بعد القمة الإيرانية السورية وانضمام الأمين العام لـحزب الله السيد حسن نصرالله اليها، حيث تم درس الوضعية في المنطقة وإرسال رسائل متعددة الجوانب، هل تبقي واشنطن على خيار الحوار قائماً مع دمشق، أم ستطرأ تعديلات؟ وهل الحرب باتت حتمية نتيجة التهديدات والتهديدات المضادة؟
تستبعد مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع بشدة ان تعود الإدارة الأميركية عن منحى الحوار الذي قررت سلوكه حيال سوريا لمجرد ما صدر عن القمة الإيرانية السورية من مواقف، بعد أشهر على بدء عملية الحوار الأميركي السوري، والذي يطال كل القضايا العالقة في المنطقة، والعلاقات الثنائية، فضلاً عن عملية السلام، والملف النووي الإيراني، ذلك ان الإدارة التي بدأت سياسة الانفتاح على دمشق تحتاج الى وقت كافٍ لتغيير هذه القناعة. إذ إن لدى الإدارة حساباتها، ورؤيتها، ومفاهيمها، وان جاءت القمة مجالاً لتقييم أميركي استنتج ان دمشق لم تفك تحالفها مع طهران، وانها استفادت من هذا المناخ، لتسعى الى فك عزلتها الدولية، والانفتاح على سوريا وتوطيد العلاقات الفرنسية السورية، وتسعى الى إعادة تعزيز نفوذها في لبنان.
لكن الإدارة مقتنعة بأن إيران لا تعطي إلا تحت الضغوط، وان المحاولة الأميركية لتقريب دمشق وفك ارتباطها مع طهران، ستستكمل وكذلك خطوات إرسال السفير المعين روبرت فورد. وستتابع واشنطن حوارها مع دمشق. للتأكد من صحة رهانها على هذه السياسة أو عدم صحته، عندها تعلن سياستها الجديدة إذا ما وجدت لزوماً لذلك. والحوار مع دمشق لا يزال حاجة أميركية في سياق السياسة الانفتاحية لدى واشنطن وسعيها الى حل المسائل العالقة، مع ان الأجواء الدولية بالنسبة الى الملف الإيراني، تشير الى ان نهاية هذا الشهر ستشهد طروحات جدية لفرض عقوبات على طهران، وان اللهجة الأوروبية، أقسى من الأميركية حيال إيران، وتقارن بين ردة فعل هذه الإدارة وردود فعل الإدارة السابقة.
إلا ان المصادر تؤكد وفقاً لمعطيات لديها ان لا مصلحة للجوء الى حرب في المنطقة على الرغم من التصعيد الخطابي الحاصل من الجميع.
فالتفاوض الدولي مع إيران لم ينتهِ. وحزب الله لا يشكل أي ازعاج أو خربطة في الوضع على الحدود مع إسرائيل، والوضعية السورية لا تزال تحظى برضى أكثر من عامل إقليمي مؤثر، والوضع في العراق يسير في حدود معقولة، ما يعني انه على الرغم من التهويل بالحرب وبالرد، فإن هناك رفعاً متوازياً للسقوف السياسية، من شأنه ان يفيد الاستثمار السياسي الذي تأمله الأطراف، ان من خلال أي تفاوض سلمي، أو من خلال عمليات الحوار والانفتاح الدائرة دولياً مع إيران وسوريا، في هذه المرحلة.
وتحمل القمة الإيرانية السورية وانضمام نصرالله اليها رسائل في أكثر من اتجاه، استناداً الى المصادر، هي:
رسالة الى الأميركيين بالدرجة الأولى، لا سيما من إيران بالنسبة الى العقوبات. وتفيد ان لدى طهران العمق والمحور الإقليمي من المتوسط الى الخليج، بحيث يمكن استخدامهما سياسياً واقتصادياً وأمنياً، من أجل العرقلة، وخصوصاً ان لدى إيران طموحاً بنظام شرق أوسطي جديد يكون لها فيه اليد الطولى. وتتقاطع الرسالة الإيرانية لواشنطن، مع رسالة سوريا مفادها ان هناك رفعاً للثمن الذي تريده دمشق، وان ما طرحه مساعد وزيرة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية وليم برنز بالنسبة الى إرسال السفير الأميركي الى دمشق ومقتضيات التعاون السوري لا يكفي، وأقله يجب ان تزيل واشنطن العقوبات ضد سوريا وقانون هذه العقوبات.
انها رسالة الى إسرائيل رداً على التهديدات التي تطلقها في كل الاتجاهات. وهي رسالة تستخدم المستوى التصعيدي نفسه الذي تستخدمه إسرائيل، من دون ان يعني ذلك ان الحرب واقعة، وقد تكون التصريحات والمواقف سبيلاً الى تنفيس الاحتقان، وعلى الرغم من التحضيرات الإسرائيلية، إلا أن تل أبيب تدرك ان أي حرب تعرف كيف تبدأ لكنها لا تعرف كيف تنتهي.
ان القمة سرّعت في إعلان لبنان عن طاولة الحوار الوطني الداخلي في مؤشر قوي لتلاقي أي إنعكاسات أو إحراجات.
كما انها على المستوى اللبناني أرسلت رسائل حول ان لدى سوريا حلفاء داخليين، وانه لا يمكن لأي مسؤول لبناني، أو فريق ان يحاورها أو يتواصل معها عبر تمني طرف آخر أو تأثيره، بل بقناعة ذاتية منه. وهؤلاء الحلفاء قادرون في أي لحظة على التأثير في المجريات الداخلية.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.