لم تشمل جولة مساعد الموفد الأميركي لشؤون الشرق الأوسط فريدريك هوف في المنطقة لبنان، هذه المرة، لأن أهدافها انحصرت بالموضوع العراقي في ما خص العلاقات الأميركية السورية، ولم تتعدّه، الى مواضيع أخرى في سياق النقاش والحوار بين الطرفين حول قضايا عديدة في المنطقة.
إذ تعتقد الإدارة الأميركية، استناداً الى مصادر ديبلوماسية غربية، ان لا تطورات مستجدة حاصلة في الشأن اللبناني، تستوجب الزيارة حالياً، بعدما كان زار بيروت وكذلك مسؤول ملف الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي دانيال شابيرو، قبل ثلاثة أسابيع، واستطلعا من أركان الحكم، المعطيات اللبنانية الداخلية، وبالنسبة الى السلام، والعلاقة مع سوريا.
وتصف المصادر، العلاقات الأميركية السورية، في هذه المرحلة، بأنها تسير وفق معادلة الجزرة والعصا، ففي الوقت الذي وعدت الإدارة في واشنطن سوريا بالنظر في أي طلب تتقدم به للحصول من الولايات المتحدة على قطع الغيار لسلامة الطيران وللتكنولوجيا على سبيل الاستيراد، عمدت الأسبوع الماضي الى تجديد العقوبات عليها. وقد أكد الرئيس باراك أوباما أخيراً انه لا تزال لديه هواجس حول السلوك السوري، انما هناك أملاً بتغيّره. وهو لم يرد على الأسئلة الصحافية المتعلقة بتلبيته الدعوة السورية لزيارة دمشق. في وقت تستبعد المصادر بشدة، ان يتم توجيه دعوة أميركية الى الرئيس السوري بشار الأسد، لزيارة واشنطن قريباً. بحيث ان أي دعوة من هذا النوع، توجه بعد خطوات كبيرة وجوهرية من التقدم في التجاوب السوري مع المطالب الأميركية في المنطقة.
حتى التقويم الأميركي للتعاون السوري في العراق، يلحظ وجوب تعاون أكبر من دمشق، لان التعاون الحالي غير كافٍ. وقد اشترطت دمشق لأجل ذلك، رفع مستوى التمثيل الديبلوماسي، بحيث يصبح واقعاً، بعدما كانت واشنطن قررت تعيين سفير لها في سوريا، لكن لم تسمه بعد.
وعلى الرغم من ان دمشق تسعى لتوجيه رسائل الى الولايات المتحدة حول الصفحة الجديدة التي تنطلق بها في علاقاتها معها، تؤكد المصادر، ان إدارة أوباما تجد ان هناك تغييراً في الأداء السوري لكن بالشكل فقط. إلا انه في المقاربة والمضمون، لا شيء تغير، وهذا ما تستنتجه من الحوار الحاصل، وعلى كافة الأصعدة والمستويات.
انما الهدف من الحوار الأميركي الجاري مع دمشق، هو التغيير الفعلي في المقاربة والمضمون. ومسار هذا الحوار يدور أساساً حول ملفات عدة: الوضع العراقي، والموضوع الفلسطيني الداخلي، وهو الذي يُعد ركيزة لانطلاقة المفاوضات السلمية على المسار الفلسطيني الإسرائيلي، والموضوع السوري الإسرائيلي، والموضوع اللبناني. والحوار يجري بشكل مستقل لكل ملف، وليس هناك من تقديمات أميركية في ملف على حساب ملف آخر.
وتحاول الولايات المتحدة، خلق آلية مع سوريا للتعاون في العراق، حول أمن الحدود العراقية السورية، ومكافحة الخلايا التي تساهم في التفجير والتوتر في العراق.
وثمة تركيز أميركي على الحوار مع سوريا خلال المرحلة الراهنة، وستتوالى اللقاءات والاتصالات لإنجاز آلية التعاون.
أما في ما يتصل بالسلام على المسار السوري الإسرائيلي، فإن واشنطن تعد أفكاراً حول الطريقة الفضلى لاطلاق هذا المسار. ولا مانع لدى واشنطن من استئناف المفاوضات السورية الإسرائيلية غير المباشرة، ولا ترى فيها ضرراً على الاطلاق. وتقبل دمشق ان تستأنف، برعاية تركية، الأمر الذي باتت ترفضه حكومة بنيامين نتنياهو في إسرائيل، وتريد مفاوضات مباشرة وثنائية. وتهتم الإدارة الأميركية، لمعرفة كيف ستتموضع دمشق في تعاملها مع الموقف الإسرائيلي الصريح هذا. ولان كل المشاورات لاطلاق المسارات ثنائياً لم تصل الى نتيجة بعد، يبدو التركيز الأميركي على ترتيب كل طرف للبيت الداخلي أولاً ثم التحضير للانخراط في العملية السلمية.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.