قررت الدول المؤثرة في مجلس الأمن الدولي لاسيما الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، ألا يتم طرح مشروع قرار متصل بتشديد العقوبات على إيران خلال رئاسة لبنان للمجلس في شهر أيار المقبل بصورة دورية, وجرى توافق تام على هذه المسألة.
ويعود ذلك أولاً: إلى إدراكها لحساسية الوضع اللبناني لكون جزءاً من لبنان يتعاطف مع إيران التي تربطها بـحزب الله علاقات سياسية وغير سياسية، فضلاً عن روابط القاعدة الشعبية للحزب مع طهران وانعكاسات هذه الروابط على القرار السياسي للحكم. وثانياً، ان مستوى الاستقرار الداخلي الذي يعيشه لبنان يحظى بارتياح دولي، بعدما تم بتفاهم دولي اقليمي. وتتجنب الدول أن يعكر هذا الاستقرار أي موضوع أو مفاعيله لاحقاً. ثالثاً، انه بموجب العمل بالتهدئة حيال الملف اللبناني، فإنّ ردود الفعل الدولية حتى بالنسبة إلى مقتضيات تنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة بلبنان باتت تقع في الحد الأدنى لها، وهناك تفضيل ان تنفيذ بقية البنود التي لم تنفذ بعد، خصوصاً السلاح غير الشرعي، عن طريق الحوار الوطني الداخلي، منعاً لأن يشكل أي أسلوب آخر سبباً لاهتزاز الاستقرار والعبث بالأمن. وهذا الجو ينسحب على تعاطي لبنان مع مواضيع بالغة الدقة والحساسية كالموضوع الإيراني.
وتفيد معطيات ديبلوماسية ان التحضيرات الدولية قائمة لإعداد مشروع قرار لعقوبات مشددة على ايران، لكن طرحه أمام المجلس متوقع في شهر حزيران بدلاً من ايار، لهذا السبب المتصل بلبنان، ثم ان هناك ضرورة لاستكمال المشاورات الدولية حول إنجاز المشروع لاسيما مع الصين التي لا تزال غير مقتنعة بالعقوبات. وتأمل الدول بإقناعها، خصوصاً في المؤتمر الدولي الذي ينعقد هذا الشهر في واشنطن حول الأسلحة النووية، وسيشارك فيه رئيس الوزراء الصيني، وستكون فرصة للتباحث المباشر مع الصين لحلحلة العقدة الصينية أمام العقوبات المشددة على إيران، ويلاحظ ان روسيا الاتحادية لم تعد تعرقل أي قرار سيصدر حول العقوبات، إذ انها عارضت في السابق لأنها كانت ترى ان الوضع يحتاج إلى مزيد من فرص الحوار أمام إيران. وفشل الحوار معها يشكل ذريعة كافية لإعادة إطلاق العمل بالعقوبات ضدها.
واتفق بين الدول على ان يتضمن مشروع القرار عقوبات اقتصادية بطريقة لا تطال كل الناس، واستفادت الدول من التجربة بالنسبة إلى العقوبات ضد العراق في العهد السابق، بحيث طالت كل الناس، وبقي النظام يبيع النفط ويأخذ الأموال. أما حالياً فسيكون الأمر مختلفاً حيال طهران، إذ لن يقوم المجتمع الدولي بعقوبات تعطي الشعب فرصة للتكتل حول النظام، على أساس ان بلدهم ومصيره على المحك، كون امتلاك الطاقة النووية قضية وطنية ويجب التوحد حول النظام لتجاوز التحديات، الأمر الذي يؤدي إلى تراجع المعارضة وروحها. لكن في الوقت نفسه لن يكون الخوف من إمكان تكتل المعارضة حول النظام سبباً للعودة عن أي قرار في مجلس الأمن بفرض عقوبات مشددة على إيران.
إنما هناك افكار جديدة للعقوبات سيجسدها مشروع القرار الذي يتم إعداده، وتقوم على ان تطال كل ما له علاقة بالبرنامج النووي بالتحديد سواء الأشخاص أو المؤسسات أو القطاعات لاسيما المصرفية والاقتصادية. لذلك تبدو أهمية العقوبات على النفط وعلى الشركات التي تعنى بالتجارة المتعلقة بالمواد التي تلزم ايران تطوير التكنولوجيا النووية، وبالتالي، لن يحظر مثلاً دخول الحليب إلى إيران لأنه يطال الناس، وهذا المنحى سيكسب العقوبات موافقة دولية، وسيمرر القرار في المجلس من دون اعتراضات.
وفي الاساس، فإن وصول أي مشروع عقوبات مشددة إلى المجلس، يعني ان التفاهم المسبق بين الدول قد جرى حول صدوره، إذ ان المسألة تناقش منذ أشهر وستستمر مناقشتها خارج المجلس شهرين أو ثلاثة إلى حين التفاهم الكامل حولها، ما يؤدي إلى صدورها بسرعة عن المجلس بقرار لدى إحالتها عليه.
يذكر ان ليبيا وقطر صوّتتا سابقاً إلى جانب العقوبات ضدّ إيران.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.