تميل أغلبية المعطيات الديبلوماسية الى التوقع بأن يواجه التكليف الحكومي المقبل في ضوء الاستشارات النيابية التي سيجريها رئيس الجمهورية ميشال سليمان، الأزمة نفسها التي واجهها تكليف الرئيس سعد الحريري تأليف الحكومة، ما دامت الظروف الموضوعية المتصلة بالعلاقات الدولية الاقليمية باقية على حالها في المستقبل القريب.
لذلك يبدأ النظر الى المناسبات والاستحقاقات العربية أو الدولية، والتطلع الى ما قد تحمله من مستجدات تنعكس ايجاباً على ملف تشكيل الحكومة، من خلال اختراق ما، أو تقاطع لحظة دولية اقليمية مؤاتية تكسر الجمود الحاصل. وثمة استحقاقان، الأول: في المملكة العربية السعودية حيث دعي بعض القادة العرب الى افتتاح الأكاديمية السعودية، والثاني: اللقاءات التي ستعقد على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وفي الاثنين سيكون الوضع اللبناني في المحادثات بين القادة ووزراء الخارجية، اذ ستعقد قمم مصغرة، تعطي في نتيجتها مؤشرات الى إمكان وجود حلول أم لا. مع الاشارة، الى ان ما كان تحقق في السابق قبل الجمود الحالي، لم يكن أكثر من التفاهم على أجواء التهدئة، وان الحوار الأميركي السوري لم يكن الا في مراحله الأولية، وقد تركز على الموضوع العراقي، بحيث كان رفض من الادارة الأميركية للبحث مع دمشق في سلة مواضيع المنطقة في وقت واحد.
فإذا ما نتج عن اللقاءات المرتقبة، استعادة مسار اكتمال العلاقات السعودية السورية، والسعودية المصرية السورية، ستتألف الحكومة من دون عراقيل، لأن الأسباب التي كانت وراء تعثر التأليف ليست أسباباً واقعية. وفي مرحلة الانتظار هذه، يبقى التفاهم قائماً على ان لا قرار بتفجيرات أمنية في لبنان، وهناك فقط خشية من دخول العامل الاسرائيلي على الخط اللبناني، للإمعان في خربطة الوضع اللبناني، لاسيما ان التصعيد الاسرائيلي ضد احتمال اعلان الرئيس الأميركي باراك أوباما خطته للسلام في الشرق الأوسط، ساهم في الجمود الاقليمي، مضافاً الى الوضع الناشئ السوري العراقي، والطرح الايراني والتعامل الدولي معه. وعلى الرغم من محاولة تطويق الوضع السوري العراقي، الا انه أسهم في الخربطة، ولم يكن الطرح العراقي بقيام محكمة سوى مناورة، مع استبعاد تحقيقها بالفعل حالياً، لكنه اثر في الموقف السوري، وأعيد النظر فيه.
وتؤكد المعطيات ان هناك استبعاداً لأن يكون حزب الله وراء اطلاق القذائف من لبنان على اسرائيل ومن منطقة عمليات اليونيفيل. ولا يزال لبنان ينتظر التحقيق الذي يجريه الجيش حول تفاصيل الحادث والرد الاسرائيلي عليه. كما ان هناك استبعاداً لحصول أي تصعيد في الجنوب، حيث لا مصلحة لأي فريق في القيام بذلك في هذه المرحلة، انما الحذر يبقى قائماً.
أما اذا استمر الجمود لأشهر اضافية، بفعل عدم تمكن الرئيس أوباما من طرح خطته للسلام، والاكتفاء بالتشديد على سعيه الى طرح خطة متكاملة، وبقي الحوار الأميركي السوري، والحوار الأميركي الايراني في مرحلة متعثرة، فإن مرحلة تشكيل الحكومة اللبنانية ستطول لأشهر، إلا اذا جرى التفاهم على حكومة تكنوقراط. واذا ما طالت الأزمة ستزداد مهمة حكومة تصريف الأعمال، في انتظار المستجدات. وبدأ رئيس هذه الحكومة فؤاد السنيورة استعادة تكثيف جهوده لتسيير شؤون البلاد، فيما يقوم وزير الخارجية والمغتربين فوزي صلوخ بتمثيل لبنان في اللقاءات الوزارية الخارجية كما لو لم تكن الحكومة حكومة تصريف أعمال.
ومع ان قطر عادت لتطرح امكاناتها باستضافة مؤتمر دوحة جديد للمسؤولين اللبنانيين من أجل تشكيل الحكومة، فإن المعطيات لا ترى ان الظروف الحالية مؤاتية للسير في هذا الطرح، بسبب الاعتقاد ان الأمور لم تصل بعد الى حائط مسدود، وانه يجب ايضاً مراعاة مواقف الدول العربية المحورية المؤثرة، ومعرفة مدى استعدادها لقبول مثل هذه الفكرة.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.