8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

رهان عربي متجدد على الجهود الأميركية للسلام وسحب المبادرة يحتم اللجوء الفوري الى المجلس

أبلغت الإدارة الأميركية العواصم العربية ومن بينها بيروت، عبر القنوات الديبلوماسية، عن ان القمة الأميركية الإسرائيلية كانت سيئة، لكن ذلك لا يعني ان الخلاف واقع. بل ان هناك إصرارا من الطرفين على استكمال الحوار، واستكمال البحث الذي ربما يوصل الى نتائج جيدة، حيال طرح التفاوض غير المباشر.
هذه الخطوة تزامنت مع تباين في وجهات النظر العربية حول مدى الفائدة من المحاولات السلمية مع إسرائيل، الى الحد الذي وصل فيه فريق عربي للدعوة الى سحب المبادرة العربية للسلام، من دون ان يصل الأمر الى نتيجة في مقررات القمة العربية في ليبيا.
وفي اعتقاد هذا الفريق ان إسرائيل لا تفهم إلا بالقوة. في حين ان الفريق الثاني لا يزال يقول بالمرونة وإعطاء مزيد من الفرص أمام المفاوضات، والاعتماد على الإدارة الأميركية. وهذا الموقف ربما أخذت به القمة بالفعل، عندما لم تسحب المبادرة، وأرجأت إصدار ردة فعل حول عدم رغبة إسرائيل بالسلام الى القمة الاستثنائية العربية في أيلول المقبل.
ويعود هذا الإرجاء استناداً الى أوساط ديبلوماسية بارزة، الى أمرين. الأول: ان سحب المبادرة قد يخدم إسرائيل بالدرجة الأولى، بحيث ستتذرع بهذه الخطوة للتنصل من أي أمل بعملية سلام في المنطقة، وترمي المسؤولية على الجانب العربي. وبما ان الولايات المتحدة تَعِد مجدداً ببذل كل الجهود لإعادة إطلاق المفاوضات، فإن هناك انتظارا عربيا للنتائج.
وهناك رهان عربي على ان المواقف الأميركية باتت متقدمة جداً عما كانت عليه في السابق، لا سيما بالنسبة الى موضوع رفض الاستيطان.
كما ان مواقف الرباعية الدولية باتت متقدمة أيضاً خصوصاً في رفضها أيضاً للاستيطان. حتى ان الأوساط تؤكد ان وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون حاولت بطريقة حثيثة قبل ساعات على صدور بيان الرباعية، مع إسرائيل لتحصل على وعود بوقف الاستيطان، فلم تنجح، فقررت السير في موقف الرباعية وعدم إحداث أي تعديل عليه. ولو استطاعت النجاح لكان موقف الرباعية أكثر مرونة مع إسرائيل. وستكمل واشنطن جهودها السلمية، لان صدقيتها في العالم باتت على المحك بسبب إسرائيل. كما ان الإدارة باتت تدرك ان مصالحها الاستراتيجية في المنطقة على وشك ان تصبح مهددة جدياً، بسبب ان مواقف إسرائيل صارت تتعارض مع المصالح الأميركية على الارض، وتهددها. والمهم حالياً، مدى التجاوب من إسرائيل على الضغوط الأميركية المستمرة، ومستوى ردود الفعل التي سيقوم بها اللوبي اليهودي لدى الولايات المتحدة، وكذلك ضغوط الكونغرس ومجلس النواب الأميركيين. في وقت يدرك كل الأطراف تنصل إسرائيل من الخطوات باتجاه السلام وتملصها منها.
وثمة شبه قناعة تكونت لدى العرب بأنه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لن يكون هناك سلام. إلا انه على الرغم من ذلك، ان سحب المبادرة في هذا التوقيت، سيؤثر سلباً على الجهود الأميركية، ومن المفيد الإبقاء عليها كحل مطروح من العرب لمعرفة نتائج ضغوط واشنطن على إسرائيل، واعتبار هذه الفترة فترة سماح.
اما السبب الثاني، فهو ان أي قرار بسحب المبادرة يعني اللجوء فوراً الى مجلس الأمن الدولي. وسحب المبادرة يفرض التنسيق المسبق مع واشنطن لكي يضمن العرب انها لن تستعمل حق النقض الفيتو في المجلس، لان استعمالها لذلك يكون خطوة الى الوراء. إذ لدى اللجوء الى المجلس من أجل إقراره قيام الدولة الفلسطينية واعتراف العالم بها، فإن أي فيتو يعيد الموضوع الى نقطة الصفر. كذلك ان أي مشروع قرار يطرح للتصويت يعود الاستناد في ديباجته لدى صدوره الى القرارات السابقة ذات الصلة بالنزاع العربي الإسرائيلي، لا سيما القرارات المتصلة بلبنان والقرارات 242 و338 و194. وأي فيتو من شأنه إضعاف القرارات ذات الصلة المُستند اليها في السلام ويخفف من قوتها. ذلك ان كل القرارات الدولية أيدتها الولايات المتحدة وأيدت أيضاً مقررات مؤتمر مدريد للسلام، والمبادرة العربية للسلام، وخطة خارطة الطريق. وتبعاً لذلك من الأفضل التروي في موضوع سحب المبادرة، لان أي فيتو في مجلس الأمن سيؤثر ليس فقط على مشروع القرار المقترح، انما أيضاً على القرارات المرتبطة به، كأساس ومستند للحل. وعندئذٍ قد يحصل مجال للتلاعب بها وهذا لا داعٍ له، من دون ضمانات حول الموقف الأميركي.
وأهم خطوة يتخذها العرب، هي توحيد الصف الفلسطيني، وتوحيد الصف العربي، وحيث لن يتوحد الأول من دون توحيد الثاني.
وثمة إصرار عربي، على العمل للتفاوض غير المباشر، الأمر الذي يخفف من التوتر في المنطقة. إذ ان الرفض الإسرائيلي للسلام يؤدي مع الوقت الى إزالة الفارق بين التطرف والاعتدال لدى العرب، لأن إحقاق الحق ليس تطرفاً..

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00