلى أن التخوّف كان سيطر بعد ظهر الثلاثاء وليل الثلاثاء الأربعاء من حصول أي تطور، خصوصاً وأن إسرائيل لم تلتزم بادئ الأمر بطلب اليونيفيل وقف النار، مع العلم أن لبنان استجاب فوراً لهذا الطلب. وفي فترة عدم الالتزام به، تصاعد القلق من انزلاق الوضع وتطوره سلباً على الصعيد الأمني، لكن، بعدما أفضت الاتصالات إلى نتيجة، يسود ارتياح لبناني إلى حد ما، وخارجي إلى القدرة على ضبط الوضع، مع أن عدم الالتزام الإسرائيلي حمل رسائل في اتجاه عدم تمرير أي رد لبناني قاسٍ، لا سيما وأنّ مقتل الضابط الإسرائيلي الكبير في العدوان لم يكن سهلاً على القيادة الإسرائيلية تحمله، لكن إسرائيل ستعود وتلتزم بالـ1701، وأي استفزاز من حزب الله سيؤدي إلى تدهور الوضع على الحدود.
وفي هذا السياق، سيستكمل وزير الخارجية والمغتربين علي الشامي استدعاء سفراء الدول كافة اليوم، في مجال تحصين الوضع، ولكي يقوم لبنان بالتنبيه إلى عدم تكرار مثل هذا العدوان.
أما المعطيات الثانية، والتي تتفاوت مع الأولى، فتشير إلى أن العدوان وعلى الرغم من توقفه بعد ساعات، زاد من القلق اللبناني الداخلي، الذي تقاطع مع قلق بعض الأطراف الدولية، حيال النوايا الإسرائيلية غير السليمة، وزاد في الخطر القائم في الأساس رغم التهدئة. من هنا كان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون يحذر دائماً من أن الوضع في الجنوب لا يزال هشاً. وفي ذلك أيضاً، خطر النزاع لا يزال قائماً بين لبنان وإسرائيل على خلفية أن الأخيرة لن تقبل بتسلح حزب الله، ولن تقبل بالنفوذ الإيراني انطلاقاً من تسلح الحزب، وما يزيد من قلق هذه المعطيات هو أن أي جهة لا يمكنها أن تدرك ما إذا كانت إسرائيل ترغب في إجراء اختبار آخر للبنان على غرار ما حصل الثلاثاء من اختبارها مدى استعداد الجيش اللبناني للمواجهة، وإلى أي حد هو لاعب فعلي في حال قيامها بمغامرة عسكرية ما في الجنوب، أو أنه جزء من الواقع على الأرض. وأظهر الاختبار أنه كانت لدى الجيش توجيهات للذهاب في أي مواجهة حتى النهاية. كما أثبتت تداعيات العدوان أن الجبهة الداخلية في لبنان متراصة وداعمة للجيش، لكن هذا لا يعني أن اختبارات أخرى لن تحصل. وبالتالي، لا يمكن لأحد أن يحسم عدم تكرار لجوء إسرائيل إلى اعتداءات مشابهة، ويمكن لإسرائيل تفجير الوضع في أي لحظة إذا ما رأت مصلحة لها بذلك.
إلا أن المعطيات لاحظت أن بيان مجلس الأمن الدولي طلب من لبنان وإسرائيل وقف النار والتزام القرار 1701، أي أنه ساوى بين الطرفين على أساس أن الجيش قام بالرد على الإسرائيليين. وأفادت المعطيات أن مجلس الأمن لا يصدر بياناً إلا ويساوي فيه بين الطرفين، ولن يضع الحق على إسرائيل، وإلا فإنّ عراقيل ديبلوماسية تتصاعد لمنع صدوره.
لكن العدوان وتداعياته لن تؤثر على التجديد لـاليونيفيل نهاية الشهر الجاري في مجلس الأمن. وسيطلب كي مون في رسالة إلى المجلس في غضون أيام التجديد لها بناء على طلب لبنان، ونظراً إلى أهمية مساهمتها في الأمن والسلم الدوليين والاستقرار والهدوء على الحدود اللبنانية الإسرائيلية. وقد يكون هناك موقفان للدول المساهمة في القوة نتيجة الوضع الهش في الجنوب، إما ازدياد التمسك بالقوة في هذه المنطقة، أو رؤيتها أن الوضع الراهن طال كثيراً، في كل الأحوال فإنّ دور القوة في النزاع هو القيام بما تستطيع القيام به في إطار الـ1701، فهي تفاوض على وقف النار بين لبنان وإسرائيل وتقوم بالاتصالات على الأرض ورعاية اللقاءات بين الضباط اللبنانيين والإسرائيليين، لكن هناك خطر انكفائها في حال حصول انزلاق أمني كبير، لأن دولها لن تقبل أن تكون أكياس رمل بين المتصارعين.
لبنان لا يزال في حالة حرب مع إسرائيل، وما نفذ من الـ1701 هو وقف الأعمال العدائية، ولم يتم التوصل إلى وقف النار النهائي. أما عن اتفاق الهدنة في العام 1949، فمن المنظار الإسرائيلي، إذا استمر تدفق السلاح إلى حزب الله، فإنّ الاتفاق غير معمول به، ومن المنظار اللبناني لا اتفاق مئة في المئة على اعتماده، وثمة مَن يربط اعتماد الهدنة بشروط أبرزها إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لمزارع شبعا والنقاط الحدودية الثلاث وتلال كفرشوبا والغجر، ويلاحظ أنه منذ العام 1949 حصلت حروب كبيرة بين لبنان وإسرائيل من جراء اعتداءات الأخيرة.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00