8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

سياسة الإدارة الأميركية حيال لبنان خاصّة وقيد التطبيق

لماذا تحرص الإدارة الأميركية على ان يزور موفدوها إلى دمشق، بيروت أولاً، وما المغزى من الزيارات الأميركية إلى سوريا وآخرها كانت زيارة مساعد وزيرة الخارجية للشؤون السياسية وليام بيرنز؟
طالما ان هناك زيارات أميركية لسوريا، فهناك زيارات للبنان. هذا ما تؤكده أوساط ديبلوماسية واسعة الاطلاع على العلاقات اللبنانية الأميركية. وقد بات لدى الإدارة الأميركية سياسة خاصة بلبنان مرسومة وتطبق، وليست سياسة للمنطقة يدخل لبنان في سياقها العام، الأمر الذي يؤشر إلى استمرار الجو الأميركي الداعم للبنان، من حيث التعاطي معه كدولة حرة ذات سيادة واستقلال، وعلى أساس انها دولة معنية بمشكلات المنطقة لكن لديها خصوصيتها، وبالتالي لا يوجد خوف أو قلق، لأن ما حمله بيرنز أخيراً، كان بمثابة تجديد التطمينات للبنان بأن أي تطورات حوارية مع المنطقة لن تكون على حسابه أو حساب قضاياه.
هذا الموقف جاء من لبنان، لكن ترجمته تجسدت في الرسائل التي نقلها بيرنز إلى دمشق وتضمنت، وفقاً للأوساط، جملة نقاط أهمها:
ان واشنطن التي عينت سفيرها لدى سوريا روبرت فورد، وسيتسلم مهامه رسميا في غضون ثلاثة أشهر، تنتظر من دمشق تعاوناً جوهرياً، وبالقدر الذي تسجل فيه تجاوباً سورياً في تلبية المطالب، تتقدم العلاقات الأميركية السورية لتصبح علاقات طبيعية. لذلك، فإنّ زيارة بيرنز هدفت إلى معرفة مدى وجود استعدادات لدى دمشق للتجاوب في بعض المطالب.
ان الولايات المتحدة رغبت في إبلاغ سوريا ان هناك معادلة تتبع معها وهي العطاء المتبادل والمتوازي، فبالقدر الذي تعطي فيه دمشق، تعطيها واشنطن، واذا كانت دمشق تريد خفض الضغوط عليها، فالمطلوب منها التجاوب في ملفات عدة في المنطقة أبرزها اللبناني والعراقي والفلسطيني، وهذا ما جرى تطمينات في شأنه من بيرنز في بيروت، بأن هدف واشنطن في الحوار مع دمشق واضح، وبالتالي تنتظر واشنطن من سوريا أن تقدم قريباً خطوة جوهرية في ملف من هذه الملفات بطريقة من الطرق. فهناك المواضيع ذات الصلة بالقرارات الدولية حول لبنان وحزب الله وسلاحه، وهناك موضوع تفعيل لجنة ترسيم الحدود اللبنانية السورية، وهذا الموضوع بالذات كان محور بحث أميركي سوري، وثمة انتظار أميركي لموقف ما في شأنه من دمشق، بالتزامن مع توقع حصول موقف إيجابي بالنسبة إلى الفلسطينيين، وضبط الحدود السورية العراقية، والحدود اللبنانية السورية.
لقد طلبت واشنطن إلى دمشق التحرك بقوة، والمساهمة في دور إيجابي في المنطقة وأن تتفاعل مع السياسة الأميركية، ومع ما تسعى واشنطن إلى تحقيقه. وهذا الطلب يحمل إشارة ضمنية لايران في رغبة للاستمرار في السعي إلى تقريب دمشق من الإدارة الأميركية، وينطلق من النظرة الواقعية للدور السوري في المنطقة. وزيارة بيرنز بهذا المعنى تلاقي أهداف جولة وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون في الخليج أخيراً، وان كان الأسلوب غير مباشر. وتدرك واشنطن ان دمشق التي تمكّن الأوروبيون من تحميلها رسائل دولية إلى طهران حول الموقف من ملفها النووي، غير قادرة على ان تملي على الأخيرة ماذا يجب أن تفعل، أو أن تطلب منها أي مطلب في المجال الدولي، وفي الوقت نفسه لا يمكن لدمشق التخلي عن تحالفها مع طهران لكي لا تخسر الورقة الأهم في يدها، لذلك يأتي الدور الأميركي الذي ينتظر من دمشق خطوة ما، في حين ان زيارة الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد لسوريا اليوم تهدف إلى شدّ التحالف وتعزيزه، في ظل تبادل التهديدات مع إسرائيل.
وما يؤدي بالنسبة لواشنطن إلى تسهيل الحوار مع سوريا، موضوع الشرق الأوسط، وضرورة بدء المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل. والمسألة لا تزال عند إسرائيل لتأكيد جديتها بحيث تنطلق المفاوضات من نقطة ما. ولهذه الغاية سيكرر الموفد الرئاسي الأميركي للسلام جورج ميتشل جولاته إلى المنطقة بما فيها سوريا، للتعاون معها في سياق وضع الاطار التفاوضي للسلام معها. وسيتولى مساعد ميتشل فريدريك هوف، مراقبة الموضوع ومتابعته بالتنسيق مع تركيا التي ستقوم بمهمة الوسيط بين سوريا وإسرائيل.
أما ميتشل فسيتولى الإشراف على الاطار التفاوضي غير المباشر بين الفلسطينيين وإسرائيل والقيام بكل الدور التنسيقي بين الجانبين.
ويبقى الأهم الضمانة بأن هذه المفاوضات ستحصل وان إسرائيل لن تعرقلها.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00