لا يكفي ان يكون هناك اتجاه دولي لعدم عرض أي مشروع قرار لتشديد العقوبات على إيران خلال الرئاسة اللبنانية لمجلس الأمن الدولي في شهر أيار المقبل، نظراً لحساسية الوضع اللبناني.
لبنان في النتيجة دولة عضو في المجلس، ان كان رئيساً أو غير رئيس، فإنه مدعو ويتعين عليه اتخاذ موقف من مشروع القرار الذي يتم العمل الدولي بجدية لاستصداره.
فإما ان يصوت مع القرار، أو ضده، أو ان يمتنع عن التصويت. حتى الآن التوجه اللبناني غير محسوم. ومن أجل الحسم عندما يحين الأوان، فإنه مدعو الى البدء بجوجلة لعوامل عديدة ستؤثر حتماً في قراره، وهي ذات أبعاد داخلية وإقليمية ودولية. الأمر الذي يستدعي من المسؤولين، استناداً الى مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع، الموازنة بين كل هذه العوامل.
فعلى المستوى الداخلي، كلما يقترب موعد التصويت على المشروع، كلما يُتوقع تظهير المواقف الداخلية اللبنانية أكثر فأكثر. وهي تشير الى وجود ثلاثة اتجاهات سياسية، الأول: يؤيد تصويت لبنان الى جانب المشروع، والثاني: يؤيد التصويت ضده، والثالث: يقول بالإمتناع عن التصويت. ولا بد ان أي موقف سيتوصل اليه لبنان، سيجسد التوافق الداخلي بين كل هذه المواقف.
اما بالنسبة الى العامل الإقليمي، فهناك العلاقات اللبنانية الإيرانية الجيدة، وعلاقة جهات لبنانية أيضاً بإيران أكثر من جيدة. هذا يجب احتسابه.
وفي العامل الدولي، هناك العلاقات اللبنانية الدولية، لا سيما مع الدول الخمس الكبرى والدائمة العضوية في مجلس الأمن، التي يرتقب ان تصوت على المشروع. وهذه الدول ستطلب من لبنان عاجلاً أم آجلاً مساندتها ودعمها والتصويت معها لاستصدار القرار. حتى ان لبنان في تعامله مع الضغوط الدولية للتصويت مع القرار، سيدرس الفائدة والنتائج لأي موقف سيتخذه. الدول تريد ان تقر العقوبات المشددة على إيران بكافة الأصوات الـ15 الأعضاء في مجلس الأمن، الأمر الذي يعطي انطباعاً ان المجتمع الدولي موحد حيال مطالبه من إيران.
وبالتالي هناك فارقٌ بين ان يكون لبنان مثلاً مُرجِّحاً لصدور القرار، أو ان يكون وحده من صوّت ضد القرار. ففي الحالة الاولى سيدرس أجواء مواقف كل من تركيا والبرازيل العضوين في مجلس الأمن. فإذا امتنعا يكون الموقف شيء، وإذا لم يمتنعا وصوتا الى جانب القرار يكون الموقف شيء آخر، الى حد ان لبنان قد لا يبقى وحيداً خارج الإجماع الدولي نظراً لمصالحه الدولية.
وتبعاً لذلك يفترض ان يكون على دراية كاملة بوضعية المواقف في مجلس الأمن حتى آخر لحظة، لان اللحظة الأخيرة قد تحمل معطيات جديدة قد تحوّل بعض المواقف من الإمتناع الى التصويت مع. قطر وليبيا صوّتتا سابقاً مع العقوبات على إيران باستثناء اول قرار صوتت قطر ضده.
والمواقف الأخيرة أساسية. وإذا كانت الأصوات الـ14 مع العقوبات، ما هي الفائدة من امتناع لبنان عن التصويت كدولة وحيدة؟. هذا حصل في السابق عندما امتنعت اندونيسيا وحدها عن التصويت على احد القرارات. هذا سيحتم درس الفائدة والنتائج إذا ما كان القرار سيصدر بتصويت لبنان أو بعدم تصويته؟
في كل الأحوال، وجود لبنان في مجلس الأمن غاية في الأهمية، ليس فقط كموقع، انما للدخول في خضم العمل الديبلوماسي السياسي الدولي. وإذا ما عرف كيف يستفيد من أي موقف يتخذه ينعكس ايجاباً عليه، بحيث يجب تجنب ان يكون هذا الموقع بالنسبة اليه فرصة ضائعة. ففي التصويت الى جانب الدول الكبرى يجب ان يستثمر ذلك في مكاسب سياسية. وفي الإمتناع يجب ان يحصل على مكاسب سياسية من إيران التي يكون قد تعاطف معها.
اي دولة تجد نفسها وحيدة في الإمتناع عن التصويت، قد تلجأ آخر لحظة الى التصويت الى جانب القرار. وإذا عرفت كيف تستثمر الموقف دولياً يمكنها الحصول على مكاسب في المقابل، ويبقى إذاً الموازنة بين كل ذلك.
والأهم بالنسبة الى لبنان هو موقعه في المجلس والدور الذي يريد ان يلعبه من خلال هذا الموقع، والصورة التي يريد إعطاءها من خلال أدائه.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.