المفاوضات السلمية غير المباشرة بين الفلسطينيين وإسرائيل باتت قائمة. وسيحضر الموفد الرئاسي الأميركي للسلام في الشرق الأوسط جورج ميتشل مجدداً الى المنطقة الأسبوع المقبل لاستكمال مهمته في رعاية هذه المفاوضات.
وستتكشف بنتيجة فترة الاشهر الأربعة المعطاة لهذا التفاوض آفاق المرحلة المقبلة، لا سيما من حيث مدى إمكان استئناف مفاوضات سلمية مباشرة على مختلف المسارات خصوصاً المسارين اللبناني والسوري مع إسرائيل. هذا ما تفيد به مصادر ديبلوماسية غربية واسعة الاطلاع، ذلك، ان الأولوية حالياً هي للمسار الفلسطيني ـ الإسرائيلي، ولدى إحرازه تقدماً جوهرياً ستعمد الإدارة الأميركية الى تحريك المسارين الآخرين، لأن التقدم يعني ان في الإمكان الانتقال من التفاوض غير المباشر الى التفاوض المباشر. وبالتالي، فان فرصة الأشهر الأربعة المعطاة لهذا التفاوض ستشكل محطة محورية في العملية السلمية برمتها، بعدما تمكنت واشنطن من السعي الى إعادة بناء الثقة بين الطرفين، وساهم الموقف العربي بصورة فاعلة في انعقاد التفاوض غير المباشر.
وتعوّل الإدارة على هذه الخطوة، لكنها تدرك في الوقت نفسه الصعوبات المحيطة بمهمة ميتشل، خصوصاً ان إسرائيل خضعت للضغوط الأميركية والدولية للقبول بالتفاوض غير المباشر، ولا يريد العرب ان يكون موقفهم سلبياً مع واشنطن، حيث قدموا خطوات عدة جعلت هذا التفاوض ينطلق.
والآلية التي سيعتمدها ميتشل في رعاية هذا التفاوض هي، بالشكل أولاً: الانتقال بين رام الله والقدس تكراراً لنقل الأفكار والردود على أفكار يتقدم هو بها لدفع المفاوضات. ولن يجتمع الفلسطينيون والإسرائيليون في مقر أو مبنى واحد، أو يتمركز كل طرف في جناح من المبنى، بل سيبقى مسؤولو الجانبين في مراكزهم ويتولى ميتشل ومساعده ديفيد هيل لقاءهما، كلاً على حدة، في مقراتهما الرسمية واستطلاع مواقفهما.
اما لناحية المضمون، فإن الآلية ترتكز على البدء بمناقشة المسائل الأقل صعوبة أو حساسية والانتقال منها صعوداً الى المسائل التي تعد صعبة أو دقيقة. الفلسطينيون سيبدأون بموضوعي الحدود وتبادل الأراضي، في حين ان موضوع القدس الشرقية ليس من المواضيع التي ستطرح في البداية. أما إسرائيل فستبدأ بطرح الموضوع الأمني. ومن حيث مسألة الاستيطان التي شكلت أحد عناصر الضمانات الشفهية والأميركية للبدء بالتفاوض، والتي تضمنت وقف الاستيطان طيلة فترة التفاوض غير المباشر، فإن المصادر تشير الى انه مرّ على قرار تجميد الاستيطان الذي أعلنته إسرائيل لمدة 10 أشهر، نحو 4 أشهر. وواشنطن تسعى مع إسرائيل الى وقف نهائي للاستيطان.
وثمة محاولة أميركية تعدها واشنطن لتمديد مدة الأشهر العشرة، لدى انتهائها. وتتوقع المصادر الا تمر هذه المحاولة بهدوء وايجابية من إسرائيل، انما ستشهد أخذاً ورداً وشد حبال بين الطرفين، لا سيما وان إسرائيل تؤكد عشية التفاوض غير المباشر انها لن توقف بناء المستوطنات.
وهناك خشية لدى المجتمع الدولي من ان تعمد إسرائيل الى إفشال التفاوض غير المباشر بمفاجآت استيطانية جديدة، أو من النوع الأمني. لكن الولايات المتحدة ستحاول طيلة الأشهر الأربعة من التفاوض غير المباشر حث اسرائيل على خطوات تحفيزية من أجل السلام، بحيث تقنعها بالعملية، وباستمرارية هذا المسار.
وتؤكد الأوساط العربية المواكبة ان المهم هو النتائج، ان كان التفاوض مباشراً أو غير مباشر. فعندما كان هناك تفاوض مباشر لم يحقق شيئاً. ولا يعني مجرد بدء التفاوض الكثير، فالجميع يترقب جدية إسرائيل واداءها في التفاوض وعلى الأرض مع الفلسطينيين، والرسائل التي تربعث بها حيال وضع المنطقة ككل.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.