بدا لافتاً الموقف الأوروبي بشأن العرقلة التي يواجهها تشكيل الحكومة، وخصوصاً حيال ما تضمنه بالنسبة الى سوريا بعد نحو عام ونصف العام على بدء الخطوات الانفتاحية عليها.
ويأتي هذا الموقف، بعد إطلاع الدول عبر القنوات الديبلوماسية، على الموقف السوري الذي يقول ان لا دخل لسوريا في ما يحصل في الوضع الحكومي اللبناني، وان أحداً لم يقصدها لبذل جهد أو القيام بدور تذليلي للعقبات. ولا تقصد بذلك، بحسب التقارير، المسؤولين الأوروبيين الذين قصدوها باستمرار لبحث شؤون لبنان والمنطقة، انما تقصد القيادة السعودية والرئيس المكلف للحكومة سعد الحريري. ما يظهر ان دمشق تريد من الاثنين ان يطلبا إليها مباشرة المساعدة، وان العرقلة تعود الى ان سوريا تفضل زيارة الحريري اليها قبل التشكيل وليس بعده.
لكن مصادر ديبلوماسية ناشطة في العاصمة الفرنسية، تؤكد عدم وجود رغبة لدى الفرنسيين أو الأوروبيين بالتدخل مباشرة في عملية التشكيل، على الرغم من تمنياتهما الشديدة بأن تنجز التشكيلة وتعلن في أقرب وقت. كما انه ليس لديهما نية لارسال موفدين الى دمشق لهذا الغرض. وبالتالي فانهما يعتقدان ان مبادرة الحريري تمت باطار دستوري ولا اشكال عليها ويشجعان على الاستمرار بالحوار لتشكيل الحكومة وان لا تتخطى المدة المعقولة والمقبولة كما يعتبران ان الحوار الأوروبي مع سوريا لا يشتمل على الملف اللبناني فقط، لكنهما يحرصان شديد الحرص على سيادة لبنان واستقلاله، وانهما لا يستبعدان السبب الداخلي للعرقلة. وبالتالي فان الكلام الأوروبي هو مبدأ عام ومعنوي انما من المستبعد ان يحمل بعداً في اتجاه محدد، خصوصاً أنه صدر بعدما سلم رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري مشروع الحكومة الى رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان. وخصوصاً أيضاً أن التوقع الأوروبي لمصير التشكيلة ليس سلبياً، بل ثمة أمل كبير في ايجاد الحل الملائم للنقاط العالقة، على أساس ان ليس لأي فريق مصلحة في اللجوء الى السلبية. فالوضع اللبناني لا يزال مضبوطاً في سياق الإطار العام للتوافق، وان العلاقات الأميركية الإقليمية هي قيد بلورة ما للخطوات التنفيذية، وتحديد أسلوب ذلك وتوقيته. من هنا يستمر الى حد كبير هدوء الوضع، الى ما بعد انتهاء فترة الاصطياف، والتي فيها تم الحفاظ على معادلة حكومة تصريف أعمال أفضل من حكومة تشكل وتكون تفجيرية منتصف هذه الفترة، ما دامت ظروف انضاج حكومة وحدة وطنية لم تتحقق. انما ذلك لا ينفي الخوف الموجود من السلبية.
وترى المصادر، ان فرنسا والأوروبيين الذين يتمسكون بوقوفهم على مسافة واحدة من جميع الأفرقاء، لن يتدخلوا في الشأن الداخلي ولا في تشكيل الحكومة، ولا لتوزير شخص أو عدم توزير آخر. وإذ تلفت، الى أهمية تطور الموقف بين كل من السعودية ومصر وسوريا وإيران، على الموضوع الحكومي، وتأثيره المباشر عليه، تشير الى انه يبقى في إطار هذه الحلقة الرباعية، وان الطابع الخارجي للأزمة الحكومية يقع في إطارها، وباتت كل الأطراف الدولية تدرك ذلك. إلا أن هناك عوامل عدة تنعكس على تفضيل عدم التدخل في الشأن الداخلي الى حد بعيد، وهو الموقف الفرنسي الجديد حيال سوريا والذي يستمر في إعطائها الفرص لتحسين السلوك. إلا أن ظروف العلاقات الفرنسية الإيرانية لا تؤثر على الأداء الفرنسي حيال الوضع الداخلي اللبناني.
ويرتبط توجه الاتحاد الأوروبي بمدى وجود دول أعضاء ترغب في إظهار قناعة ما، بأن سوريا هي وراء العرقلة أو عدم إظهارها، وفقاً لمعلوماتهم التي قد تكون تتناول وجود جهات أخرى تعرقل.
في حين، وعلى الرغم من تنسيق المواقف الفرنسية الأميركية، فإن مصادر غربية، تعزو العرقلة الحكومية، الى وجود محاولة سورية جديدة، في الظرف الحالي من تبدل الأولويات الأميركية الدولية، لبذل أقصى الاستعدادات للدخول سياسياً، بالطريق الفضلى، وإعادة العمل لتوسيع نفوذها في لبنان، إن تمكنت من ذلك عبر أصدقائها فيه. ما يفسر شد الحبال الداخلي حول تشكيل الحكومة، بهذه الطريقة وبواسطة استعمال هؤلاء الأصدقاء. ولذلك، تشير المصادر، الى ان تحميل المعارضة الأميركيين مسؤولية التعثر الحكومي، في غير محله. انما هناك جهد إقليمي لاستعادة النفوذ، في الوقت الذي تعتبر الإدارة الأميركية، ان المسار اللبناني العام، يسير بهدوء، وان الانتخابات النيابية أجريت وكانت نتيجتها جيدة بفوز الأكثرية، وان التعقيدات التي تواجه تشكيل الحكومة تُحل مع الوقت، ولن تستمر. كما ان الدعم الأميركي للبنان لن يتغير، انما لديه مشكلة داخلية شديدة التأثير. حتى ان الدعم العسكري يصل لبنان باستمرار، والدعم المالي للتنمية ازداد بعد إقرار الكونغرس أخيراً موازنة للبنان لسنة 2010، بمبلغ 225 مليون دولار أميركي، هي مضافة الى ما أقر سابقاً وبلغ مجموعه نحو مليار دولار.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.