في ضوء التطورات الأخيرة في الجنوب، وردة فعل مجلس الأمن عليها، أجمعت المعطيات الديبلوماسية، في بيروت، على ان ما يناسب إسرائيل في المرحلة الحالية حيث الضغوط على أشدها للعودة الى التفاوض السلمي، هو افتعال مشكلات لتحويل هذه الضغوط عنها واشغال المجتمع الدولي بها، خصوصاً إذا ما كانت متصلة بـاليونيفيل وأدائها لمهمتها. في حين ان ليس من مصلحة لبنان كدولة أو أي فريق سياسي الدخول في نزاعات مع القوة الدولية.
ويعود السبب للمنحى الإسرائيلي الى ان تل أبيب بدأت تظهر أمام الرأي العام الدولي والعربي انها تعرقل فرص السلام والجهود التي تبذل أميركياً وأوروبياً للعودة الى طاولة التفاوض على كل المسارات، وان العلاقات الأميركية ـ الإسرائيلية، والأوروبية ـ الإسرائيلية يشوبها بعض التوتر نتيجة عدم التجاوب من إسرائيل مع متطلبات المناخ المؤاتي والمشجع للسلام. وعلى الرغم من ذلك، تستمر المحاولات الأميركية والأوروبية مع إسرائيل على أمل ان يفيد تكرار المحاولة في تحقيق عناصر ايجابية تساعد الإدارة الأميركية في تسريع الإعلان عن برنامج العودة الى العملية السلمية والآلية المتعلقة بها. وما من شك ان تجديد التحرك الأميركي في اتجاه المنطقة، ينطوي في أحد ابعاده على السعي الى مساعدة الداخل الإسرائيلي لاستيعاب الحل السياسي في المنطقة، وسط استعادة المطلب الأميركي الى الدول العربية بضرورة القيام بفعل ما أو مبادرة ما، حيال موضوع السلام في موازاة التحرك الأميركي، لا سيما وانه بات جلياً أمام المجتمع الدولي، ان هناك استعدادات عربية جيدة للسلام، لكن أي خطوة إضافية أو مبادرة من جانب العرب، قد لا تكون قابلة للتنفيذ، إذا ما استمرت إسرائيل على موقفها، بسبب عدم قدرتهم على بيعها محلياً. وهذا ما تم إبلاغه الى الموفدين الأميركيين والأوروبيين. وعلى الرغم من ذلك، لن يتوقف المسعى الأميركي عند هذا الحد، انما ستستمر واشنطن في عملية تجميع نقاط التلاقي بين الأطراف المعنية بالسلام، بالشكل الكافي مبدئياً لإعلان برنامج العودة الى التفاوض، على ان تبقى النقاط العالقة للبحث لدى الجلوس الى الطاولة، بحيث يتكرس هذا البحث بتوافر ضمانات واضحة.
ولا تقوم إسرائيل في هذه المرحلة الضاغطة دولياً عليها حيال السلام، بافتعال مشكلات مع لبنان، انما أيضاً اخترعت مسألة تطويق القدس لإحراج التحرك الأميركي الحالي.
لذلك، فإن عدم وجود مصلحة للبنان في مشكلات مع اليونيفيل، تنسحب أيضاً على قضية عدم وجود مصلحة لديه للانجرار الى ما يغطي ما تقوم به إسرائيل في القدس. من هنا كانت رسالته الى الأمم المتحدة على سبيل المبادرة للتوضيح، وليس انطلاقاً من ردة فعل، أو انها رهينة لظرف ما.
وبالتالي، لحظ التقييم اللبناني لما صدر عن مجلس الأمن نتيجة النظر في الوضع جنوباً، ان هناك ايجابيات تتمثل في ان الاسلحة الموجودة هي من فترة ما قبل 2006، وان الحادث فردي لن يتكرر، وان العلاقة بين الأهالي واليونيفيل جيدة، والمهم ان النيات الصادقة موجودة، ولبنان متمسك بالقرار 1701. وان ما يُعتبر غير ايجابي، هو إعتبار ان المخزن بإشراف الحزب، كما ان لبنان لم يعلق على بعض النقاط، وعمّم على بعثاته في الخارج هذا الموقف لشرحه أمام حكومات الدول المعتمدين لديها.
وتشير هذه المعطيات، الى انه على الرغم من العلاقة الاستراتيجية بين واشنطن وتل أبيب، إلا ان الصعوبات تلف هذه العلاقات وتنعكس على التأثير المتبادل في المواقف بينهما، لكن ليس الى الدرجة التي يمكنهما الابتعاد فيها احدهما عن الآخر. إلا انه ومنذ اللقاء الذي جمع الرئيس الأميركي باراك أوباما برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، برزت فكرة لدى الإدارة، بتخفيف المساعدات الأميركية لإسرائيل. وهذا إذا ما اتبع يكون بمثابة مسار من شد الحبال بين الطرفين. ويشابه هذا التوجه ما قام به الرئيس جورج بوش الاب، عنما جمّد قروضاً بقيمة 10 مليارات دولار لإسرائيل، ما لبث ان تبع ذلك التفاهم على عقد مؤتمر مدريد للسلام في العام 1991.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.