8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

واشنطن ماضية في مساعيها رغم خيبة أملها من اسرائيل

تؤدي تطورات الموقف الإسرائيلي بالإصرار على سياسة الاستيطان، الى تعقيدات في العلاقة الأميركية الإسرائيلية، والى صعوبة التفاوض غير المباشر بين الفلسطينيين وإسرائيل الذي تم التفاهم حوله قبل نحو أسبوعين. فواشنطن هي التي كانت سترعى هذا التفاوض، ونجاحه كان سينقل الوضع الى تفاوض مباشر على المسار الفلسطيني الإسرائيلي، يمهد للتفاوض على المسارين اللبناني والسوري.
وتفيد أوساط ديبلوماسية غربية بارزة أن هناك خيبة أمل أميركية من طريقة التعامل الإسرائيلي مع المبادرات الأميركية لإعادة استئناف عملية السلام في الشرق الأوسط، يُعبّر عنها أركان الإدارة في اللقاءات الخاصة والداخلية التي يعقدونها لتقييم الموقف في المنطقة. إلا أن المحاولات الأميركية لإحياء السلام، ستستمر من دون توقف، وستبقي الإدارة على مساعيها لطرح أفكار تخدم انعقاد المفاوضات غير المباشرة، وذلك لاعتبارات عدة أهمها:
ـ أن واشنطن لن تلجأ الى ترك المنطقة تقع في الفوضى، وفي حالة انعدام وجود أفق سياسي يحكم المرحلة، ويحتكم الى قواعده كل الفرقاء المعنيين بالنزاع العربي الإسرائيلي، وهي تدرك تماماً أن إسرائيل لعبت دوراً أساسياً في خلق التعقيدات والعقبات أمام استئناف التفاوض، وأنه لولا الضغوط الأميركية على الجانب العربي، لإبداء مرونة أكبر في تلقف الخطوات التدريجية في اتجاه السلام، لكانت مبادراتها المتكررة توقفت منذ أشهر. والآن وعلى الرغم من القمة الأميركية الإسرائيلية التي لم تتمكن من حل المسائل العالقة لا سيما موضوع وقف الاستيطان، ستبقى واشنطن مستمرة في محاولاتها لتبيان ما سينتج عن طرح التفاوض غير المباشر، لأبعد حد.
ـ على الرغم من تراجع منسوب التفاؤل الأميركي الذي يتم التعبير عنه داخل الإدارة، بالنسبة الى السلام، فإن واشنطن في استمرارية مساعيها مع إسرائيل تحاول الرهان على فكرة مفادها أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يهمه تغيير صورته في العالم، وأنه يرغب في أن يصبح زعيماً تاريخياً، الأمر الذي يقتضي منها، نفساً أطول في التعامل معه، وهذا ما تقوم به، مع أن معظم الديبلوماسيات الأوروبية والعربية، تقول بأن نتنياهو وحكومته ليسا ملائمين للسلام، وإذا ما أرادا تقديم خطوات على هذا الصعيد، فقد يعرضان الائتلاف الحكومي للانفراط. وفي اعتقاد هذه الديبلوماسيات، أن زيارة نتنياهو للبيت الأبيض هدفت الى وضع الأولويات الإسرائيلية على واجهة السطح مع الولايات المتحدة، وفي سياستها في المنطقة. وفي اعتقادها أيضاً، أن ايباك أكبر منظمة أميركية يهودية لم تكن لتقبل أن يحضر نتنياهو مؤتمرها في واشنطن من دون أن يقابل الرئيس الأميركي باراك أوباما، وللإعلان أمامه تمسكه بالثوابت الإسرائيلية لا سيما حيال الاستيطان والقدس. وهذا الاعتقاد أكدته أمس تصريحات نتنياهو بأن سياسة حكومته لن تتغير خصوصاً في القدس، إلا أن المحاولة الأميركية المتجددة، تنطلق من أن هناك تفاوتاً في وجهات النظر مع إسرائيل، وليس هناك أصلاً خلاف لكي تتم المصالحة.
وتشير الأوساط الى أن لدى إسرائيل هدفاً جراء التلاعب بالعملية السلمية، فبالنسبة اليها يمكن أن تسير الأمور كما ترغب، في حال تمت تهدئة العرب بعملية سلام لا جدوى منها، في الوقت الذي تقوم هي باستكمال تهويد القدس وإضعاف مقومات الدولة الفلسطينية، وذلك بالتزامن مع السياسة ذات المقاربة المزدوجة مع إيران، أي مسار التفاوض والحوار، مترافقاً مع مسار التهديد بالعقوبات وبالحرب، وهذا كافٍ بالنسبة الى إسرائيل في هذه المرحلة من الضغوط الأميركية عليها لتقديم خطوات مجدية لاستئناف السلام. وقد تلجأ تل أبيب الى القيام بضربة عسكرية في المنطقة من دون تحديد المواقع إن في لبنان أو ضد إيران، إذا ما وجدت أن الأمور لا تسير كما هي راغبة، من أجل تغيير المعطيات في المنطقة. ولا تزال حقيقة الوضع غير واضحة المعالم في ظل هذا الجو الضبابي القاتم، الخاضع للتأجيل والمراوحة وتوزيع الأدوار، وإضاعة الوقت والفرص والمحاولات.
وفي غياب معظم القادة العرب المؤثرين والمحوريين عن القمة العربية في ليبيا التي تبدأ اليوم وتنتهي غداً، من الصعب أن تلجأ القمة الى اتخاذ مواقف جذرية سلباً أو ايجاباً، وستحافظ في مقرراتها على السقف الذي حددته الدورة 133 للجامعة مطلع آذار الجاري. فهناك الضغوط الأميركية لإبداء مزيد من المرونة وعدم مقابلة التعنت الإسرائيلي بآخر عربي، تقابلها ضغوط إيرانية وسورية لجر القمة الى موقف يميل الى التصعيد ضد التعامل الإسرائيلي مع القضية العربية.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00