على الرغم من البداية الجيدة للحوار الدولي ـ الإيراني، والأجواء المريحة التي خلّفها في المنطقة، إلا أن أوساطاً ديبلوماسية غربية تؤكد أن ليس للولايات المتحدة الأميركية وفرنسا أملاً كبيراً بالنتائج الجوهرية التي سيحققها الحوار، إذ أن إيران ستتبع أسلوب المماطلة، وهي فعلاً لن تتراجع عن بناء قدراتها النووية التي قطعت فيها شوطاً لا يستهان به.
وثمة قراءتان ديبلوماسيتان، وفقاً للأوساط، لردة الفعل الدولية على عدم النجاح المتوقع للحوار بين الطرفين، ذلك أن المهلة المعطاة للحوار هي ثلاثة أشهر أي حتى نهاية السنة الجارية، بحيث لن يكون هناك تفاوض لأجل التفاوض. والقراءة الأولى تقول بأن هناك تخوفاً مما سيكون عليه الموقف الإسرائيلي في ضوء فشل التفاوض، فقد تضغط إسرائيل على المجتمع الدولي في اتجاه توجيه ضربة عسكرية لإيران، أو قد يقوم هذا المجتمع بتكليف إسرائيل القيام بهذه الضربة. وهذه الفكرة لا تبدو بعيدة، الأمر الذي يُشعِر إيران ومعها سوريا في هذه الفترة بقلق، ما جعل وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي يقصد واشنطن حيث التقى وكيل وزارة الخارجية الأميركية وليم برنز.
وسبقت ذلك حركة سورية ثلاثية الاتجاهات والمستويات: الى المملكة العربية السعودية عبر تلبية الرئيس السوري بشار الأسد دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله لافتتاح جامعة العلوم والتقنية، وإلى فرنسا عبر زيارة وزير الخارجية وليد المعلم لباريس، وإلى واشنطن عبر زيارة نائب وزير الخارجية السفير فيصل المقداد. وتكتسب زيارة واشنطن أهمية خاصة، لا سيما أنها جاءت بعد استثناء الموفد الرئاسي الاميركي جورج ميتشل سوريا من جولته الأخيرة في المنطقة، والرسالة التي حملها الاستثناء حتّمت على دمشق أن تتحرك هي في اتجاه واشنطن إذا ما وجدت أن لديها تطوراً جديداً في موقفها، ولن توفد واشنطن أحداً للاستماع.
أما بالنسبة الى تحرك دمشق في اتجاه باريس، فهو لهدف الطلب من باريس نقل رسائل الى واشنطن، هذا فضلاً عن التحرك الرئاسي في اتجاه الرياض الذي يصب في أحد أهدافه، بمحاولة التهدئة على المستوى الدولي لما للرياض من مكانة عربية ودولية.
وتكمن خطورة هذه القراءة، ليس في أن أي ضربة لإيران بالضرورة، تبدأ على حزب الله وعلى لبنان بالتالي، إنما أي ضربة على إيران قد تؤدي الى إشعال الجبهة اللبنانية مع إسرائيل لتخفيف الضغط عن إيران. وما يزيد من احتمالات حصول هذه القراءة، إفشال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لخطة السلام الأميركية في الشرق الأوسط، وسعيه لربط هذا الملف بمصير الملف النووي الإيراني.
كل ذلك أدى الى تحرك إيراني وسوري لإبداء إيجابيات على المستوى الدولي.
أما القراءة الثانية، فتقول بأن البديل عن فشل الحوار هو قرار عقوبات جديد على طهران، ما يعني أن العقوبات قد تجر عقوبات متنوعة ومتشددة في مسار سيتم وضع تصوّر لاعتماده في مرحلة لاحقة. مع أن بدء التفاوض تزامن مع الإعداد لسلة عقوبات اقتصادية دولية. وإذا ما اعتمد قرار جديد للعقوبات في مجلس الأمن، فإن تفسير الأمر هو أن اللجوء الى ضربة عسكرية غير وارد. وعند اعتماد قرار العقوبات لدى عدم توصل التفاوض الى نتيجة، يصبح الموقف الدولي أقوى، ولا يعود أمام روسيا الاتحادية والصين أي حجة لاستخدام حق الفيتو في مجلس الأمن لمنع صدور القرار، ما دامت المهلة التفاوضية قد استنفدت. وبالتالي، سيتعزز مسار العقوبات ويقوى بإجماع دولي. وحتى في هذه الحالة، لا يمكن الاطمئنان الى الموقف الإسرائيلي، في مرحلة لاحقة، والتي قد تضغط في اتجاه أن تواكب العقوبات المتشددة ضربة عسكرية.
وتبعاً لهذا الجو، فإن كلاً من إيران وسوريا تحاولان اعتماد معادلة الأخذ والعطاء، خلال المهلة المعطاة للتفاوض من دون أن يكون مستقبل هذه المعادلة واضحا لما بعد نهاية السنة.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.