حتى الآن لم تُدرج بيروت على لائحة عواصم المنطقة، التي سيقصدها الموفد الرئاسي الأميركي لشؤون الشرق الأوسط جورج ميتشل خلال الأيام المقبلة، ذلك ان زيارته بيروت، وتوسيع جولته التي ستشمل حتماً الأراضي الفلسطينية وإسرائيل لتصل أيضاً الى دمشق، متوقفة على النتائج التي سيحققها في مباحثاته مع المسؤولين في تل أبيب.
إذ ان مصادر ديبلوماسية غربية بارزة، أوضحت ان زيارة ميتشل لإسرائيل، تهدف الى إنعاش خطة الرئيس الأميركي باراك أوباما للسلام والتي يعد لإطلاقها في أقرب فرصة. وهذه الخطة المنتظرة، تحتاج الى إنعاش حقيقي بعد التعثر الواضح على مستوى العلاقات الأميركية الإسرائيلية، في شأن الظروف التي يجب ان تتوافر لإطلاقها، لا سيما ما يفترض توفيره من جانب إسرائيل. والتعثر أدى الى غموض بالنسبة الى الموعد النهائي لإطلاق أوباما للخطة، بحيث قد لا يتناولها خطابه المرتقب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في جلساتها الافتتاحية في 23 أيلول الجاري، انما قد يتم تأجيل ذلك الى تشرين الأول المقبل، وفي نية الإدارة الأميركية من خلال جولة ميتشل، لا سيما زيارته لإسرائيل ان يحقق اختراقاً، مع إسرائيل، يُعد كافياً على الأقل لإطلاق العملية السلمية مجدداً.
ولعل مسألة تجميد المستوطنات هي القضية الأم بالنسبة الى واشنطن، والتي تضع كامل ثقلها للتوصل الى وعد إسرائيلي بتجميد هذه الأنشطة. وتشكل هذه الخطوة بالنسبة الى الإدارة الأميركية "ضمانة" أو "وديعة" يجري تسليفها اليها من جانب إسرائيل، على ان تستثمر لتنطلق منها خطة السلام.
وفي المقابل تنتظر الإدارة، خطوة عربية انفتاحية على السلام مع إسرائيل، يتم العمل لتحديد توقيتها لاحقاً. ويبرز التطبيع أحد أهم الخطوات التي تعمل عليها الإدارة الأميركية بجدية، وهي تعتبر ان ما تحقق على هذا المسار مقبولاً مقارنة مع مرحلة مدريد.
وحتى موعد ايفاد ميتشل الى إسرائيل والمنطقة، لا تزال واشنطن تستشعر ان إسرائيل لا تلبي المطالب الأميركية منها، لإطلاق السلام، وانها تتلاعب في الموقف، وانها تستفيد من الظرف الذي تمر به الإدارة الأميركية من الاحراجات في مواقع عدة في المنطقة، لا سيما في أفغانستان، والقضايا الداخلية التي تواجه الرئيس الأميركي، من أجل السعي للضغط على الإدارة وعدم التجاوب معها، في عملية كر وفر بينهما، وتعزو الإدارة السبب الى الاحراجات الداخلية التي تواجهها إسرائيل، بالنسبة الى وقف الاستيطان، الى حد ان ذلك يمثل نقطة حساسة لدى وزير الخارجية افيغدور ليبرمن الذي يعيش في مستوطنة.
وبالتالي، فإن الهدف من محادثات ميتشل في إسرائيل هو الحصول على التزام في مجال وقف الاستيطان، ثم التركيز مع كل من الفلسطينيين والإسرائيليين على سبل إطلاق المسار الفلسطيني الإسرائيلي، وترتيب شؤونه كأولوية، قبل إطلاق الخطة، وإذا ما تمكن من تحقيق الهدف، سيشكل ذلك إنجازاً في حد ذاته، لانه سيؤدي الى ان يكون خطاب أوباما أمام الأمم المتحدة خطاباً تاريخياً. وإن لم يتمكن ميتشل من تحقيق الهدف، عندها سيكون خطاب أوباما خطاباً عادياً يركز فيه على متطلبات المرحلة الحالية من العمل على تحقيق السلام، تمهيداً للتوصل الى خطاب تاريخي فيما بعد، مع الاحتفاظ بالجهد المتواصل لهذه الغاية.
وتبعاً لذلك، إذا ما حقق ميتشل تقدماً جوهرياً في هدفه لزيارة إسرائيل، يجعله يعتبر، ومعه الإدارة، وجود ما يتطلب زيارته للبنان ولسوريا، فانه سيقوم بالزيارتين خلال جولته، بحيث ان أي التزام إسرائيلي حول وقف الاستيطان سيحرك الاتصالات الأميركية مجدداً مع الدول المعنية بالسلام، بعد الجمود الذي شاب هذا الجهد بسبب موقف إسرائيل.
ويشار الى ان البيان الأميركي الأخير حول موقف إسرائيل من الاستيطان، فاجأ الديبلوماسيين في دول عربية وأوروبية مهمة، الذين وصفوه بأنه قاسٍ وصريح، لا سيما انه جاء اثر لقاء لندن بين ميتشل ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، واتصالات ولقاءات اخرى أميركية إسرائيلية.
ومع هذه الأجواء، يزداد القلق على خطة أوباما المنتظرة، وترقب نتائج مباحثات ميتشل في تل أبيب وما الذي سيستنتجه في تقريره الى الإدارة اثر انتهاء الجولة.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.