لبّى لبنان دعوة إيران وشارك في المؤتمر الذي عقدته نهاية الأسبوع الماضي حول منع انتشار السلاح النووي. وحرص وزير الخارجية والمغتربين علي الشامي الذي مثُل لبنان، على التعبير أمام المؤتمر عن الدعوة لإقامة منطقة شرق أوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل، وعن حق الدول في امتلاك الطاقة النووية لأغراض سلمية.
ودعوة إيران للبنان تمت على أساس انه منضم مثلها الى الاتفاقية الدولية لمنع انتشار السلاح النووي، وانه من بين الدول الأعضاء في عدم الإنحياز ومنظمة المؤتمر الإسلامي، المنظمتان اللتان، تفضل إيران دائماً التحرك من خلالهما في مجال إرسالها الرسائل في اتجاه العالم بشأن التزامها بالاتفاقية على الرغم من كل الاتهامات الدولية حول برنامجها النووي. ولم تدع إيران الى مؤتمر واشنطن، التي اعتبرتها غير ملتزمة بالاتفاقية، والدليل قرارات مجلس الأمن ضدها. كما لم تدع إسرائيل لأنها لم تنضم الى الاتفاقية.
وبما ان الملف النووي الإيراني خصوصاً والملف النووي في العالم عموماً، يندرجان في أولويات الاستراتيجية الأميركية، استضافت واشنطن قبل أيام قليلة على مؤتمر طهران مؤتمراً حول الأمن النووي. ولم يكن لبنان من بين الدول المدعوة، لأن لا برنامجاً نووياً لديه ولا خوف من انتقال السلاح النووي الى أراضيه، ووجهت الدعوات الى الدول الكبرى والتي تمتلك الطاقة النووية أو البرامج ذات الصلة، وذلك بهدف تعزيز نظام منع الانتشار النووي، وتثبيت الصدقية الدولية في مواجهة الدول التي لا تلتزم بالاتفاقية.
ويعود السبب وراء إقامة واشنطن المؤتمر الدولي للأمن النووي، الى اعتبار الإدارة الأميركية انه من أجل توفير الصدقية في مواقفها، حيال إيران وملفها النووي، وخطابها في هذا الملف، يتوجب عليها أولاً، الوفاء بالتزاماتها بنزع السلاح، خصوصاً وإن الإدارة السابقة برئاسة جورج بوش، وقبل ذلك ومنذ 15 سنة، لم تقم بأي عمل في هذا السبيل.
وهناك اتفاقية المنع الشامل للتجارب النووية لم تبرمها واشنطن بعد ولا تزال عالقة في الكونغرس. وثمة محاولات كانت تحصل سنوياً لوضع اتفاقية للحد من المواد الانشطارية، ظلت واشنطن تقف ضد البدء بالتفاوض حولها.
إلا ان الجهود الأميركية الحالية، تقع في إطار اتفاقية منع الانتشار النووي، وهدفها الأساسي نزع السلاح النووي، وتنضم الى الاتفاقية الدول الخمس الكبرى في مجلس الأمن، وهي لم تقم بأي خطوات لنزع السلاح.
وجاءت إدارة الرئيس باراك أوباما لتقول بضرورة وجود صدقية في تعاطيها مع الموضوع على الساحة الدولية. وكان خطابه الشهير في براغ في نيسان الماضي عندما أعرب عن التزامه بهدف نزع السلاح النووي، وانه سيسعى لإقرار كل الاتفاقات للنزع الشامل لهذا السلاح بما في ذلك الأسلحة الانشطارية، والهدف من كل ذلك، هو تعزيز نظام منع الانتشار الذي على أساسه قامت اتفاقية منع الانتشار النووي.
والمفارقة ان باكستان وإسرائيل والهند ليست منضمة الى هذه الاتفاقية، ولا سبيل أمام المجتمع الدولي لمحاسبتهم على برامجهم النووية لناحية القانون الدولي. في حين ان إيران، المنضمة الى هذه الاتفاقية، يمنعها المجتمع الدولي من امتلاك الطاقة النووية، جراء وجود شكوك حول برنامجها الذي قد لا يكون لأغراض سلمية بحسب المؤشرات الدولية. في وقت انسحبت كوريا الشمالية من الاتفاقية، ولم يتمكن المجتمع الدولي من ان يجد حلاً لقدراتها النووية، الأمر الذي جعل الإدارة الأميركية في سياق كل هذه العوامل، تستضيف المؤتمر حول الأمن النووي، خوفاً من ان تصل القدرات النووية الى أيدي الإرهابيين ويصبح هناك الإرهاب النووي، وهذا ما جعل الإدارة أيضاً تصدر قبل نحو 3 أسابيع الوثيقة السياسية النووية التي أعربت عن الالتزام بعدم استخدام السلاح النووي ضد الدول المنضمة الى اتفاقية المنع، والملتزمة ببنودها. فإيران منضمة، ولكنها بحسب المجتمع الدولي غير ملتزمة ببنودها، تُعطى للمرة الأولى تتوجه الى الدول المنضمة، والملتزمة، وليس الى تلك المنضمة فحسب، ما يعني ان إيران غير معنية بتلك الضمانات.
وتفيد المصادر انه خلال شهر أيار المقبل سيعقد مؤتمر دولي في الأمم المتحدة في نيويورك لمراجعة اتفاقية منع الانتشار.
ولهذه الغاية عقدت ثلاثة اجتماعات تحضيرية له وعلى مدى 3 سنوات متتالية. وفي العام 2005 عقد مؤتمر لهذه الغاية، لكنه فشل بشكل ذريع. ما جعل القلق الدولي يزداد من احتمال انهيار نظام منع الانتشار في العالم برمته.
وتتضمن اتفاقية منع الانتشار ثلاث أفكار رئيسية هي: نزع السلاح النووي، ومنع الانتشار النووي بما فيها منع نقل التكنولوجيا المتصلة بالسلاح النووي، وحق كل الدول بامتلاك الطاقة النووية لأغراض سلمية.
وتسعى الإدارة الأميركية الى تجربة نوع جديد من السياسة حيال هذا الموضوع. وتوقيع اتفاق نيو ستارت مع روسيا يقع في هذا الإطار.
كما انه يؤدي الى استرضاء في العلاقات الأميركية الروسية التي مرت بمراحل صعبة، والى تنفيذ أجندة مراقبة ضبط التسلح النووي.
وينعكس تحسن العلاقات الأميركية الروسية على قضايا المنطقة والتعامل مع المسائل الإقليمية المطروحة، وفي البرنامج النووي الإيراني، تقترب موسكو من الإجماع الدولي حول العقوبات ضد طهران بشرط ألا تمس الشعب والصناعة البترولية. وكذلك تقترب الصين من الموقف الروسي وستسير في إطاره العام.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.