تطل علينا الذكرى الخامسة لرحيل فاتن حمامة سيدة الشاشة العربية، والتي تعتبر علامة بارزة في تاريخ الفن السابع، حيث أسهمت بشكل كبير في صياغة صورة جديرة بالاحترام لدور السيدات بصورة عامة في السينما العربية من خلال تمثيلها المميز، اختيرت عام 1996 كأفضل ممثلة، كما اختير 18 من أفلامها ضمن أهم 150 فيلماً مصرياً.
•بدايتها:
قبل أن تكمل عامها السابع، استعان بها والدها الذي كان موظفاً كبيراً بوزارة التربية والتعليم في مدينة المنصورة «شمال القاهرة»، في حفل تكريم أحد المديرين الجدد، حيث أعد زجلاً للترحيب به، وقام بتحفيظه لها، وخلال الحفل ألقت فاتن حمامة الزجل بطريقة تمثيلية رائعة نالت إعجاب الحاضرين.
بعدها ذاع صيت الطفلة، وأصبحت خطيبة كل حفل يقام في المنصورة، ثم شاركت في مسابقة للأطفال خاصة بالأزياء، وهي ترتدي زي ممرضة، وطلب منها المنظمون أن تتخيل شخصاً مريضاً، وحين سمعت كلمة مريض انهمرت الدموع من عينيها، والتقطت لها صورة وهي تبكي في هذه اللحظة. كانت الصورة سبباً في التحاقها بعالم التمثيل، بعدما شاهدها المخرج محمد كريم، فاختارها لتجسد مشهداً واحداً في الفيلم الغنائي الاستعراضي «يوم سعيد» أمام محمد عبدالوهاب، وكان ثالث أفلامه بعد «الوردة البيضا»، و«دموع الحب».
كتب الفنان عبدالوارث عسر، سيناريو الفيلم بتكليف من محمد كريم، ومن بين الأدوار الرئيسة فيه دور لطفلة عمرها 6 سنوات، وليأسه من العثور على من تتمكن من تجسيده، قرر اختصار الدور وأبقى على مشهد واحد. ذهبت فاتن إلى الأستوديو وجسدت المشهد، وفوجئ الجميع بتلقائيتها وموهبتها الكبيرة، وصفقوا لها طويلاً، واتفق المخرج مع عسر على إضافة عدد من المشاهد لدور «أنيسة»، وكاد اسمها في الفيلم يسبب لها أزمة، حيث كانت زميلاتها بعد عرضه في 1940 ينادينها في المدرسة بهذا الاسم.
•إنطلاقتها الواسعة:
وتحدثت فاتن كثيراً عن تفاصيل اشتراكها في الفيلم، وقالت إنها بعد اختيارها كانت تتردد على مكتب عبدالوهاب كل يوم، ليقوم المخرج بتدريبها على التمثيل والوقوف أمام الكاميرا، وأنه كان يستقبلها - رغم ما اشتهر به من عصبية - بابتسامة مشرقة. كانت تجد على مكتبه دائماً الهدايا وقطع الشيكولاتة، وكلما أتقنت مشهداً حصلت على إحداها، وقرر عبدالوهاب الاستعانة بها في فيلمه التالي «رصاصة في القلب» الذي قدمه العام 1944، وأعجب بها الفنان يوسف وهبي، بعد مشاهدتها في الفيلم، وأشركها في فيلمي «ملاك الرحمة» و«القناع الأحمر».
تزايد نشاط فاتن الفني، مما جعل أسرتها تقرر الانتقال إلى القاهرة، واستقرت بها، والتحقت بمعهد التمثيل في دفعته الأولى، بعدما أسسه الفنان زكي طليمات.
•مدرسة فنية:
تحولت عفوية الأداء التي اشتهرت بها إلى مدرسة فنية، من دون أن تخضع للمعايير التقليدية للبطلة آنذاك. اشتهرت حمامة، بالالتزام وحب العمل والإحساس العالي بزملائها، لإيمانها بأن العمل الفني عمل جماعي، ولا يمكن لأي ممثل مهما بلغت براعته أن ينجح بمفرده.
•"دعاء الكيروان":
جاء فيلمها دعاء الكروان الذي عرض عام 1959 في المركز السادس في قائمة أفضل عشرة أفلام في تاريخ السينما المصرية، ورشح لجائزة الأوسكار، وجائزة الدب الذهبي حين مثل مصر في مهرجان برلين السينمائي عام 1960.
•"أريد حلاً":
قدم فيلمها "أريد حلاً " الذي عرض عام 1975 نقداً لاذعاً لقوانين الزواج والطلاق في مصر، وبعد الفيلم ألغت الحكومة المصرية القانون الذي يمنع النساء من تطليق أزواجهن، وبالتالي سمحت بالخلع.
•الجوائز والأوسمة:
نالت فاتن حمامة جوائز عدة في مشوارها الفني الطويل، منها أفضل ممثلة مصرية في مهرجان جاكرتا 1963 عن فيلم "الباب المفتوح"، ووسام الجمهورية من الدرجة الأولى للفن من الرئيس جمال عبدالناصر 1965 ووسام الدولة من الدرجة الأولى من الرئيس أنور السادات عام 1976، فيما حصدت جائزة الإنجاز مدى الحياة في مهرجان مونبليه السينمائي عام 1993، وجائزة المرأة العربية الأولى عام 2001.
•لقب سيدة الشاشة:
حصلت على لقب سيدة الشاشة العربية بسبب فيلم "موعد مع الحياة" من إنتاجها هي وزوجها المخرج عز الدين ذو الفقار وقتها.
•نجمة هوليوودية:
فيلم "كايرو" هو الفيلم الأجنبي الوحيد الذي شاركت فيه فاتن حمامة أمام الفنان الإنجليزي الشهير جورج ساندرز، ورافقها أيضاً العديد من النجوم المصريين مثل: أحمد مظهر، وكمال الشناوي، والفيلم الذي أخرجه ولف ريلا من إنتاج شركة "مترو جولدن ماير" عام 1963م، ومأخوذ عن رواية بعنوان "غابة الأسفلت" وقد أثارت فاتن حمامة دهشة جميع من شاهدها بالفيلم وهي تؤدي بالإنجليزية دون الحاجة إلى دوبلاج للصوت. أفلام ومسلسلات قدمت أكثر من 90 فيلماً، من بينهم 12 فيلماً مع المخرج العالمي هنري بركات من أنجح وأروع الأعمال السينمائية التي قدمتها، وأبرزها "لحن الخلود"،" ودعاء الكروان"، و"الحرام".
•مسلسلان:
قامت فاتن حمامة ببطولتي مسلسليْن تلفزيونييْن فقط هما: "ضمير أبلة حكمت" و"وجه القمر"، ولقيا نجاحاً بارزاً إن لجهة أدائها الراقي والمميز الذي لا يقل قيمة عن أدوارها السنمائية، أو لجهة المضمون، حيث أن المسلسلان يعالجان موضوعين إجتماعيين بأسلوب لا تجيده إلا سيدة الشاشة العربية.
•ثلاث زيجات:
تزوجت ثلاث مرات، الأولى من المخرج عزالدين ذو الفقار عام 1947 وانفصلا بعد سبع سنوات أنجبا خلالها ابنتهما نادية التي مثلت أمامها في الفيلم التليفزيوني "حكاية وراء كل باب"، أما الثانية فمن الممثل عمر الشريف عام 1954 وهو زواج استمر لعشرين عاماً، أنجبا خلالها ابنهما طارق، وتزوجت للمرة الثالثة من الطبيب المصري محمد عبدالوهاب الذي ظل معها حتى رحلت.
•أول أجر:
عشرة جنيهات هي أول أجر حصلت عليه عن فيلم "يوم سعيد" 1940، وارتفع أجرها إلى 50 جنيها في فيلم "رصاصة في القلب" عام 1944.
-يتبع: أبرز أعمالها:
*إعلامي وباحث في التراث الشعبي.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.