أجمعت المعطيات الديبلوماسية المتوافرة، على استبعاد ان يناقش مجلس الامن الدولي تقرير المحكمة ذات الطابع الدولي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، الذي اصدرته لمناسبة مرور عام على بدء عملها، وهو التقرير الثاني من نوعه، علماً ان الامين العام للامم المتحدة بان كي مون، احال التقرير على المجلس لأخذ العلم.
وهناك توجه لدى الامم المتحدة، انه مادامت الامور في مسار المحكمة تتحقق، فليس هناك ما يستدعي اللجوء الى تدخل مجلس الامن. اما اذا ما حصلت اي عراقيل تؤثر على مسار مهمتها وعملها فعندئذ سيكون للمجلس الموقف المناسب في الوقت المناسب.
وتفيد هذه المعطيات انه من المحتم ان تصدر المحكمة القرار الاتهامي في الجريمة، هذه السنة، بحيث بات لدى المدعي العام دانيال بيلمار معطيات مهمة وكافية لاستصدار الاتهام. ويؤكد التقرير الذي اصدرته المحكمة وجود معلومات متقدمة لديها، لكنه لم يشر الى طبيعتها، نظرا الى محافظته على السرّي في ذلك، من اجل حماية الشهود، والمتهمين المفترضين، على حد سواء، ثم انتظاراً لأن يوردها كاملة في القرار الاتهامي. وقد وضعت المحكمة حدا زمنيا خاصا لاستصدار القرار في مدة اقصاها هذه السنة، خصوصا ان الوقت يمر، وهناك ضرورة لاستصداره في وقت غير بعيد.
والسبب الآخر الذي يحتم اصدار القرار الاتهامي هذه السنة، هو انه لا يمكن التأخير الى ما لا نهاية، في ضوء السنوات الثلاث التي حددت لعمل المحكمة، وحيث ان هناك مساهمات مالية دولية تعدّ بمثابة الشريان الحيوي لاستمرارية المحكمة في مهمته. وبالتالي، من المفترض ان يصدر القرار الاتهامي قبل بحث موازنة السنة الثالثة لعمل المحكمة، التي دخلت سنتها الثانية، وقبل انتهاء هذه السنة، ستكون موازنة السنة الثالثة قد اقرت. ويأخذ القيمون عليها في الاعتبار، وجود اسئلة من الدول المساهمة في تمويلها، حول ما الذي حققته خلال السنتين الاوليين من عملها، وما هي مستلزمات او مقتضيات التمويل للسنة الثالثة اذا لم تصدر قرارا اتهاميا، او اذا لم تقم بأية محاكمات. وتبعاً لذلك، فإن صدور القرار الاتهامي هذه السنة سيشكل عامل إقناع اضافي لضرورات استئناف المحكمة مهمتها، وتمويل هذه المهمة. ومن المرتقب ان يبدأ كي مون في وقت لاحق هذه السنة مشاورات دولية وتحركا واسعا لتأمين مساهمات مالية دولية للسنة الثالثة من عمل المحكمة.
يذكر ان التمويل الاجمالي للسنوات الثلاث يبلغ تقريباً نحو 110 ملايين دولار اميركي، وقد توافرت المبالغ للسنتين الاولى والثانية من عمل المحكمة.
وثمة مسألة فيها نظر، في مجال مقتضيات صدور قرار اتهامي هذه السنة وهي تلافي المحكمة والقيمين عليها، خصوصا الامم المتحدة، احتمالات حصول اي تململ بين العنصر البشري الذي تقوم عليه مهمة المحكمة من جراء استمرار انتظار المحاكمة، مع عدم الاسقاط من الحسبان تفكير هذا العنصر عموما باستمرارية عمله. وصدور القرار الاتهامي يجنّب اي نزعة محتملة لدى البعض في التفكير بالعمل في محاكم اخرى.
وتشير المعطيات الى انه لن يكون اي عامل او ظرف مالي او بشري عنصرا ضاغطا على موضوع صدور الاتهام، ولكن بما ان المعطيات التي تكونت حتى الآن، والتي اشار التقرير الاخير اليها، تسمح بأن يصدر الاتهام خلال سنة 2010، فإنه لم يعد هناك من معوقات للتفكير بصدوره.
وفضلا عما اشار اليه التقرير، بالنسبة الى ان لدى المدعي العام معطيات متقدمة، فإن القراءة الديبلوماسية للتقرير، اظهرت انه تضمن ما يميز المحكمة قانونا عن المحاكم الدولية الاخرى، وهو انها تعالج قضية ارهابية للمرة الاولى، في حين ان المحاكم الاخرى تعالج جرائم ضد الانسانية، كما شمل التقرير المراحل التي قطعتها المحكمة اداريا ولوجستيا. وفي هذا المجال، يأتي تقريرها كأنه استكمال لتقارير الامين العام الاربعة حول القرار 1757 الذي أقر انشاء المحكمة وطلب الى الامين العام متابعة القضية.
يذكر ان المحكمة تصدر كل اسبوعين تقريراً إدارياً داخلياً.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.