كان لدى الرئاسة الفرنسية لمجلس الأمن الدولي لشهر شباط الجاري، رغبة في أن يتم إنجاز مشروع قرار فرض عقوبات على إيران خلال فترة هذه الرئاسة، إلا أنه بات مؤكداً أن المجتمع الدولي لن يتمكن من الدخول الى مشروع قرار على الأقل خلال شباط نظراً الى عوامل عديدة.
وفي معطيات ديبلوماسية، أن لا مجال للتفاهم والتوافق على مثل هذا المشروع قبل نهاية آذار المقبل أو بداية نيسان، بين الدول الست، أي الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا، ثم تكون الخطوة التالية بعرضه على مجلس الأمن. وبالتالي يظهر أن مشروع العقوبات لا يمكن أن يكون مسألة سريعة، والعقوبات التي فرضها مجلس الأمن سابقاً، استغرق البحث والتفاوض توصلاً اليها نحو 7 أشهر. وينتظر أن يحمل سقفاً عالياً في الموقف في البداية، ما يلبث أن يتم التفاوض حوله.
والعوامل التي لا تزال تؤخر التوصل الى مشروع قرار أمام مجلس الأمن، هي الخلاف الدولي على نوعية العقوبات الاقتصادية وما إذا ستطال النفط أم لا في ضوء رفض الصين ذلك. كما أن الصين تستمر في معارضتها مبدأ العقوبات وتقف الى جانب مزيد من الفرص أمام الحوار مع إيران. وكذلك فإن الموقف الأخير للرئيس الإيراني أحمدي نجاد واستعداداته التفاوضية، يجعل من روسيا والصين تعززان موقفهما القائل بضرورة عدم إقفال باب الحوار ما دام هناك إمكانية، لأن الخيارات الأخرى أكثر كلفة.
والعقوبات التي فرضت سابقاً على إيران لم تكن فاعلة لدرجة تجعل منها تعدل موقفها أو تتعاون بشكل نهائي. كما أن روسيا والصين بقيتا على تعاملهما معها لا سيما على المستوى الاقتصادي، واستبدلتا تعاملهما مع الغرب، بالتعامل مع إيران والشرق. كما أن فرنسا وألمانيا لم تخففا استثماراتهما في إيران. وأي عقوبات جديدة قد لا تفيد بالنسبة الى إحداث تغيير في الموقف الإيراني، خصوصاً إذا لم تلتزم الجهات الدولية بها، ولم تقطع تعاملها مع طهران. ذلك، أن ما تتبعه الدول هو سياسة احتواء إيران ونفوذها في المنطقة. وتقوم وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بجولات خليجية تهدف خصوصاً الى تخفيف النفوذ الإيراني في المنطقة، بالتزامن مع إقامة غطاء أمني في الخليج عبر نشر سلسلة الصواريخ في هذه المنطقة، لمواجهة طموح إيران في أن تكون القائد الأمني للمنطقة ومحاصرتها.
وسياسة الاحتواء والحصار الدولي لإيران، ستحد من فرض حمايتها الأمنية، لكن ليس بالكامل، لأنه طالما لا يوجد تقدم جوهري في عملية السلام في الشرق الأوسط، فإن هناك استمراراً للحجة أمام إيران لتعزيز نفوذها في المنطقة من خلال تنظيمات متعددة، ومشكلة فلسطين مؤثرة جداً في العالم الإسلامي. ولو تمكنت الإدارة الأميركية حتى الآن من ترسيخ العملية السلمية لكانت نزعت الذرائع الإيرانية من إمكان التدخل والنفوذ، ومارست شكلاً من أشكال الاحتواء السياسي والأمني لإيران، ما يسهم في نزع تدخلها ونفوذها. وأكثر ما تمكنت الإدارة من فرضه على إسرائيل هو المفاوضات غير المباشرة، التي يتم إعداد آليتها وإطارها.
إذاً، عملية الاحتواء اصطدمت بتعقيدات متنوعة. حتى ان الصين وروسيا اللتين لا تريدان لإيران قنبلة نووية، تختلفان في التقييم حول مدى اقترابها من امتلاك هذه القنبلة. كما أنهما لا تريدان أن تتحكم إيران بسوق النفط عبر امتلاكها هذه القوة.
وإنهاء الاستثمارات الغربية لا سيما الفرنسية والألمانية في إيران سيعني الخطوة القصوى التي تسبق التأكد من تعذر الحلول السلمية والديبلوماسية. وستحاول الدول تجربة كل أنواع الضغوط على إيران، خصوصاً السياسية منها. وأحد أسباب زيارة مساعد وزيرة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية وليم برنز لسوريا وقبل ذلك للبنان، تأتي في هذا الإطار بحيث أنه بالقدر الذي تتقارب فيه العلاقات الأميركية السورية، يعتبر ذلك مكسباً للسياسة الأميركية مقارنة مع العلاقات الأميركية الإيرانية. لكن لن يكون أي تقارب على حساب لبنان، بل ثمة حرص أميركي على الطلب الى سوريا التعاون لتنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة بلبنان لا سيما الـ1701 وموضوع السلاح وما يحمله من دلالات إقليمية.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.