8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

زيارة ميتشل رسالة دعم وتطمين ووضع لبنان في صورة التحرك الاميركي

على الرغم من الطابع الشرق أوسطي لجولة الموفد الرئاسي الأميركي لشؤون المنطقة جورج ميتشل على لبنان وعدد من دولها، كون هذا الملف من مسؤوليته، إلا ان زيارته لبيروت وتحديد لقاءاته برئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان فقط، يحمل هدفاً استثنائياً، وهو استكشاف تطور الوضع اللبناني وما آل إليه العمل لتشكيل الحكومة. وقد سبقه الى لبنان، للتحضير للزيارة، مساعده فريدريك هوف.
وتفيد مصادر ديبلوماسية غربية بارزة، ان أهمية الزيارة تكمن في رمزيتها والرسالة التي ترغب الإدارة الأميركية في ابلاغها الى لبنان، ولا سيما في هذا الظرف الدولي الإقليمي الراهن، وتنطوي الرسالة على جملة معطيات أساسية هي:
التأكيد مجدداً على الأهمية التي توليها الولايات المتحدة للوضع اللبناني، وان كانت واشنطن في مرحلة انتظار الدينامية السياسية الداخلية، وأداء كل الأفرقاء حيال تشكيل الحكومة، إلا ان هناك رسالة واضحة بأن واشنطن لن تترك لبنان، وان الأولوية اللبنانية لدى الإدارة لم تتبدل، وان برزت أولويات أخرى في التعامل مع شؤون المنطقة.
تهدف الزيارة الى تطمين المسؤول اللبناني الاول، الى ان أي أمر لا يُحضر للمنطقة، أو يطبخ أي توجه، من دون علم لبنان، واستطلاع موقفه. وبالتالي، تم تكليفه من الإدارة لوضع لبنان في أجواء التحرك الأميركي، لكيلا يحصل أي اعتقاد بأن هناك احتمال وجود صفقة ما أو تكبيده فاتورة عن حل مسألة ما في المنطقة.
ان الزيارة الحالية لميتشل الى بيروت هي بمثابة دين للبنان، بحيث انه لم يزرها في جولته السابقة على المنطقة، انما تم ايفاد هوف، ومسؤول ملف الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي دانيال شابيرو لوضع لبنان في أجواء تحرك ميتشل، ومعرفة استعداداته السلمية واستطلاع مرحلة ما بعد تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة.
وبالقدر الذي تعبّر فيه الزيارة عن الرسالة الواضحة للبنان وعدم التخلي عن دعم سيادته واستقلاله، فانها تعبّر أيضاً عن رسالة لسوريا حول هذا الدعم.
وتؤكد المصادر، ان استثناء دمشق من جولة ميتشل في المنطقة تصب في هذا السياق، وتعني ما تعنيه بالنسبة الى الموقف الأميركي الثابت من عدم التدخل السوري في الشأن الداخلي اللبناني، وترك اللبنانيين يتفاهمون على استحقاقاتهم وتكوين السلطة في بلدهم.
وتلفت المصادر الى ان زيارة ميتشل الاخيرة الى دمشق مع مساعده هوف وشابيرو، شملت في احد جوانبها الطلب الأميركي اليها عدم التدخل في تشكيل الحكومة اللبنانية، وكان ذلك سيتم الى حد ما لولا العودة عنه لاحقاً.
مع الاشارة، الى ان قرار عودة السفير الأميركي الى سوريا جاء بعد هذه الزيارة، لكن من الآن وحتى اختيار السفير وحصوله على ثقة الكونغرس سيأخذ الأمر وقتاً، لا بد ان تسريعه يرتبط بالأداء السوري الفعلي في عدد من المطالب الأميركية في المنطقة.
اما القسم الشرق أوسطي المتصل بزيارة ميتشل لبيروت، فيهدف الى وضع رئيس الجمهورية في ما أحرزته جولته في المنطقة، وإعطاء المعلومات حول القراءة الأميركية لنتائجها.
ويأتي تحرك ميتشل قبل أيام من الخطاب الذي سيلقيه أوباما في 23 ايلول الجاري أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. وتحركه يسعى الى تحضير ما قد يشمله الخطاب من عناصر جديدة للنظرة الأميركية للسلام في الشرق الأوسط، او لإعطاء بعض المؤشرات عن الخطة الأميركية للسلام، أو لتقديم خطة متكاملة. وتصاعد أحد هذه الاحتمالات مرتبط بالنتائج التي سيحققها ميتشل في جولته، لا سيما في إسرائيل وفي موضوع وقف الاستيطان تحديداً. وفي ضوء ما يعلنه أوباما، ستجتمع الرباعية الدولية للسلام في المنطقة لتحديد آلية تحركها، وذلك في 24 أيلول.
وشددت المصادر على أهمية التحرك الأميركي، لأن الإعداد للخطة وبناء العملية السياسية، يتطلب أن يستمع ميتشل في مفاوضاته الى آراء قادة المنطقة أكثر من مرة لتكوين الأساس المطلوب.
ويظهر من خلال جولة ميتشل، ان المسار الفلسطيني الإسرائيلي، هو لب التحرك لأن انطلاقه يواجه عقبات كبرى ليس على المستوى الإسرائيلي في رفض وقف المستوطنات فحسب، بل أيضاً في رفض حماس الطرح المصري تأجيل الانتخابات الى منتصف السنة المقبلة، وهي تريد انتخابات في أقرب وقت. وليس واضحاً بعد لدى الإدارة الأميركية، ما إذا كانت إسرائيل تعتمد التصعيد حالياً، لكي تتراجع في اللحظة الأخيرة ما قبل خطاب أوباما، وتقدم ايجابيات في شأن المطلب الأميركي اليها وقف الاستيطان، لتسهيل إعلان الخطة بالكامل، ام انها ستبقى مصرة على موقفها وليست مستعدة للتجاوب، وان الموضوع ليس مناورة. فإذا لم يتحرك المسار الفلسطيني الإسرائيلي، الذي هو أساسي في الصراع العربي الإسرائيلي، والمسار السوري الإسرائيلي لا يزال مجمداً، فإن المسار اللبناني الإسرائيلي لن يتحرك. حتى ان الفكرة الأميركية التي كانت طرحت بإعادة اجتماعات لجنة الهدنة اللبنانية الإسرائيلية المتوقفة منذ الستينات كمدخل للتفاوض اللبناني الإسرائيلي، لن تصبح واقعية إلا عبر مؤتمر دولي للسلام يعمل على تكريسها. وبغير المؤتمر الشامل لن يتمكن لبنان من القبول بالتفاوض الثنائي.
وأمام واشنطن مهمة صعبة لاستئناف العملية السلمية، وهي في تفاؤلها الكبير مع تسلم أوباما الحكم تجاوزت الواقع، الى ان عمل الموقف الإسرائيلي على فرملة هذا التفاؤل. فهل تحمل الإدارة هذه العرقلة سياسياً وكيف يمكنها تخطيها؟.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00