8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

لبنان يعدّ تصوراً حول أدائه لدى تسلمه موقعه في مجلس الأمن

بدأ لبنان إعداد تصور واضح لما سيكون عليه أداؤه في مجلس الأمن الدولي لدى تسلمه العضوية غير الدائمة في بداية سنة 2010. وسيأخذ التصور في الاعتبار كيفية إنجاز دور دولي متمايز وفاعل من دون ان تؤدي مواقفه الى أي حساسيات لا على المستوى الداخلي، ولا في علاقاته بالخارج.
وتبلغ لبنان عبر الوفد الرئاسي الى نيويورك ان انتخاب لبنان لهذا الموقع، سيتم منتصف تشرين الاول المقبل، في الجمعية العمومية للأمم المتحدة أي في الفترة الواقعة ما بين 15 تشرين الاول وحتى 17 منه.
ويرسم التصور، حدود التحركات والمواقف التي يمكن للبنان ان يتخذها ولا سيما عند وجود مشاريع قرارات داخل مجلس الأمن حول قضايا عربية أو دولية، أو بيانات رئاسية، وسط دقة ظروفه وأوضاعه الداخلية وما في وسعه ان يتحمله نتيجة مواقفه السياسية والديبلوماسية. ويرتكز التصور استناداً الى مصادر ديبلوماسية بارزة في بيروت، على خطوط عامة أساسية هي:
أولاً، ان لبنان يجب الا يتعامل إلا بايجابية مع انتخابه في مجلس الأمن، وهناك ثقة عالية على مستوى الحكم اللبناني والديبلوماسية اللبنانية بقدرة لبنان وسمعته وخبراته، ما يجعله قادراً على تأدية دوره الجديد، وما التخوف والحذر لاعتبارات مختلفة إلا في ذهن السياسيين ولمصالح متنوعة ومتناقضة أحياناً. مع ان وجود لبنان في المجلس يخدم قضاياه ومصالحه انما يجب ألا يختلف اللبنانيون في ما بينهم.
ومن الأهمية بمكان ان يقوم لبنان بدور فاعل ونشيط في هذا الموقع، الذي يعود اليه بعد غياب طال 55 عاما، اذ ان آخر مرة شغل فيها هذا المنصب كانت في العامين 1953 و1954، وكان شارل مالك آنذاك مندوباً للبنان لدى الأمم المتحدة. وخلال الأعوام الأخيرة لم يدخل لبنان المنظمة الدولية سوى في مصاف الدول الزبائن السوبر لديها، نسبة الى مشكلاته الداخلية، وتلك التي كان ولا يزال جزء منها عالقا مع الدول الجارة له أو البعيدة منه، والتي عملت الأمم المتحدة ومجلس الأمن على استصدار القرارات حولها واضعة الحلول لها.
ثانياً، ان لبنان يعتبر نفسه ممثلاً للمجموعة العربية في مجلس الأمن، وأي موقف سيتخذه سينبثق عن تشاوره المسبق مع الدول العربية. فإذا ما سُجّل إجماع عربي وموقف موحد في التعامل مع قضية مطروحة على المجلس، سيعرب لبنان عن ذلك من خلال موقفه. اما إذا لم يتحقق موقف عربي موحد فان أمام لبنان خيارات: إما الإمتناع عن التصويت على أي مشروع مطروح، وإما اتخاذ موقف حيادي، أو اتخاذ موقف يؤمن في صياغته توازناً بين المواقف العربية المتفاوتة، بشكل بعيد من الاحراج.
من هنا أهمية العمل الديبلوماسي وأسلوب التعبير عن المواقف، لخدمة المصلحة العليا.
فضلاً عن انه إذا كان الوضع الداخلي والحفاظ على الاستقرار لا يسمح للبنان بالتصويت على قرار محدد، مثلاً حول فرض عقوبات على إيران أو سوريا، فإنه سيمتنع عن التصويت. مع الإشارة الى ان المعطيات لا تقول بأن الوضع الدولي يسير في اتجاه عقوبات وشيكة على أي منهما، وان فرص الحوار لا تزال أولوية.
ثالثاً، ان لبنان وعلى الرغم من أهمية دوره في العضوية غير الدائمة في المجلس، يدرك انه لا يمكنه التأثير في التوجه الدولي العام حيال الدول أو القرارات في حقها، الأمر الذي سيُسهّل عليه مهمته، بحيث ان موقف الدول الخمس الكبرى الدائمة العضوية في المجلس هو الذي يحسم الخيار في النهاية ويكون قد اتخذ. وأي قرار يحتاج الى أصوات الدول الخمس هذه من دون أي فيتو، مع 4 اصوات للدول غير الدائمة، ليُصبح عدد الأصوات المطلوب لصدور القرار 9 من أصل 15 دولة في المجلس، ولدى لبنان في هذه الحالة هامش تحرك سياسي، بحيث قد يقف الى جانب القرار أو لا. هذا من الناحية السياسية، اما من الناحية التقنية فإن هناك ثلاث حالات يمكنه اعتمادها، إما التصويت مع القرار، أو التصويت ضده، أو الامتناع عن التصويت. وهذا المسار التقني يوظف لخدمة الموقف السياسي.
وبالتالي، هناك العديد من الوسائل التي تحول دون مواجهة لبنان للاحراجات الداخلية والخارجية من جراء موقعه الجديد.
فقد دخلت الى العضوية غير الدائمة دول عدة مثل ليبيا وقطر وأندونيسيا والغابون والسودان، وتمكنت من أداء مهمتها، مع ان الدول الكبرى وذات العضوية الدائمة تتعرض لضغوط لا تقل أهمية عن تلك التي تتعرض لها الدول الصغرى في المجلس.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00