8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

الحوار مع إيران وسوريا يسمح بتفاهمات لبنانية

يبدأ الحوار الدولي ـ الإيراني اليوم في جنيف حول ملف طهران النووي وعشية هذا الاستحقاق استؤنف الحوار الأميركي والفرنسي مع دمشق. وفي لبنان، يترقب المسؤولون ما يمكن ان تحمله تطورات المرحلة المقبلة من إنعكاسات على الأوضاع، لا سيما في ما خص تشكيل الحكومة ومسار إدارتها للشؤون الداخلية.
وتفيد مصادر ديبلوماسية بارزة، ان الحوار الدولي مع كل من إيران وسوريا، سينعكس ايجاباً على الوضع اللبناني، وسيؤدي الى تراجع الضغوط الخارجية على مجريات الوضع الداخلي. وان تحسن العلاقات الدولية الإقليمية سيسمح بحصول تفاهمات من شأنها تمرير تشكيل الحكومة في أقرب فرصة.
كما ان العكس هو صحيح، ففي حال جرى تقويض فرص الحوار، ستتحرك أوراق القوى الإقليمية على الأرض، لمحاولة الكسب في السياسة ولو عبر التلويح بالضغوط الأمنية.
وسيتكشف من خلال جلسة الحوار اليوم، المنحى الذي ستسلكه العلاقات الدولية الإيرانية، وكيف سينعكس على قضايا لبنان والمنطقة. مع الإشارة، الى ان الموقف الأميركي حيال الوضع الحكومي اللبناني يبقى في العموميات، انتظاراً لتطورات حوار جنيف، لكن مع التطمينات المتتالية بأن لبنان مكانته محفوظة، وان لا مساومة عليه أو على ثوابته، انما لا شيء يمنع من الحوار مع الأفرقاء الإقليميين حول القضايا العالقة، وفي إطار زمني محدد. ولا تغيير في الاستراتيجيا إلا في ضوء الموضوع الاستراتيجي الإيراني.
ويتبين للمصادر، ان سبب استئناف الحوار الدولي مع دمشق في هذا التوقيت، يكمن في السعي مجدداً من جانب واشنطن وباريس، لإبعاد سوريا عن إيران. وذلك عبر إعطائها حوافز ومغريات، وإرسال رسائل حول الأمر قبل بدء الحوار الدولي مع إيران.
وقد شملت نقاط البحث مع دمشق خلال الأيام الماضية، الاتصالات الدولية الحاصلة، ومسألة توقيع الاتحاد الأوروبي ودمشق اتفاقية الشراكة، وتأثير العلاقات السورية مع إيران لجعل طهران ايجابية أكثر في الحوار مع الدول.
ومع إعتبار باريس ان الحوار مع طهران يبقى أفضل من اللاحوار، فإنها تعتقد ان حوار اليوم لن يحل الأمور لكنه سيمهد بأجواء مريحة لاستكماله. وتعوّل فرنسا كما أبلغت الى وزير الخارجية السوري وليد المعلم، على جهود دمشق لتسهيل تأليف حكومة لبنان عبر عدم التدخل وفقاً للروحية التي جرى الاتفاق عليها في مؤتمر الدوحة، الذي لم ينته، طالما بعض الأمور لا تزال عالقة. وتنتظر باريس الرد السوري على الأرض، مع ان هناك تحضيرات لجولة سيقوم بها وزير خارجيتها برنار كوشنير على دول المنطقة قريباً، لمتابعة تطور الوضع وستبدأ الجولة بلبنان.
وستبقى واشنطن وباريس تسعيان بمثابرة على ابعاد دمشق عن إيران، ومع أجواء الارتياح الأميركية للمباحثات مع نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، لكن دمشق تحاول توجيه إشارات في اتجاه ان الثمن الذي تريده ليس بالتكتيك، انما بالاستراتيجية من خلال الدور الذي يمكن ان يُعطى لها في المنطقة. وإلا ستبقى تقترب من إيران لانه يمكن لها ان تحصل على مكاسب إذا ما حصلت إيران على مكاسب.
ووفقاً للمصادر فإنه على الرغم من الإعدادات الأميركية لسلة عقوبات اقتصادية على إيران، مع الإعداد لبدء التفاوض، للايحاء بأن حوار الخميس سيكون حاسماً، وان لا مهل زمنية أمام طهران، إلا ان المعطيات المتوافرة تشير الى ان إيران ستقوم بتسليف المجتمع الدولي خطوة ايجابية موقتاً، قد تتيح لها ان تحصل في مقابلها على تخفيف الضغوط السياسية عنها، الأمر الذي يمكنها من تأجيل استحقاق العقوبات وكسب مزيد من الوقت، وهو أسلوب لطالما كانت تعتمده مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لتأجيل الاستحقاقات، ولإعطاء نفسها ضمناً مزيداً من المجال سعياً لاستكمال بناء قدراتها النووية بالتزامن.
وبالتالي، لن يكون حوار اليوم حاسماً، انما ستؤدي الاستعدادات الايجابية الى إرجاء محاسبتها حتى نهاية السنة الجارية، بحيث تكون المهلة الزمنية التي لا عودة عنها. إلا ان بدء الحوار سيسهم في معرفة اتجاه الوضع الإيراني وتعامل الدول معه، على انه يبقى من السابق لأوانه البناء بشكل جدي على أول جلسة حوار، لان إيران لن تقدم كل أوراقها. وما ستسلفه في الجلسة الأولى، سيكون رداً على انفتاح الولايات المتحدة عليها والجدية التي تعتمدها الإدارة الأميركية، في التهيئة للحوار، وذلك عبر الإعلان عن وقف بناء الدرع الصاروخية في أوروبا. الأمر الذي فهمت طهران من خلاله ان لا تهديدات حقيقية تستهدفها حالياً. ما أضفى أجواء ايجابية على العلاقات الأميركية الروسية ساعدت في التنسيق الثنائي حيال الملف الإيراني. ما يدل على بدء نجاح سياسة الرئيس باراك أوباما في التعامل مع هذا الملف خلافاً لما هو عليه الوضع بالنسبة الى خطته للسلام في الشرق الأوسط.
وستكون فرنسا داعمة لأي خطوة أميركية حيال إيران لا سيما إذا لم يؤدِ الحوار معها الى نتيجة. والخطاب الفرنسي أكثر تشدداً من الأميركي حيال طهران، والمسؤول عن ملفها في الرئاسة الفرنسية السفير لافيه كان سفيراً سابقاً لدى واشنطن وهو من أصول يهودية وقريب من إسرائيل. والتعاون مع واشنطن يتيح لفرنسا دوراً كبيراً في المنطقة.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00