تواكب اللجنة الوزارية العربية لتنفيذ المبادرة العربية للسلام، تطورات المساعي الأميركية لعقد التفاوض الفلسطيني الاسرائيلي غير المباشر. وساهم موقفها الأخير السبت الماضي في اعطاء الفلسطينيين مجدداً الغطاء العربي لبدء التفاوض غير المباشر. وستنعقد اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير في التاسع من الجاري للموافقة على هذا التفاوض.
واستناداً الى مصادر ديبلوماسية عربية، فإن التفاوض غير المباشر يبدأ في 15 ايار الجاري بضمانات أميركية خطية وشفهية منقولة عن الجانب الاسرائيلي.
وخلال اجتماع اللجنة السبت، أوضح كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات، انه باتت لديه ضمانات أميركية تنقسم ما بين ضمانات خطية وأخرى شفهية. وتضمنت الضمانات الخطية الالتزام بإقامة الدولتين، وبأن تكون القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية، على أن ينضم الجانب الفلسطيني الى التفاوض غير المباشر والمفترض ان يوصل الى نتيجة. أما الضمانات الشفهية التي أبلغها المسؤول الأميركي ديفيد هيل مرفقة بالخطية، فتضمنت نقل واشنطن عن اسرائيل التزاماً غير خطي بعدم استكمال بناء المستوطنة الأخيرة التي أعلن البدء بها، طوال مدة التفاوض التي ستستغرق 24 شهراً، أي سنتين ما يعني ان لا ضمانات خطية في ذلك، انما نقل التزام غير خطي. وفي الضمانات الخطية، لا استفزازات تصدر عن الطرفين، وفي حال حصول ذلك تعمل واشنطن على معالجتها.
وفي الاجتماع جرى نقاش عربي لكلمة استفزازات لناحية انها كلمة فضفاضة، وتقييمها يحتمل الكثير، وان باستطاعة الجانب الأميركي ان يتعامل خلال تقييمها بمرونة مع اسرائيل، وبتشدد مع الفلسطينيين، لكن ذلك لم يحل دون السير في دعم الفلسطينيين.
وأعطى عريقات مثلاً بأن السلطة ستشرف على خطبة الجمعة في المساجد الفلسطينية تلافياً لاعتبار أي مضمون تورده استفزازياً، ويطلب الأميركيون من الجانب الفلسطيني التقاط الفرصة السانحة للسلام، وعدم السلبية لأنها تصب في مصلحة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، وهذا ما أُبلغ الى العرب المجتمعين بحيث تمت الموافقة على البيان الذي صدر بدعم الموقف الفلسطيني، من كل الدول باستثناء لبنان وسوريا اللذين عبّرا عن تحفظهما.
تجدر الاشارة الى ان المسألة لم تطرح على التصويت، لكن لبنان وسوريا ضد التفاوض المباشر وغير المباشر للفلسطينيين مع اسرائيل، قبل وقف الاستيطان ووقف تهويد القدس، استناداً الى قرار القمة العربية الأخيرة في سرت، وقبلها المجالس العربية الوزارية التي تدعو الى وقف الاستيطان والتهويد.
واستند الموقفان اللبناني والسوري الى عدم صلاحية اللجنة للنظر في مسألة الدخول في التفاوض غير المباشر، ان هدفها البحث في المبادرة العربية للسلام وسبل تنفيذها وتطويرها، وهذا لا يدخل في موضوع التفاوض غير المباشر، وهو خارج اختصاصها.
ومن بين النقاط التي كانت خلافية في الاجتماع، انه عندما أعطى العرب في الاجتماع السابق للجنة لدى انعقادها في آذار الماضي، مهلة 4 أشهر لتبيان نتائج التفاوض غير المباشر، وحيث كان هذا التفاوض يقترب من التآمه، جرى نقاش حول من أين تبدأ مهلة الـ4 اشهر، من آذار أو من بدء هذا التفاوض. ومر نحو شهر ونصف على موعد اجتماع اللجنة ولا يزال هناك شهران ونصف الشهر، الا ان الجانب الفلسطيني أصر على ان تحتسب من حين بدء التفاوض، وهذا ما سيطبق، وان كان هناك رأي آخر عبّر عنه رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، حول كيفية قبول العرب أمام الشعوب والعالم بالتفاوض وتمديد المهلة. ودعا الى ان يبدأ التفاوض ضمن المهلة السابقة وعندما تنتهي في ظل تقدم جوهري، يتم تمديدها، واذا عادت وانتهت في ظل تقدم أكيد يمكن تمديدها أيضاً. واذا لم يحصل تقدم، تعتبر المهلة انتهت من دون احراز شيء، وان العرب يريدون اللجوء الى مجلس الأمن الدولي.
ومن خلال البيان الذي أصدرته اللجنة، حسمت المسائل بإعطاء الفلسطينيين ما يريدونه حول الأشهر الأربعة، التي بقيت ضبابية، وتركوا في الوقت نفسه المجال متاحاً لإمكان مراجعة الأمور عند الضرورة، ولم يلزموا أنفسهم بتوقيت سريان المهلة.
وشهد الاجتماع توتراً محدوداً بين الجانبين الفلسطيني والسوري، الذي أشار الأخير الى قول الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ان الجانب الفلسطيني أبلغهما بتوقيت بدء التفاوض، فلماذا يستشير العرب، فقط لكي يأخذ الغطاء؟. فرد الجانب الفلسطيني بأن ذلك لا يتطابق والأخلاقية الفلسطينية وان الجانب السوري عليه ان يأخذ بكلام الجانب الفلسطيني وليس بكلام وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك، وان الفلسطينيين بعثوا الى واشنطن رسالة خطية تفيد انهم سيتشاورون أولاً مع العرب ثم يعودون الى اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ومن ثم تبلغ الأميركيين الموافقة.
وطرح رئيس الوزراء القطري ان تتضمن الفقرة الاولى استنكاراً للتهديدات الاسرائيلية ضد لبنان وسوريا، وتم ذلك.
والفقرة الثانية طلب إضافتها وزير الخارجية علي الشامي وتناولت الخروق الاسرائيلية براً وبحراً وجواً للقرار 1701 والتي زاد عددها عن الـ6000 خرق.
وعلى العموم، سادت اللجنة أجواء ودية، عبّر خلالها كل وزير عن موقف بلاده. والملفت للنظر إلتفافة السودان، الذي وافق على دعم الفلسطينيين بالكامل ما يجعله من بين الحمائم اذا جاز التعبير، وليس من الممانعين.
وتمكن الراعي الأميركي من تحقيق ارتياح الى ما أفضت اليه أعمال اللجنة، خصوصاً وان الادارة كانت تشدد على الغطاء العربي للفلسطينيين وعدم اللجوء حالياً الى مجلس الأمن، فجاءت الأمور كلها مضبوطة بعدما تم العمل عليها طوال الأسابيع الماضية.
وما تضمنه البيان حول الموقف من اسرائيل، ومن التهويد والاستيطان، لا يمنع العرب في وقت التفويض للفلسطينيين بالتفاوض غير المباشر، من اللجوء الى الأمم المتحدة ومجلس الأمن ولجنة حقوق الانسان الدولية ومحكمة العدل الدولية.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.