8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

تنسيق أميركي ـ أوروبي حول الأدوار في مرحلة التفاوض غير المباشر

لاحظت اوساط ديبلوماسية غربية ان تحركا اوروبيا بدأ يتكثف في شأن عملية السلام، وان هذا التحرك عاد ليستأنف بحماسة اثر الاتفاق بين الولايات المتحدة واطراف النزاع في المنطقة على التفاوض غير المباشر، او ما سمي بحسب ترجمته الى اللغة العربية مفاوضات تقريب وجهات النظر.
وتُوّج هذا التحرك من خلال الجولة التي قامت بها اخيراً الممثلة العليا للسياسة الخارجية والامن الاستراتيجي في الاتحاد الاوروبي كاترين اشتون، في المنطقة والتي شملت بيروت. ومن المقرر ان يتواصل التحرك الاوروبي من خلال المشاورات الاوروبية الاميركية، والاوروبية مع كل من الدول العربية واسرائيل، وكذلك الاتصالات بين الاتحاد الاوروبي وروسيا، ومع الامم المتحدة في ضوء التوصيات التي خرجت بها امس الرباعية الدولية.
والتقرير الذي وضعته اشتون في نهاية جولتها في المنطقة، سيكون مدار بحث مع الادارة الاميركية التي ستوفد مجددا مبعوثها الرئاسي للسلام في الشرق الاوسط جورج ميتشل الى المنطقة الاسبوع المقبل، بعدما بدأت الازمة الاميركية الاسرائيلية تنحسر.
وتفيد الاوساط ان الاتحاد الاوروبي يهتم بالعملية السلمية في موازاة اولوية اهتمامه بالملف النووي الايراني، على اساس ان حل النزاع في المنطقة، يؤدي الى حلول لمشاكل اخرى موجودة فيها. لكن على اهمية الدور الذي يسعى الاتحاد الى تأديته في السلام، الا انه لا يستطيع ان ينشئ لهذه الغاية مسارا مستقلا له. انما هو مضطر لدعم المسار الذي ترعاه واشنطن في مجال الحل. لذلك يعمد الى تشجيع التفاوض غير المباشر ويجهد ليتم التوصل في النتيجة الى حل، وليس ان يكون هناك تفاوض من اجل التفاوض والى امد غير محدد. فالفترة الزمنية المعطاة للتفاوض تهم الاتحاد الذي يأمل ان تؤدي العملية الى مخارج وحلول وذلك على اساس حل الدولتين، والدولة الفلسطينية القابلة للحياة والتي تشمل الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية كعاصمة، استنادا الى خطوط العام 1976.
كما يسعى الاتحاد من خلال الدور الذي يقوم به، الى ان يكون الحل شاملا للمسارات اللبناني والسوري والفلسطيني مع اسرائيل، على اساس المبادرة العربية للسلام التي توفر الامن المستديم لكل الاطراف، بما يتضمن الحل العادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين.
ولان الاتحاد لا يمكنه فتح مسار مستقل للسلام عن الجهود الاميركية، فان دوره يتركز على جملة معطيات اهمها الآتي:
ـ دعم كل طرف من الاطراف التي تتفاوض من اجل السلم، وهذا الدعم له اشكال متعددة، من ابزرها نقل الرسائل والافكار بين الاطراف وبالتنسيق مع الولايات المتحدة، والسعي الى ايجاد افكار وسطية تسهل الاتفاق على النقاط الخلافية او توجد لها مخارج مناسبة، بحيث ان القيادة تبقى للولايات المتحدة، وثمة تنسيق بين الطرفين منذ الآن اي ما قبل بدء التفاوض غير المباشر حول الدور التسهيلي والتوسطي المرشح ان يلعبه الاتحاد.
ـ ان الاتحاد جاهز لتوسيع رزمة دعمه للعملية السلمية، وذلك عبر تقديم الضمانات السياسية التي يحتاجها التفاهم بين الاطراف. ومن المؤكد ان اي ضمانات قد يقوم الاتحاد بتقديمها ستكون بالتوافق والتنسيق مع واشنطن.
ـ ان الاتحاد لديه الامكانات لتقديم الضمانات الاقتصادية والمالية والامنية التي يتطلبها التقدم في العملية السلمية، او يتطلبها تنفيذ الحل لدى ارسائه، فهناك تمويل مخارج الحلول ان بالنسبة الى المساعدات الاقتصادية التي تتطلبها بعض المناطق، او دفع تعويضات قد تكون للاجئين لا يرغبون في العودة الى ارضهم، او مساهمات تنموية وتطويرية لمشاريع اقتصادية. ثم هناك المساهمة في مهمات حفظ السلام، تمويلاً او جنوداً كما هي الحال في اليونيفيل جنوب لبنان، وفي القوة الدولية في سيناء. والاتحاد الاوروبي يعتبر الممول الوحيد لوكالة غوث اللاجئين التابعة للامم المتحدة، ولديه مشاريع تنفذ في القدس الشرقية لدعم المجتمع المدني.
ـ وهناك العلاقة التي تربط الاتحاد مع القوى العظمى المؤثرة في مساعي السلم، لاسيما الولايات المتحدة والرباعية الدولية. ويفعّل الاتحاد العلاقة التي تربطه بهذه الاطراف كونها مفاتيح البحث في السلام. وتكمن اهمية ذلك، في ان الامر يؤدي الى تضافر الجهود الدولية لاعادة معاير الثقة المفقودة حاليا بين الاطراف، وتبديد الشكوك المحيطة بالوضع في ما بينهم. واول خطوة في هذا المجال ستعطي الفرصة للافرقاء العرب لتقديم ضمانات للدول للسير في مواقف متقدمة في السلام، اذا ما طرحتها تلك الدول. وتريد اوروبا ان تقرر الرباعية عقد اجتماعات دورية منتظمة، من شأنها تقديم الدعم للعملية السلمية ومراقبة مسارها بصورة دائمة.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00